لقد آن لنا
الآن أن نتأمل هذا المصطلح في اللغة ، مصطلح الشباب ثم مصطلح المراهقة ، ثم نرى
أيهما أدق وأصح للاستخدام ، ليعبر عن هذه الفترة من (12-18) من العمر .
الشباب في
اللغة :
الشباب جمع
شاب ن وتجمع شبان كفارس وفرسان ، وقد تجمع على ( شببة ) ككاتب وكتبة ، جاء في
السيرة : لما برز يوم بدر عتبة وشيبة والوليد ، برز لهم شببة من الأنصار ، وقال
ابن عمر رضي الله عنهما : كنت أنا وابن الزبير وشببة معنا ، والمؤنث شابة ، وتجمع
على ( شواب ) .
ومادة ( ش
ب ب ) تشير إلى معنى القوة والفتوة والحداثة والجمال والنماء ، فالشؤبوب هو الدفعة
من المطر ، وأول كل شيء ، وشدة دفعه ، وفرس مشب هائج متمرد عصي القياد ، والشباب
بالكسر النشاط ، ومن معانيها الحداثة والابتداء ، تقول فعل فلان هذا الشيء في
شبابه ، وسافر فلان في شباب الشهر أي في أوله . ومن معاني الشباب الحسن والجمال (
وفي شمال إفريقية يقولون فتاة شابة ويعنون فتاة جميلة ) ، ونقول شبّ الخمار لون
المرأة أي زاد في بياضها وجمالها . ومن معاني الشباب النماء والزيادة ، تقول شبّ
فلان أي كبر وزاد حجمه ، وشبّ عن الطوق أي لم يعد الطوق يدخل في عنقه .
ويسمى
الإنسان من ( 16-40 ) شاباً ، ثم هو كهل حتى ( 60 ) ، ثم هرم بعد ذلك .
ويحدد
المعجم الوسيط فيقول : شبّ الغلام ( شباباً ) : أدرك طور الشباب ، وشبّ النار (
شبوباً ) : توقدت ( والتوقد هنا يشير إلى التغيرات السريعة في طور الشباب ) ،
والشاب : من أدرك سن البلوغ ولم يصل إلى سن الرجولة . إذن هناك مرحلة قبل سن
الرجولة تسمى مرحلة الشباب وتبدأ عند البلوغ
، وتتصف هذه المرحلة بالجمال والقوة ، والنمو السريع المتدفق ، وغالباً
تكون بعد البلوغ وقبل الزواج ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : (( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض
للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ))
([1]) .
ويتضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقصد البالغين الذين لم يتزوجوا ، هؤلاء سماهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم شباباً ، وهذه المرحلة التي تبدأ بالبلوغ وتنتهي
بالزواج ، هي المرحلة التي تسمى اليوم بالمراهقة ، ويجدر بنا أن نسميها كما سماها
رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال : يا معشر الشباب ، ول ميقل يا معشر
المراهقين .
المراهقة
في اللغة :
يقول
القاموس المحيط : ( رهق ) فلان رهقاً : سفه وحمق وجهال . وركب الشر والظلم . وغشى
المآثم . وفي التنزيل ( فزادوهم رهقاً ) : أي زادوهم إثماُ ، ومن معانيها : كذب ،
وعجل ، أما ( راهق ) الغلام : قارب الحلم ، والمراهقة : الفترة من بلوغ الحلم إلى
سن الرشد ، أما ( المراهق ) : الموصوف بالجهل وخفة العقل . أو الرجل الفاسد ، أو
المتهم في دينه .
أما ( أرهق
) الليل : دنا ، وأرهق فلاناً : حمله على ما لا يطيقه . ويقول الدكتور عبدالعزيز
النغيمشي : راهق الغلام فهو مراهق إذا قارب الاحتلام ، ومادة رهق تعني أيضاً السفه
والخفة والعجلة وركوب الشر .
([2]) ولدى
التمعن في معنى المراهقة الشائع بين الناس ، نجد أن السفه والجهل والعجلة من
صفاتها ، فإذا قيل عن الرجل الراشد بأنه مراهق ، فهذا هجاء وذم له ... فالمراهقة
لدى العامة هي الطيش والجنون كما سبق ذكره ...
وقد عمل
الباحث أكثر من عشرين سنة في تدريس المرحلة الثانوية والمتوسطة ، وتعامل فيها مع
الطلاب من العمر ( 13-20 ) سنة ، ومن الظلم للحقيقة أن نقول بأن السفه والخفة
والحمق وركوب الشر صفات ملازمة لأكثرهم ، بل أن هناك مجموعات من هؤلاء الشباب
التقى الباحث بهم في الثانويات ، والمساجد ، والمخيمات الإسلامية ، لا يستطيع
الباحث أن يصف أحدهم بأي من هذه الصفات المذكورة ، بل إن بعضهم يتفوق على بعض
المدرسين بالحلم والأناة والرشد ، وجميع شباب المساجد ، والمخيمات الإسلامية
يتفوقون على بعض الرجال المتخرجين من الجامعات بالحلم والحكمة .
34- متفق عليه ، جامع الأصول (11/426) ، البخاري في الصوم والنكاح ،
ومسلم رقم (1400) في النكاح .
35- عبدالعزيز النغيمشي ، ص 9 .