1- يجب على الشاهد أن يكون على علم بما يشهد به، فلا يجوز له أن يشهد بما لا يعلم،
قال الله عز وجل: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) [الإسراء: 36]. وقال
تعالى: (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف: 86] أي: على
بصيرة وعلم.
والعلم يحصل بالسماع أو بالرؤية أو بالشهرة والاستفاضة فيما لا يحصل
إلا بها غالباً كالنسب والموت.
2- لا تقبل شهادة الأب لابنه ولا العكس؛ لحصول
التهمة، وكذلك أحد الزوجين لصاحبه. وتقبل الشهادة عليهم، فلو شهد على أبيه أو ابنه
أو زوجته أو شهدت عليه قبلت؛ لعدم التهمة في ذلك، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ
عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [النساء:
135].
3- لا
تقبل شهادة العدو على عدوه، ولا من يجر إلى نفسه نفعاً بها، أو يدفع بها ضرراً عن
نفسه، أما العداوة في الدين فلا تمنع قبول الشهادة، فتقبل شهادة المسلم على الكافر،
والسنيّ على المبتدع.
4- يجب على الشاهد أن يشهد بالحق ولو على أقرب الناس إليه
ولا تجوز المحاباة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا
قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ
الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [النساء: 135] أي: وإن كانت الشهادة على والديك
وقرابتك، فلا تراعهم فيها، بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم.
5- تقبل الشهادة
على الشهادة؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، ولكن بشرط تعذُّر شهود الأصل لمرض أو موت أو
غيرهما، مع ثبوت عدالة شاهد الأصل والفرع معاً.
6- لا تقبل شهادة الزور، وهو
الكذب، وهي من الكبائر لقوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ
وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) [الحج: 30]. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك
بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور. قال: فما زال
يكررها حتى قلنا: ليته سكت) (1)، ولأن فيها رفعاً للعدل وتحقيقاً للجور
والظلم.
7- لا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على أداء الشهادة، لكن لو عجز عن المشي
إلى محل أداء الشهادة فله أخذ أجرة الركوب.
8- عدد الشهود يختلف باختلاف المشهود
به: فالزنى واللواط لا يقبل فيهما أقل من أربعة شهود من الرجال؛ لقوله تعالى:
(لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) [النور: 13]. أما بقية الحدود
كالسرقة والقذف، وكذلك ما ليس بمال ولا يقصد به المال، وكان مما يطلع عليه الرجال
في الغالب، كالنكاح والطلاق والرجعة والظهار والنسب والوكالة والوصية ونحو ذلك،
فيقبل فيها شاهدان
__________
(1) رواه البخاري برقم (2653، 2654)، ومسلم
برقم (87).
من
الرجال. ولا تقبل فيه شهادة النساء، لقوله تعالى في الرجعة: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق: 2]، فيقاس عليه سائر ما ذكر، فإنه ليس بمال ولا يقصد به
المال، فأشبه العقوبات.
أما المال وما يقصد به المال، كالبيع والإجارة والأجل
والقرض والرهن والوديعة ونحو ذلك من العقود المالية، فيقبل فيه شهادة الرجلين أو
الرجل والمرأتين؛ لقوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ
فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ
الشُّهَدَاءِ) [البقرة: 282].
ويقبل أيضاً في المال وما يقصد به المال شهادة رجل
واحد ويمين المدعي لقضاء النبي بها.
أما ما لا يطلع عليه الرجال في الغالب كعيوب
النساء المستورة والثيوبة والبكارة والولادة والرضاع واستهلال المولود ونحو ذلك
فتقبل فيه شهادة النساء منفردات، وتكفي امرأة واحدة عدلة.
ومن ادعى الفقر بعد أن
كان غنياً، فيشترط لإثبات ذلك شهادة ثلاثة رجال؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - في حديث قبيصة بن الخارق فيمن تحل له المسألة: (ورجل أصابته فاقة حتى
يقوم ثلاثة من ذوي الحِجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة) (1).
9- لا يشترط في
أداء لفظ الشهادة أن يقول: (أشهد) أو (شهدت)، بل يكفي في ذلك قوله: رأيت كذا وكذا،
أو سمعت، أو نحو ذلك؛ لعدم ورود ما يدل على اشتراط ذلك.
وبعد، فهذا ما يَسَّر
الله -سبحانه- جمعه في هذا المختصر، نسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن
ينفع به عباده المؤمنين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم
وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________
(1) أخرجه مسلم
برقم (1044). والحِجا: العقل.