تجتمع في هذه الآية
قال تعالى((مُحَمَّدٌ
رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً
مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ
السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي
الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى
عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً
وَأَجْراً عَظِيماً))[الفتح آية: (29)]
بهذه الحروف نستطيع أن نشكل بها صنفين من الكلام والمقال
إما أن يكون حسن وإما أن يكون عكس ذلك فالخيار لنا ونحن من نقرر ذلك
فالحروف الأبجدية هيا كما هيا لا تتغير في الصنفين بل يتغير معنى الكلام أو المقال حسب استخدام تلك الحروف من قبل الكاتب
إذاً نستنتج مما سبق أن عقلية الكاتب وفكرة هيا الصورة التوضيحية لتلك الحروف
والمثال على ذلك لنعتبر أن أحد منا يحب التقاط الصور الفوتوغرافية فإذا
كان هذا الشخص يلتقط صور حسنة وجميلة فهذا يدل على أنه حسين الطبع وصاحب
ذوق رفيع ويتميز بذهن صافي وإذا كان يلتقط صور مخيفة وبذيئة وغير لائقة
فهذا يدل على طبعة البذيء وذوقه السيئ وعقليته الضعيفة والمحدودة المنحصرة
في دائرة الفساد
من هذا المثال ننطلق نحو الحرف والمعنى والفكر
نجد أنه في المرتبة الأولي :الحرف :
ثم يأتي في المرتبة الثانية : المعني :
ثم يأتي في المرتبة الثالثة والنهائية: الفكر :
الحرف + المعنى = الفكر
هذا هو الناتج الطبيعي لمعادلة المقال والكتابة والكلام
نأتي للبلاغة وسر البراعة
مما لا شك فيه أنه لم يخلق أحد على وجه الأرض وهو عالم أو متعلم وعلوم
اللغة العربية متشعبة ولها أبواب عديدة وبحور عميقة لا قرار لها .
ولكن لا ضرر أن نأخذ من هذه الأبواب مفاتيحها ونرتوي قطرات معدودة من بحورها فتكون لنا عونان على طرح المقال والكتابة مع الكلام ..
والبلاغة ليست أن يطول المقال أو الزيادة في الكلام
بل البلاغة فن اللغة وهذا الفن ليس بمحصور على مؤلف ولا على كاتب بل باب
مفتوح لكل صاحب لفظ ولسان وأجمل وأعظم البلاغة والفظ الحسن نجدها في القرآن
الكريم وهي أعلا مراتب البلاغة وسر النجاح للبلغاء ..
فقد ذكر الثعلبي في كتابة ( أساس البلاغة )
(فيما نَطَقَ بِهِ القرآنُ منْ ذلكَ وجاءَ تفسيرُهُ عنْ ثِقاتِ الأئمةِ)
وهذا جزء موجز لما كتبة الثعلبي
كلُّ ما عَلاك فأظلَّك فهو سماء كلُّ أرض مُسْتَوِيَةٍ فهي صَعيد كلُّ حاجِزِ بَينَ
الشَيْئينِ فَهو مَوْبِق كل بِناءَ مُرَبَّع فهوَ كَعْبَة كلُّ بِنَاءٍ عال فهوَ صَرْحٌ كلُ شيءٍ
دَبَّ على وَجْهِ الأرْضِ فهو دَابَّةٌ كلُّ ما غَابَ عن العُيونِ وكانَ مُحصَّلا في
القُلوبِ فهو غَيْب كلُّ ما يُسْتحيا من كَشْفِهِ منْ أعضاءِ الإِنسانِ فهوَ عَوْرة كلُّ
ما أمْتِيرَ عليهِ منَ الإِبلِ والخيلِ والحميرِ فهو عِير كلُّ ما يُستعارُ من قَدُومٍ أو
شَفْرَةٍ أو قِدْرٍ أو قَصْعَةٍ فهو مَاعُون كلُّ حرام قَبيحِ الذِّكرِ يلزَمُ منه الْعارُ كثَمنِ
الكلبِ والخِنزيرِ والخمرِ فهوَ سُحْت كلُّ شيءٍ منْ مَتَاعِ الدُّنْيا فهو عَرَض كلُّ
أمْرٍ لا يكون مُوَافِقاً للحقِّ فهو فاحِشة كلُّ شيءٍ تَصيرُ عاقِبتُهُ إلى الهلاكِ فهو
تَهْلُكة كلُّ ما هَيَجتَ بهِ النارَ إذا أوقَدْتَها فهو حَصَب كلُّ نازِلةٍ شَديدةٍ بالإِنسانِ
فهي قارِعَة كلُّ ما كانَ على ساقٍ من نَباتِ الأرْضِ فهو شَجَرٌ كلُّ شيءٍ من
النَّخلِ سِوَى العَجْوَةِ فهو اللَينُ واحدتُه لِينَة كلُّ بُسْتانٍ عليه حائطٌ فهو حَديقة
والجمع حَدَائق كلُ ما يَصِيدُ من السِّبَاعِ والطَّيرِ فهو جَارِح ، والجمعُ جَوَارِحُ.
الفصل الثاني (في ذِكْر ضُرُوبٍ مِنَ الحَيَوان) (عن اللَّيث عنِ الخليلِ وعنِ
أبي سعيدٍ الضرير وإبنِ السَّكِيتِ وابنِ الأعرابي وغيرِهم مِنَ الأئمّةِ) كلُّ دابَّةٍ
في جَوْفِها رُوح فهي نَسَمَة كُلُّ كرِيمَةٍ منَ النساءِ والإبلِ والخَيْل وَغَيْرِها فهي
عَقِيلة كلُّ دابةٍ اسْتُعْمِلَتْ مِنَ إبل وبقرٍ وحَميرٍ ورَقِيقٍ فهيَ نَخَّة ولا صدَقَةَ فِيها
كلُّ امرأةٍ طَرُوقَةُ بَعْلِها وكلُّ نَاقةٍ طَرُوقَةُ فَحْلِها كُلُّ أخْلاطٍ مِنَ الناس فَهم
أوْزَاع وأعناق كلُّ ما لَه ناب ويَعْدُو على النّاسِ والدَّوابِّ فَيفْتَرِسُها فهو سَبع
كلُّ طائرٍ ليسَ منَ الجوارحِ يُصادُ فهو بُغَاث كلُّ ما لاَ يَصيدُ من الطيرِ
كالخُطّافِ والخُفّاش فهو رُهَام كلُّ طائرٍ له طَوْق فهو حَمَامٌ كلُّ ما أشْبَهَ رَأسهُ
رُؤُوس الحَيَّاتِ والحَرَابِي وسَوَامَّ أبْرصَ ونحوِها فهو حَنَش