موقف الشيخ حسن العدوي ـ رحمه الله ـ مع السلطان العثماني: عندما زار السلطان
العثماني عبدالعزيز مصر في عهد إسماعيل باشا كان إسماعيل حفيّاً بالزيارة لأنها
كانت جزءاً من برنامجه للحصول على لقب [خديوي] مع عدة امتيازاتٍ في نظام الحكم
بمصر, وكان من برنامج الزيارة أن يستقبل الخليفة العلماء في السَّراي ولكن كانت
للمقابلة السنية تقاليد منها أن ينحني الداخل إلى الأرض وغير ذلك من التقاليد
السخيفة المنافية لروح الإسلام فقد كان حتماً على رجال السَّراي أن يدربوا
العلماء على طريقة المقابلة عدة أيام كي لا يخطئوا في حضرة السلطان . وعندما
حان الموعد دخل السادة العلماء, فنسوا دينهم واشتروا به دنياهم وانحنوا أمام
مخلوق مثلهم تلك الانحناءات وخرجوا موجهين وجوههم إلى الخليفة كما أمرهم رجال
التشريفات, إلا عالماً واحداً هو الشيخ حسن العدوي ذكر دينه ونسي دنياه واستحضر
في قلبه أن لا عزة إلا لله ودخل مرفوع الرأس كما ينبغي أن يدخل الرجال الأحرار
وواجه الخليفة بتحية الإسلام : السلام عليكم يا أمير المؤمنين وابتدره بالنصيحة
التي ينبغي أن يتلقى بها العالم الحاكم دعاه إلى تقوى الله والخوف من عذابه
والعدل والرحمة بين رعاياه فلما انتهى سلم وخرج مرفوع الرأس وأُسقِطَ في يد
الخديوي ورجال السَّراي وظنوا أن الأمر كله قد انقلب عليهم وأن السلطان لابُدَ
غاضبٌ, فضائعةٌ تلك الجهود التي بذلوا والآمال التي نسجوا, ولكن كلمة الحق
المؤمنة لا تذهب سدى فلابد أن تصدع القلوب قوية حارة كما نبعت من مكمنها قوية
حارة وهكذا كان . فقال السلطان: ليس عندكم إلا هذا العالم وخلع عليه دون سواه.