في الأضحية، وفيه مسائل:
المسألة
الأولى: في تعريف الأضحية وحكمها وأدلة مشروعيتها وشروطها:
1- تعريف
الأضحية:
الأضحية لغة: هي ذبح الأضحية وقت الضحى.
وشرعاً: هي ما يذبح من
الإبل أو البقر أو الغنم أو المعز تقرباً إلى الله تعالى يوم العيد.
2- حكمها
وأدلة مشروعيتها:
الأضحية سنة مؤكدة؛ لقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ) [الكوثر: 2].
ولحديث أنس - رضي الله عنه -: (أن النبي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضحى بكبشين أملحين أقرنين (1) ذبحهما بيده، وسمّى
وكبر، ووضع رجله على صفاحهما) (2).
3- شروط مشروعية الأضحية:
تسن الأضحية في
حق مَنْ وجدت فيه الشروط الآتية:
1- الإسلام: فلا يخاطب بها غير المسلم.
2-
البلوغ والعقل: فمن لم يكن بالغاً عاقلاً فلا يكلف بها.
3- الاستطاعة: وتتحقق
بأن يملك قيمة الأضحية زائدة عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته، خلال يوم العيد وأيام
التشريق.
المسألة
الثانية: ما تجوز الأضحية به:
لا تصح
الأضحية إلا أن تكون من:
1- الإبل.
2- البقر.
3- الغنم ومنه
الماعز.
لقوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) [الحج: 34].
والأنعام لا تخرج عن هذه الأصناف الثلاثة. ولأنه
__________
(1) الأملح ما
فيه سواد وبياض، والأقرن ما له قرن.
(2) رواه البخاري برقم (5553)، ومسلم برقم
(1966).
لم
ينقل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عن أحد من الصحابة
التضحية بغيرها.
وتجزئ الشاة في الأضحية عن الواحد وأهل بيته؛ ففي حديث أبي أيوب
- رضي الله عنه -: (كان الرجل في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون) (1).
ويجوز
التضحية بالبعير والبقرة الواحدة عن سبعة؛ لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: (نحرنا
مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الحديبية البدنة عن سبعة،
والبقرة عن سبعة) (2).
المسألة
الثالثة: الشروط المعتبرة في الأضحية:
1-
السن:
أ) الإبل: ويشترط أن يكون قد أكمل خمس سنين.
ب) البقر: ويشترط أن يكون
قد أكمل سنتين.
ج) المعز: ويشترط أن يكون قد أكمل سنة.
لحديث جابر - رضي الله
عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا تذبحوا إلا
مُسِنَّة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن) (3). والمسنة من الإبل ما لها
خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن المعز ما له سنة، وتسمى المسنة
بالثنية.
د) الضأن: ويشترط فيه الجذع، وهو ما أكمل سنة، وقيل: ستة أشهر؛ لحديث
عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله: أصابني جذع. قال: (ضحِّ به)
(4)، ولحديث عقبة بن عامر أيضاً: (ضحَّينا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بجذع من الضأن) (5).
__________
(1) رواه ابن ماجه برقم (3147)،
والترمذي وصححه برقم (1505)، وصححه الألباني (صحيح ابن ماجه برقم 2563).
(2)
رواه مسلم برقم (1318).
(3) رواه مسلم برقم (1963).
(4) أخرجه البخاري برقم
(5557)، ومسلم برقم (1965) - 16. واللفظ لمسلم.
(5) رواه النسائي (7/219)، وقوّى
الحافظ ابن حجر إسناده (الفتح 10/15)، وصححه الشيخ الألباني (صحيح النسائي برقم
4080).
2-
السلامة.
يشترط في الإبل والبقر والغنم أن تكون سالمة من العيوب التي من شأنها
أن تسبب نقصاناً في اللحم، فلا تجزئ العجفاء، والعرجاء، والعوراء، والمريضة؛ لحديث
البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال: (أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البيِّنُ عورها، والمريضة البين مرضها،
والعرجاء البين عرجها، والعجفاء التي لا تُنْقِي) (1). والعجفاء: الهزيله، ومعنى
(لا تنقي): أي لا مُخَّ لها لهزالها. ويقاس على هذه العيوب الأربعة ما في معناها:
كالهتماء التي ذهبت ثناياها، والعضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها، ونحو ذلك من
العيوب.
المسألة
الرابعة: وقت ذبح الأضحية:
يبتدئ
وقتها من بعد صلاة العيد لمن صلاها، ومن بعد طلوع شمس يوم عيد الأضحى بمقدار ما
يتسع لركعتين وخطبتين لمن لم يصلها، لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا،
فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى) (2). ويستمر وقتها إلى
غروب آخر أيام التشريق؛ لحديث جبير بن مطعم - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (كل أيام التشريق ذبح) (3).
والأفضل ذبحها
بعد الفراغ من صلاة العيد؛ لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه
-
__________
(1) رواه مالك في الموطأ (ص 248)، وأحمد (4/289)، والترمذي برقم
(1497) وقال: "حسن صحيح"، وأبو داود برقم (2802)، والنسائي (7/244) وما بعدها، وابن
ماجه برقم (3144)، وصححه الألباني (صحيح سنن النسائي برقم 4073).
(2) رواه
البخاري (6/238)، ومسلم (3/1553).
(3) أخرجه أحمد (4/82)، والبيهقي (9/295)،
وابن حبان (1008)، والدارقطني (4/284)، قال الهيثمي: "ورجال أحمد وغيره ثقات" (مجمع
الزوائد 3/25).
أن
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (أول ما نبدأ به يومنا هذا نصلي
ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه
لأهله، ليس من النسك في شيء) (1).
المسألة
الخامسة: ما يصنع بالأضحية، وما يلزم المضحي إذا دخلت العشر:
1- ما
يصنع بالأضحية:
يسن للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي للأقارب والجيران
والأصدقاء، ويتصدق على الفقراء؛ لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا
الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج: 28].
ويستحب أن يجعلها أثلاثاً: ثلث لأهل بيته،
وثلث يطعمه فقراء جيرانه، ويهدي الثلث، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في صفة أضحية
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم
فقراء جيرانه الثلث، ويتصدَّق على السُّؤَّال بالثلث) (2).
ويجوز ادخار لحوم
الأضاحي بعد ثلاثة أيام؛ لحديث بريدة - رضي الله عنه -، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما
بدا لكم) (3).
2- ما يلزم مريد التضحية إذا دخلت عشر ذي الحجة:
إذا دخلت عشر
ذي الحجة، حرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره، أو أظفاره شيئاً، حتى يضحِّي؛
لحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً: (إذا دخل العشر، وعنده أضحية يريد أن يضحي،
فلا يأخذن شعراً، ولا يقلمن ظفراً). وفي رواية: (فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)
(4).
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (5560)، ومسلم برقم (1961).
(2)
أخرجه الحافظ أبو موسى في الوظائف وحسنه (انظر: المغني 8/632).
(3) أخرجه مسلم
(3/1564) رقم (1977).
(4) أخرجه مسلم برقم (1977) 39-40.