الجهاد
والصبر عند الشدائد
ثم
حث تعالى على الجهاد والصبر عند الشدائد فقال{وَلا تَهِنُوا فِي
ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} أي لا تضعفوا في طلب عدوكم بل جدّوا فيهم وقاتلوهم
واقعدوا لهم كل مرصد {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا
تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} أي إِن كنتم تتألمون
من الجراح والقتال فإِنهم يتألمون أيضاً منه كما تتألمون ولكنكم ترجون من الله
الشهادة والمثوبة والنصر حيث لا يرجونه هم {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا
حَكِيمًا} أي عليماً بمصالح خلقه حكيماً في تشريعه وتدبيره، قال
القرطبي: نزلت هذه الآية في حرب أُحد حيث أمر صلى الله عليه وسلم بالخروج في
آثار المشركين وكان بالمسلمين جراحات وكان أمر ألا يخرج معه إِلا من حضر في تلك
الوقعة، وقيل: هذا في كل جهاد.
القضاء
بالحق والعدل
{إِنَّا
أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا
أَرَاكَ اللَّهُ}
أي إِنا أنزلنا إِليك يا محمد القرآن متلبساً بالحق لتحكم بين الناس بما عرّفك الله
وأوحى به إِليك {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} أي لا تكن مدافعاً
ومخاصماً عن الخائنين تجادل وتدافع عنهم، والمراد به "طعمة بن أبيرق" وجماعته
{وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ} أي استغفر الله مما هممتَ به من الدفاع عن طُعْمة
اطمئناناً لشهادة قومه بصلاحه {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} أي
مبالغاً في المغفرة والرحمة لمن يستغفره .
{وَلا
تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ}
أي لا تخاصم وتدافع عن الذين يخونون أنفسهم بالمعاصي {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} أي لا يحب من كان مفرطاً في الخيانة منهمكاً في
المعاصي والآثام {يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ
اللَّهِ} أي يستترون من الناس خوفاً وحياءً ولا يستحيون من الله وهو أحق بأن
يُستحيا منه ويخاف من عقابه {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى
مِنْ الْقَوْلِ} أي وهو معهم جل وعلا عالم بهم وبأحوالهم سمع ما يدبرونه في
الخفاء ويضمرونه في السر من رمي البريء وشهادة الزور والحلف الكاذب {وَكَانَ
اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} أي لا يعزب عنه شيء منها ولا يفوت
.
ثم
قال تعالى توبيخاً لقوم طُعْمة {هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي هاأنتم يا معشر القوم دافعتم عن السارق والخائنين في
الدنيا {فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي فمن
يدافع عنهم في الآخرة إِذا أخذهم الله بعذابه؟ {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ
وَكِيلاً}؟؟ أي من يتولى الدفاع عنه ونصرتهم من بأس الله
وانتقامه؟
ثم
دعاهم الله تعالى إِلى الإِنابة والتوبة فقال {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ
يَظْلِمْ نَفْسَهُ} أي من يعمل أمراً قبيحاً يسوء به غيره كاتهام بريء أو يرتكب
جريمة يظلم بها نفسه كالسرقة {ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ
غَفُورًا رَحِيمًا} أي ثم يتوب من ذنبه يجد الله عظيم المغفرة واسع الرحمة،
قال ابن عباس: عرض اللهُ التوبة بهذه الآية على بني أُبيرق {وَمَنْ
يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا
حَكِيمًا} أي من يقترف إِثماً متعمداً فإِنما يعود وبال ذلك على نفسه وكان الله
عليماً بذنبه حكيماً في عقابه {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا} أي
من يفعل ذنباً صغيراً أو إِثماً كبيراً {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ
احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} أي ثم ينسب ذلك إلى بريء ويتهمه به
فقد تحمّل جرماً وذنباً واضحاً.
ثم
بين تعالى فضله على رسوله فقال {وَلَوْلا فضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ
لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} أي لولا فضل الله عليك بالنبوة
ورحمته بالعصمة لهمت جماعة منهم أن يضلوك عن الحق، وذلك حين سألوا الرسول صلى الله
عليه وسلم أن يبرئ صاحبهم "طُعْمة" من التهمة ويلحقها باليهودي فتفضل الله عز وجل
على رسوله بأن أطلعه على الحقيقة {وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ} أي
وبال إِضلالهم راجع عليهم {وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ}{وَأَنزَلَ
اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} أي القرآن والسنة فكيف يضلونك وهو
تعالى يُنزل عليك الكتاب ويوحي إِليك بالأحكام {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ
تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} أي علمك ما لم تكن تعلمه
من الشرائع والأمور وكان فضله تعالى عليك كبيراً بالوحي والرسالة وسائر النعم
الجسيمة.
