علم الجرح و
التعديل:
الجرح عند المحدثين هو
الحكم على راوي الحديث بالضعف لثبوتب ما يسلب أو يخل بعدالته أو ضبطه. و التعديل هو
عكسه، و هو تزكية الراوي و الحكم عليه بأنه عدل ضابط.
فعلم الجرح
و التعديل هو ميزان رجال الرواية ، به نعرف الراوي الذي يُقبَل حديثه و نميزه عمن
لا يُقبَل حديثه. و من هنا اعتنى به علماء الحديث كل العناية، و بذلوا فيه أقصى
جهد، و تكبدوا المشاق، ثم قاموا في الناس بالتحذير من الكذابين و الضعفاء المخلطين
و لقد انعقد إجماع العلماء على مشروعيته، بل على وجوبه للحاجة الملجئة إليه.
ولقد
اشتُرِطت شروط لا بد من أن تتوفر في الجارح و المعدل لكي تجعل حكمه منصفاً كاشفاً
عن حال الراوي، كالعلم، و التقوى، و الورع، و الصدق، واليقظة التي تحمله على التحري
و الضبط و أن يكون عالِماً بأسباب الجرح و التعديل و بتصاريف كلام العرب فلا يضع
اللفظ لغير معناه.
ولقد تعجب
علماء الغرب و قالوا نحن لا نتصور أنَّ أي حضارة ينشأ فيها علم كهذا، لأنه علم
يحتاج إلى جهد كبير و إنفاق الأموال و السفر ... و لكن لو علموا كيف كان حب
المسلمين لرسول الله صلى الله عليه و سلم، و كيف كان الواحد منهم يفديه بروحه كما
فعل ذاك الصحابي في معركة أُحُد وهو سيد الأنصار، حيث جعل من نفسه و صدره و وجهه
درعاً لرسول الله صلى الله عليه و سلم، و عندما انتهت المعركة أرسل النبي عليه
الصلاة و السلام يتفقده، جاءه الصحابة فوجدوه ملقياً على الأرض على شفير الموت،
سألوه عن حاله فقال لهم: " كيف رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ قالوا: بخير،
قال:إذاً أنا بخير و الحمد لله ، بلِّغوا عني الأنصار ، لأن متم جميعاً فداءً للنبي
صلى الله عليه و سلم خير لكم من أن يجرح رسول الله صلى الله عليه و سلم بجرح ".
لذلك شعر
علماء المسلمين أنهم بعملهم هذا ( و هو تدوين السنة ) إنما يدافعون عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم و عن حديثه، فكان الواحد منهم يشقي نفسه و يفني عمره بالسهر و
التعب و السفر و إنفاق الأموال في سبيل المحافظة على سنّة الحبيب محمد صلى الله
عليه و سلم ، جزاهم الله تعالى عن أمة الإسلام كل خير