ولا غرابة
أن يجد الفتى والفتاة والناس كافة الضنك والشقاء إذا انحرفوا عن شريعة الله عز وجل
، فالله هو الخالق العليم الخبير ، الذي خلق الناس كافة ، وأودع فيهم فطرته وبلغهم
رسالاته ، ليعيشوا دنياهم ، ويستعدوا لآخرتهم على منهج هذه الرسالات السماوية ،
فإذا تبعها الناس كانت لهم سعادة الدارين ، ومن أعرض عنها واجه التعاسة والشقاء
والقلق والاضطراب ، والأمراض الجسدية والنفسية ، والآلام في الدنيا والآخرة ، قال
تعالى في كتابه الحكيم : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ،
ونحشره يوم القيامة أعمى ... } ( طه : 124 ) أي من خالف أمري وما انزلته على
رسولي ، أعرض عنه وتناساه ، وأخذ من غير هداه ، فإن له معيشة ضنكاً ، أي في الدنيا
، فلا طمأنينة له ، ولا انشراح لصدره ، بل صدره ضيق حرج لضلاله ، وإن تنعم بظاهره
، ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن ما شاء ، فإن قلبه في قلق وحيرة وشك ، قال ابن
عباس : الضنك : الشقاء ، وقال الضحاك : هو العمل السيء والرزق الخبيث ( تفسير ابن
كثير ) .
وقد سبق
قوله عز وجل : { ... فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى } ( طه : 123). وهكذا
يتم التوكيد ، فسعادة الدنيا والآخرة في اتباع منهج الله عز وجل ، وشقاء الدنيا
والآخرة في الانحراف عن هذا المنهج