حالات
النجوى الخيِّرة، والتحذير من مخالفة الرسول صلى الله عليه
وسلم
المنَــاسَـــبَة:
لما
ذكر تعالى قصة طُعْمة وحادثة السرقة التي اتهم بها اليهودي البريء ودفاع قومه عنه
وتآمرهم في السرّ لإِيقاع البرئ بها، ذكر تعالى هنا أن موضوع النجوى لا يخفى على
الله وأن كل تدبير في السرّ يعلمه الله، وأنه لا خير في التناجي إِلا ما كان يقصد
الخير والإِصلاح، ثم ذكر تعالى أن مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم جرمٌ عظيم
وحذَّر من الشيطان وطرق إغوائه، ثم عاد الحديث إلى التحذير من ظلم النساء في
ميراثهِن وأكد على وجوب الإِحسان إِليهن، وأعقبه بذكر النشوز والطريق إِلى الإِصلاح
بين الزوجين إِما بالوفاق أو بالفراق.
سبب
النزول:
أ-
لما سرق "طعمة بن أبيرق" وحكم النبي صلى الله عليه وسلم عليه بالقطع هرب إلى مكة
وارتد عن الإِسلام فأنزل الله {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115].
{لا
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ}
أي لا خير في كثير مما يُسرّه القوم ويتناجون به في الجفاء {إِلا مَنْ أَمَرَ
بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} أي إلا نجوى من أمر
بصدقةٍ ليعطيها سراً أو أمر بطاعة الله، قال الطبري: المعروف هو كل ما أمر
الله به أو ندب إليه من أعمال البر والخير، والإِصلاح هو الإِصلاح بين المختصمَين
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} أي ومن يفعل ما أمر
به من البر والمعروف والإِصلاح طلباً لرضى الله تعالى لا لشيء من أغراض الدنيا
{فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} أي فسوف نعطيه ثواباً جزيلاً هو
الجنة، قال الصاوي: والتعبير بسوف إشارة إلى أن جزاء الأعمال الصالحة في
الآخرة لا في الدنيا لأنها ليست دار جزاء .
{وَمَنْ
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى}
أي يخالف أمر الرسول فيما جاء به عند الله من بعد ما ظهر له الحق بالمعجزات
{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} أي يسلك طريقاً غير طريق
المؤمنين ويتبع منهاجاً غير منهاجهم {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ
جَهَنَّمَ} أي نتركه مع اختياره الفاسد وندخله جهنم عقوبة له {وَسَاءَتْ
مَصِيرًا} أي وساءت جهنم مرجعاً لهم.
التحذير
من الشرك والشيطان وطرق إغوائه، وجزاء الإيمان والعمل
الصالح
{إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ}
أي لا يغفر ذنب الشرك ويغفر ما دونه من الذنوب لمن يريد {وَمَنْ يُشْرِكْ
بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا} أي فقد بَعُد عن طريق الحق والسعادة
بعداً كبيراً {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا} أي ما يدعو هؤلاء
المشركون وما يعبدون من دون الله إلا أوثاناً سموها بأسماء الإِناث "اللات والعزى
ومناة" قال في التسهيل: كانت العرب تسمي الأصنام بأسماء مؤنثة {وَإِنْ
يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا} أي وما يعبدون إلا شيطاناً متمرداً بلغ
الغاية في العتو والفجور وهو إبليس الذي فسق عن أمر ربه .
