على ضوء
الخصائص المذكورة سابقاً ، تقوم ثلاث مؤسسات تربوية بإشباع حاجات الطفولة المتأخرة
، وهي البيت والمسجد والمدرسة ، وسيتحدث
الباحث عن دور البيت والمسجد ، ويرجئ البحث في دور المدرسة إلى بحث مستقل
بإذن الله عز وجل.
البيت
والطفولة المتأخرة :
يستمر
الأثر القوي للبيت في هذه المرحلة ، ويعاونه المسجد والمدرسة ، لكن الأثر الأقوى
مازال للبيت ، خاصة إذا عرف الوالدان كيف ينقلان مركز الثقل من البيت إلى المسجد
أو المدرسة ، بطريقة غير مباشرة ، وبذلك يمتد أثر البيت القوي حتى نهاية مرحلة
الطفولة ، ويمتد كذلك حتى مرحلة ( الشباب ) أو (( المراهقة )) كما يقولون .
1- إشباع
الحاجات الروحية :
قال تعالى
: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ...
الآية } ( التحريم – 6 ) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : (( ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه
أو يمجسانه ))
([1]) .
فالأبوان
مكلفان بوقاية أولادهما من النار ، وأهم ما يفعلانه تنمية أرواحهم وربطها بخالقها
على الدوام كما يلي :
أ- ترغيب
الأطفال في الصلاة والصوم قبل السابعة بشتى الوسائل المذكورة في الطفولة المبكرة
([2]).
ب- تلقينهم
السور القصيرة في القرآن الكريم ، والأذكار والأناشيد وقصص الأنبياء وسيرة الرسول
صلى الله عليه وسلم
([3]).
ج- أمرهم
بالصلاة وهم أبناء سبع ، تنفيذاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مروا أولادكم
بالصلاة في سبع سنين ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم بالمضاجع ))
([4]) .والجديد بعد السابعة هو المتابعة المستمرة
من الوالدين ، ليؤدي الطفل المميز الصلوات الخمس ، جماعة في المسجد ، وهو الأفضل ،
وحتى يعتاد الطفل على ذلك لابد أن يصبر الوالدان ولا يملا من المتابعة والمراقبة .
د- يقيم
البيت المسلم حفلة بسيطة ، عند دخول الطفل السنة السابعة من عمره ، يدعو إليها
أقرانه مع أسرهم ، وتقدم فيها الحلوى لهؤلاء الأطفال أبناء السابعة ، ويتخللها حفل
ثقافي يقرأ فيه هؤلاء الأطفال الفاتحة وعدة سور قصيرة ، وتجرى فيه مسابقة عن أوقات
الصلاة وعدد ركعاتها ...
([5]) .
هـ - يشجع
الوالدان الطفل في هذه المرحلة على حفظ القرآن الكريم ، وتنمو الحافظة عند الطفل
بعد السابعة (( وينمو التذكر مع الفهم بدلاً من التذكر الآلي ، وتزداد قدرة الطفل
على الحفظ ، ويزداد مدى الانتباه ومدته وحدته ، وينمو التفكير من التفكير الحسي
إلى التفكير المجرد ... ))
([6]). ويرى الباحث أن الطفل العادي يتمكن من حفظ نصف صفحة في اليوم بعد التاسعة من
عمره ، بينما يحفظ الطفل ذو الذكاء الجيد صفحة واحدة كل يوم ، أما الذكي والمتفوق
فيمكن أن يحفظ صفحتين في اليوم الواحد بعد العاشرة من العمر ، وعلى ذلك يتمكن
الطفل العادي من حفظ القرآن الكريم ومراجعته عدة مرات قبل البلوغ ، هذا فيما لو
واظب على جماعة تحفيظ القرآن الكريم في المسجد لمدة ساعة واحدة يومياً منذ السابعة
من عمره وحتى البلوغ.
ودور الأب
: المتابعة ، والمكافأة ، والمساعدة ، وتكون المتابعة بزيارة جماعة التحفيظ مرة في
الأسبوع ، ويكافئ أطفاله كلما حفظوا جزءاً من المصحف بمكافأة تتناسب مع عمرهم ،
ويساعدهم بأن يسمع لهم المراجعة كلما سنحت له الفرصة ، ويكسب عدة أجور في آن واحد
، أهمها تلاوته للقرآن الكريم مع ولده . مما يرضي الله عز وجل .
وباعتياد الطفل على الصلاة ، والصوم ، وتلاوة القرآن وحفظه ، تنمو روحه حسب فطرتها
، لأنها تكون على صلة مستمرة بالله عز وجل .
77- ذكره السيوطي في الجامع الصغير وصححه ، جامع الأصول ( 1- 268 ) .
78- من هذه المرغبات : يرغب الطفل في الصلاة منذ الثالثة ، فقد أودع
الله فيه حب تقليد الكبار ، ومنذ الرابعة يعلم فروض الوضوء واستقبال القبلة وستر
العورة ، وأوقات الصلاة ، وفي السادسة يعلم هيئة الصلاة ( أركانها ) ، وسورة
الفاتحة والتسبيح والأذكار ، وتعويده على المسجد . كما يعود على الصيام ( درجات
المآذنة ) وهو أن يصوم حتى الظهر ثم يفطر ثم يصوم حتى المغرب ( كما يقول الشيخ علي
الطنطاوي ) .
79- انظر ، دور البيت في تربية الطفل المسلم ، للباحث .
80- أبوداود ، ( 2- 161 ) .
81- انظر أحمد القطان ، دور الآباء في تربية الأبناء .
82- حامد زهران ، ص 215 .