هم أطفال
المدرسة من (7 - 12) وتسمى مرحلة الطفولة المتأخرة ، أو الهادئة ، لأن الطفل أقل
حركة من الفطولة المبكرة . ولهذه المرحلة خصائص ينبغي أن يعرفها الأب والمدرس
والداعية ، وسيكتفي الباحث بعرض أهم الخصائص الروحية والاجتماعية والخلقية ، أما
الخصائص الجسمية والعقلية فقد أفاضت فيها كتب علم النفس المنقولة عن الثقافة
الغربية .
خصائص
الطفولة الهادئة أولاً :
الخصائص الروحية :
1- يؤمر
الطفل بالصلاة في السابعة ، بعد أن يدرب عليها ، ويرغب فيها قبل ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ،
واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم بالمضاجع ))
([1])ونعني بالصلاة لقاء الطفل مع ربه عز وجل خمس مرات في اليوم والليلة ، وفي هذا
اللقاء نمو للروح وغذاء صحيح لها .
2- يؤمر
الطفل بالصوم ، بعد أن يدرب عليه قبل ذلك ويرغب فيه ، حسب الزمان والمكان ، فإن
كان النهار طويلاً والطقس حاراً ، سمح لابن السابعة والثامنة التدرج في الصوم ،
وإن كان النهار قصيراً والطقس معتدلاً أمر ابن السابعة بصوم رمضان كله إن لم يكن
مريضاً .
3- يستمر
الطفل في المواظبة على جماعة حفظ القرآن الكريم في المسجد وقد التحق بها قبل ذلك ،
ويداوم فيها ساعة كل يوم قبل المغرب أو بعده ، ويواظب على تلاوة القرآن الكريم
وحفظه ، فتصقل روحه وتنمو سليمة كما فطرها الله عز وجل .
4- يولد
الطفل مفطوراً على الحب والكره ، والخوف والرجاء ، وينبغي أن يوجه حب الطفل نحو
الله عز وجل ، فنجعل خوفه من الله عز وجل فقط ، ونربط رجاءه بالله وحده ، ويتم ذلك
بالقدوة الحسنة من أبويه ، وبالتلقين ، والأذكار والأناشيد
([2]).
5- البحث
عن الخالق :
( إن
الفطرة البشرية تتيقظ لوجود خالقها في مرحلة مبكرة جداً ... منذ الطفولة )
([3])قال تعالى
: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ؟
قالوا : بلى ، شهدنا } ( الأعراف : 172 ) . ويمطر الطفل في هذه المرحلة أهله
بالأسئلة ، حتى أن البعض يسمي هذه المرحلة مرحلة السؤال ، وهذا دليل استيقاظ
الفطرة ، والبحث عن الله عز وجل ن وهنا يجيء دور التربية لتأسيس العقيدة السليمة في
نفس الطفل ، في لحظة تهيؤها الفطري لاستقبال العقيدة .
وينبغي أن
تقدم المناهج في المدرسة ، والبيت ، والمسجد ، لهؤلاء الأطفال العقيدة بثوبها
المناسب ، وبلغة يفهمها الطفل ، لا أن تقدم له بأسلوب وألفاظ يعجز المدرسون عن
فهمها !!؟ .
ثانياً :
الخصائص الخلقية :
1- تتحدد
الاتجاهات الأخلاقية للطفل عادة في ضوء الاتجاهات الأخلاقية السائدة في أسرته
وبيئته الاجتماعية
([4]) ، أي أن الطفل يتشرب في هذه المرحلة القيم
الخلقية المحيطة به ، فالكذب حرام ، وهو رذيلة وليس شطارة ، والصدق أمانة وهو
فضيلة ، وفي هذه المرحلة يتقبل الطفل المبادئ الخلقية .
2- يدرك
الطفل معنى الأمانة والصدق والعدالة كمفاهيم بسبب نموه العقلي في هذه المرحلة ،
وتقدمه في فهم المجرد .
3- ومن
الآداب الخلقية التي تغرس في الطفل خلال هذه المرحلة ، وقد بدأ بها منذ الطفولة
المبكرة :
( - خلق
الأدب : والأدب حسن العشرة ، والأخذ بمكارم الأخلاق وقد روى الترمذي عن جابر بن
سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لأن يؤدب الرجل
ولده خير من أن يتصدق بصاع ))
([5]). وتوريث الأدب للأولاد أفضل من توريثهم المال ، ومن أنواع الآداب النبوية :
الأدب مع
الوالدين ومخاطبتهما بالقول الكريم ، وأن يجتهد في إدخال السرور على قلبيهما ، ثم
الأدب مع العلماء ، فالعلماء أرحم بأمة محمد صلى الله عليه وسلم من آبائهم
وأمهاتهم كما يقول الغزالي ( الإحياء : 1/11 ) ، لأن آبائهم يحفظونهم من نار
الدنيا ، والعلماء يحفظونهم من نار الآخرة .
ثم أدب
الاحترام والتوقير ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ليس منا من لم يرحم
صغيرنا ، ويوقر كبيرنا ))
([6]). ثم أدب الأخوة ، والصغير يحترم الكبير ويوقره ، والكبير يرحم الصغير ، ثم الأدب
مع الجار ، وخاصة أن أطفال المرحلة المتأخرة يختلطون مع أقرانهم من أبناء الجيران
، عند ذهابهم إلى المسجد أو المدرسة ولابد من تعويد الطفل على محبة الجار واحترامه
ومساعدته لأنه جار ن وصى به الله ورسوله
([7]).