{لَعَنَهُ
اللَّهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا}
أي أبعده الله عن رحمته فأقسم الشيطان قائلاً: لأتخذنَّ من عبادك الذين أبعدتني من
أجلهم نصيباً أي حظاً مقدراً معلوماً أدعوهم إلى طاعتي من الكفرة والعصاة وفي صحيح
مسلم يقول الله تعالى لآدم يوم القيامة "إبعثْ بعثَ النار فيقول: وما بعثُ النار؟
فيقول من كل ألفٍ تسعمائةٌ وتسعة وتسعون" {وَلأُضِلَّنَّهُمْ
وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ} أي لأصرفَنَهم عن طريق الهدى وأعدهم الأماني الكاذبة
وألقي في قلوبهم طول الحياة وأن لا بعث ولا حساب {وَلآمُرَنَّهُمْ
فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ} أي ولآمرنهم بتقطيع آذان الأنعام، قال
قتادة: يعني تشقيقها وجعلها علامة للبحيرة والسائبة كما كانوا يفعلون في
الجاهلية {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} أي ولآمرنهم
بتغيير خلق الله كخصباء العبيد والحيوان والوشم وغيره وقيل: المراد به تغيير دين
الله بالكفر والمعاصي وإحلال ما حرّم الله وتحريم ما أحل {وَمَنْ يَتَّخِذِ
الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي ومن يتول الشيطان ويطعْه ويترك
أمر الله {فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} أي خسر دنياه وآخرته لمصيره
إلى النار المؤبدة وأي خسرانٍ أعظم من هذا؟
ثم
قال تعالى عن إبليس {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ} أي يعدهم بالفوز والسعادة
ويمنيهم بالأكاذيب والأباطيل، قال ابن كثير: هذا إخبارٌ عن الواقع فإن
الشيطان يعد أولياءه ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة وقد كذب وافترى
في ذلك {وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا} أي وما يعدهم إلا
باطلاً وضلالاً، قال ابن عرفة: الغُرور ما له ظاهر محبوب وباطن مكروه، فهو
مزيّن الظاهر فاسد الباطن .
{أُوْلَئِكَ
مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}
أي مصيرهم ومآلهم يوم القيامة نار جهنم {وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا}
أي ليس لهم منها مفر ولا مهرب، ثم ذكر تعالى حال السعداء الأبرار وما لهم من
الكرامة في دار القرار فقال {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَدًا} أي مخلدين في دار النعيم بلا زوال ولا انتقال {وَعْدَ اللَّهِ
حَقًّا} أي وعداً لا شك فيه ولا ارتياب {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ
قِيلاً} أي ومن أصدق من الله قولاً؟ والاستفهام معناه النفيُ أي لا أحد أصدق
قولاً من الله، قال أبو السعود: والمقصود معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة
لقرنائه بوعد الله الصادق لأوليائه.
استحقاق
الجنة ليس بالأماني، والعبرة بحسن العمل
قال
قتادة: تفاخر المؤمنون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل
كتابكم ونحن أحقٌ بالله منكم، وقال المؤمنون: نبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على
سائر الكتب فنزلت{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ
الْكِتَابِ}[النساء: 123].
{لَيْسَ
بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}
أي ليس ما وعد الله تعالى من الثواب يحصل بأمانيكم أيها المسلمون ولا بأماني أهل
الكتاب وإنما يحصل بالإِيمان والعمل الصالح، قال الحسن البصري: ليس الإِيمان
بالتمني ولكنْ ما وقر في القلب وصدّقه العمل، إن قوماً ألهتهم الأماني حتى خرجوا من
الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا نحسن الظن بالله، وكذبوا لو أحسنوا الظن به لأحسنوا
العمل {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} أي من يعمل السوء والشر ينال
عقابه عاجلاً أو آجلاً {وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا
نَصِيرًا} أي لا يجد من يحفظه أو ينصره من عذاب الله .
{وَمَنْ
يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ}
أي ومن يعمل الأعمال الصالحة سواءً كان ذكراً أو أنثى بشرط الإِيمان
{فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} أي يدخلهم
الله الجنة ولا يُنقصون شيئاً حقيراً من ثواب أعمالهم كيف لا والمجازي أرحم
الراحمين!! وإنما قال {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} ليبيّن أن الطاعة لا تنفع من دون
الإِيمان، ثم قال تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ
لِلَّهِ}؟ أي لا أحد أحسن ديناً ممن انقاد لأمر الله وشرعه وأخلص عمله لله
{وَهُوَ مُحْسِنٌ} أي مطيعٌ لله مجتنبٌ لنواهيه {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} أي واتبع الدين الذي كان عليه إبراهيم خليل الرحمن،
مستقيماً على منهاجه وسبيله وهو دين الإِسلام {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ
خَلِيلاً} أي صفياً اصطفاه لمحبته وخلته قال ابن كثير: فإنه انتهى إلى درجة
الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه
.
{وَلِلَّهِ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ}
أي جميع ما في الكائنات ملكه وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك، لا رادّ لما
قضى ولا معقب لما حكم {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا} أي علمه
نافذ في جميع ذلك لا تخفى عليه خافية.