asm_a22
عدد المساهمات : 49 تاريخ التسجيل : 25/10/2011
| موضوع: خروج الحسين إلى الكوفة: الخميس 10 مايو 2012, 21:59 | |
|
خروج الحسين إلى الكوفة:
أما أمر الحسين فإنه لما عزم على المسير إلى الكوفة جاءه عمرو بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال له بلغني أنك تريد العراق وإني مشفق عليك أن تأتي بلداً فيه عماله وأمراؤه ومعهم بيوت الأموال، وإنما الناس عبيد الدرهم والدينار فلا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ومن أنت أحب إليه ممن يقاتلك معه فجزاه الحسين خيراً.
وجاءه ابن عباس فقال له قد أرجف الناس أنك تريد العراق فخبرني ما أنت صانع؟ فقال قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين فقال له ابن عباس أعيذك باللَّه من ذلك خبرني رحمك اللَّه أتسير إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم ونفوا عدوهم فإن كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم فإنما دعوك إلى الحرب ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك ويستنفروا إليك فيكونوا أشد الناس عليك، فقال الحسين فإني أستخير اللَّه وأنظر ما يكون.
ثم جاءه ابن عباس ثاني يوم فقال يا ابن عم إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال. فإن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنهم أقم بهذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عاملهم وعدوهم، ثم اقدم عليهم فإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن فإن بها حصوناً وشعاباً وهي أرض عريضة طويلة ولأبيك بها شيعة وأنت عن الناس في عزلة فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك فإني أرجوك أن يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية.
فلم يسمع منه الحسين فقال له ابن عباس فإن كنت سائراً فلا تسر بنسائك وصبيتك فإني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه فلم يفد كلامه شيئاً.
ثم سار بأهله وأولاده فقابله بالطريق الفرزدق الشاعر فسأله عن خبر الناس فقال له قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء واللَّه يفعل ما يشاء.
ثم جاء كتاب من عبد اللَّه بن جعفر يقسم عليه باللَّه إلا ما انصرف ومع كتابه كتاب من عمرو بن سعيد أمير المدينة فيه الأمان له ويسأله الرجوع فأبى وتم على وجهه فقابله عبد اللَّه بن مطيع ولما علم بوجهه قال له أذكرك اللَّه يا ابن بنت رسول اللَّه r وحرمة الإسلام أن تنتهك أنشدك اللَّه في حرمة العرب. فواللَّه لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحداً. واللَّه إنها لحرمة الإسلام وحرمة قريش وحرمة العرب فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرض نفسك لبني أمية، فأبى إلا يمضي.
ولما كان بالثعلبية جاءه مقتل مسلم بن عقيل فقال له بعض أصحابه ننشدك اللَّه إلا ما رجعت من مكانك فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة بل نتخوف أن يكونوا عليك. فوثب بنو عقيل وقالوا واللَّه لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق كما ذاق مسلم.
فسار حتى نزل بطن العقبة وهناك لقيه رجل من العرب فقال أنشدك اللَّه إلا ما انصرفت فواللَّه ما تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف. إن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطئوا لك الأشياء فقدمت عليهم لكان ذلك رأياً. فأما على هذه الحال التي تذكر فلا أرى إلا أن ترجع.
ولما ترك شراف قابلته خيل عدتها ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي فقال لهم الحسين أيها الناس إنها معذرة إلى اللَّه وإليكم وإني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ورسلكم أن أقدم علينا فليس لنا إمام لعل اللَّه أن يجعلنا بك على الهدى جئتكم فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهود أقدم مصركم وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلنا منه فلم يجيبوه بشيء في ذلك ثم قال له الحر إنا أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد اللَّه بن زياد فقال الحسين الموت أدنى إليك من ذلك ثم أمر أصحابه فركبوا لينصرفوا فمنعهم الحر من ذلك، فقال الحسين ثكلتك أمك ما تريد؟
فقال أما واللَّه لو غيرك من العرب يقولها ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان ولكني واللَّه مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما يقدر عليه ثم صار براقبه حتى لا يتمكن من الانصراف إلى المدينة فسار الحسين يتجه إلى الشمال حتى وصل نينوى وحينذاك قدم عليهم جيش سيره ابن زياد لقتال الحسين رسولاً يسأله ما الذي جاء به فقال الحسين كتب إلى أهل مصركم هذا أن أقدم عليهم فأما إذا كرهوني فإني أنصرف عنهم فكتب عمر إلى ابن زياد بذلك فقال:
الآن إذا عرضت مخالبنا به
يرجو النجاة ولا حين مناص
ثم كتب إلى ابن سعد يأمره أن يعرض على الحسين بيعة يزيد، فإذا قبل ذلك رأينا، وأن ينمعه وهو من معه الماء؛ وكان الحسين يعرض عليهم أن يدعوه يرجع إلى المكان الذي خرج منه، وليس بصحيح أنه عرض عليهم أن يضع يده في يد يزيد فلم يقبلوا منه تلك العودة وعرضوا عليه أن ينزل على حكم ابن زياد ومثل هذا الطلب لا يقبله الحسين مهما يكن من الأمر فلم يكن إلا القتال.
وفي عاشر المحرم سنة 61 انتشب القتال بين هاتين الفتئتين جيش العراق الذي لم يكن فيه أحد من أهل الشام وهذه الفئة القليلة ومن معه. وهم لا يزيدون عن 80 رجلاً ولم يكن إلا قليل وقت حتى قتل الحسين وسائر من معه، وعدة من قتل اثنان وسبعون رجلاً وقتل من أصحاب ابن سعد 88 رجلاً ثم أخذوا رأس الحسين وحملوها إلى ابن زياد ومعها بنات الحسين وإخوته ومعهم علي بن الحسين صغير مريض فأمر ابن زياد بحمل الرأس ومعها النساء والصبيان إلى يزيد فلما بلغوا الشام وأخبر يزيد بالخبر دمعت عيناه وقال كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين لعن اللَّه ابن سمية أما واللَّه لو أني صاحبه لعفوت عنه. | |
|