ب- خلق
الصدق : ووسيلة تثبيته عند الطفل القدوة الحسنة من الوالدين ، وكذبة صغيرة عارضة
من أحد الوالدين أمام الطفل ، قد تكفي لتدمير خلق الصدق عنده ، لأن والده أو
والدته يمثلان النموذج الأفضل للإنسان ، فإذا كذب هذا النموذج ، إذن لا يوجد الصدق
أبداً ، وأخرج أبوداود عن عبدالله بن عامر قال : دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى
الله عليه وسلم قاعد فقالت : تعال أعطك ، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم :
ماذا أردت أن تعطيه ؟ قالت : أردت أن أعطيه تمراً فقال لها : أما إنك لو لم تعطه
شيئاً كتبت عليك كذبة
([8]).
ج- خلق
الأمانة : ومن التدرب على الأمانة حفظ الأسرار ، والصدق في التعامل مع أشقائه
ووالديه ، ومع جيرانه وزملائه في المدرسة ، فالسر أمانة يعطى للطفل ليحفظه ، أو
ينقله إلى شخص بعينه فقط ، دون غيره . ومن وسائل التدريب على الأمانة حسن الظن
بالولد مع المراقبة ، ويمكن أن يسمح له والده بفتح محفظة نقوده ليأخذ مبلغاً
محدداً من المال ، ثم إعادتها إلى مكانها ، مع إنتباه الوالد إلى دقة التنفيذ...
ثالثاً :
الخصائص الاجتماعية :
وأكثر ما
يميز أطفال هذه المرحلة ، التفتح الاجتماعي ، فبعد التمركز حول الذات في بداية
الطفولة ، ثم الاقتصار على علاقات الأسرة في مرحلة ما قبل المدرسة ، تنمو النزعة
الاجتماعية لدى الطفل في هذا العمر ، وأثر المدرسة واضح وهام في النمو الاجتماعي .
وأهم ما يميز هذه المرحلة :
1-
انفصال
الجنسين :
( في هذه
الفترة – قبل البلوغ – يتجمع الصبيان في مجموعات من الذكور لا تقبل الإناث في
وسطها – في العادة – وتتجمع البنات في مجموعات من الإناث لا تقبل الصبيان في وسطها
كذلك )
([9]). وهذه مرحلة انتقالية بين الطفولة حيث لا يتميز الذكور عن الإناث ، ومرحلة البلوغ
حيث يتسارع النمو وتظهر الفوارق البارزة بينهما .
2-
جماعات
الرفاق :
والسعي نحو
الأقران ؛ خطوة أولى نحو الرشد ، حيث إن الرشد يعني الاعتماد على الذات ، بدلاً من
الاعتماد على الأبوين ، فعندما يسعى الطفل نحو الأقران ، يأنس بهم ، ويكون معهم ((
شلة )) لها قيمها وأسرارها ، عندئذ يقلل من تعلقه بوالديه ... ويظهر أثر الفروق
الفردية في هذه المرحلة ، وتتبلور جماعات الرفاق في مرحلة الشباب
( المراهقة
) بشكل واضح جداً ، كما سنرى .
3-
تحمل
المسؤولية :
وتسمى
أحياناً رغبة ( الكبر ) ، فالطفل في هذه المرحلة يضايقه أنه طفل ، ويرغب أن ينظر
إليه الآخرون كرجل وليس كطفل ، ويذكر الباحث عندما كان طفلاً قبل البلوغ ، في
بداية المرحلة الإعدادية ، كان يتضايق لأن النساء لم تكن تحتجب عنه ، وكان إذا مر
من قربهن ، يعلمن بأنه سيمر ، فتقول إحداهن له : - مر يا بني أنت مثل ابني فيتضايق
لذلك ، والألم يجيش في صدره ، لأنهنّ لا يحتجبن عنه ، وهذا يعني أن الآخرين
يعاملونه كطفل ، بينما يريد (( الفتى )) قبل البلوغ أن يعامل كرجل .
وكذلك
الفتاة ، تراها تلبس الحجاب وتقلد النساء في أدبهنّ وحشمتهنّ ، وتريد من الآخرين
أن ينظروا إليها مثل الكبيرات .
68- أبوداود ، (2/161) .
69- خالد شنتوت ، دور البيت في تربية الطفل المسلم ، ص 169 .
70- محمد قطب ، منهج التربية الإسلامية ، ( 2- 161 ) .
71- حامد زهران ، ص 266 .
72- ضعيف ، انظر ضعيف الجامع رقم ( 4645 ) ، وجامع الأصول ( 1- 416 ) .
73- صحيح ، صحيح الجامع (5445) .
74- محمد نور سويد ، ص 161 وما بعدها بتصرف كبير .
75- مشكلة الهاتف في البيت المسلم ، مشكلة يقع فيها بعض المسلمين ،
عندما يطلبه أحد معارفه فيقول لوده : قل له بابا غير موجود ،هذه جريمة خلقية ،
أسأل الله عز وجل أن يشفي المسلمين منها ، وماذا على المسلم ، وهو قدوة لولده ،
ماذا لو قال له : بابا سيكلمك بعد مدة ، أو بابا مشغول الآن ، أما أن يرد عليك
الطفل البريء ، ثم يلح عليك لمعرفة اسمك – كما درب – ثم يقول لك : لحظة كي أرى ،
ثم يعود بعد لحظات ليقول : بابا غير موجود ، بعد أن قال له والده أو أمه : قل له
بابا غير موجود . فهذه جرائم مركبة ، عافانا الله وإياكم منها . ويستطيع الأب أن
يقول لولده إذا كان لا يرغب بالمكالمة ، قل له : ابحث عنه عند فلان أو فلان ، فلا
يكذب ويتخلص من المكالمة .
76- محمد قطب ، ( 2- 199) .