كفارة اليمين وشروط وجوبها:
1- كفارة اليمين: شرع الله عز وجل لعباده كفارة اليمين التي يكون بها
تحلة اليمين والخروج منها، وذلك رحمة بهم، قال الله تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ
لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم: 2] وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: (من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها، فليأتها، وليكفر عن يمينه)
(4). وهذه الكفارة تجب على الشخص إذا حنث في يمينه، ولم يَفِ
بموجبها.
__________
(2) وهي اليمين
الغموس، وسميت صابرة من الصبر، وهو الحبس والإلزام؛ لأن صاحبها يلزم بها ويحبس
عليها، وتكون لازمة له من جهة الحكم.
(3) أخرجه أحمد (2/362)، وحسَّنه الألباني
(الإرواء رقم 2564).
(4) أخرجه البخاري برقم (6722) ومسلم برقم (1650) واللفظ
له.
وكفارة اليمين فيها تخيير وترتيب. فيخيَّر من لزمته بين إطعام عشرة مساكين
لكل مسكين نصف صاع من الطعام، أو كسوة عشرة مساكين لكل واحد ثوب يجزئه في الصلاة،
أو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب، فمن لم يجد شيئاً من هذه الثلاثة المذكورة صام
ثلاثة أيام؛ لقوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي
أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ
فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ
أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ
فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) [المائدة: 89].
فجمعت كفارة اليمين بين التخيير
والترتيب، تخيير بين الإطعام والكسوة والعتق، وترتيب بين هذه الثلاثة وبين
الصيام.
2- شروط وجوب كفارة اليمين:
لا تجب الكفارة في اليمين إذا نقضها
الحالف، ولم يف بموجبها، إلا بشروط ثلاثة، وهي:
الشرط الأول: أن تكون اليمين
منعقدة، بأن يقصد الحالف عقدها على أمر مستقبل كما مضى بيان ذلك، ولا تنعقد اليمين
إلا بالله أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته؛ لقوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ
اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ
الْأَيْمَانَ) [المائدة: 89].
فدل ذلك على أن الكفارة لا تجب إلا في اليمين
المنعقدة، أما من سبق اليمين على لسانه بلا قصد فلا تنعقد يمينه، ولا كفارة
عليه.
الشرط الثاني: أن يحلف مختاراً، فمن حلف مكرهاً لم تنعقد يمينه ولا كفارة
عليه فيها؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (رفع عن أمتي الخطأ
والنسيان وما استكرهوا عليه).
الشرط الثالث: أن يحنث في يمينه، بأن يفعل ما حلف
على تركه، أو يترك ما حلف على فعله، ذاكراً ليمينه مختاراً، أما إذا حنث في يمينه
ناسياً أو مكرهاً فلا كفارة عليه للحديث المتقدم.
• الاستثناء في اليمين:
من
حلف فقال في يمينه: إن شاء الله، فلا حنث عليه ولا كفارة، إذا
نقض
يمينه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من حلف فقال: إن شاء
الله لم يحنث) (1).
• نقض اليمين والحنث فيها:
الأصل أن يفي الحالف باليمين،
لكن قد ينقضه لمصلحة، أو ضرورة. وقد شرع له كفارة ذلك كما سبق. ويمكن تقسيم نقض
اليمين، والحنث فيها بحسب المحلوف عليه، على النحو التالي:
1- أن يكون نقض
اليمين واجباً: وذلك إذا حلف على ترك واجب، كمن حلف أن لا يصل رحمه، أو حلف على فعل
محرم، كأن يحلف ليشربن خمراً؛ فهنا يجب عليه نقض يمينه، وتلزمه الكفارة؛ لأنه حلف
على معصية.
2- أن يكون نقض اليمين حراماً: كما لو حلف على فعل واجب، أو ترك
محرم، وجب عليه الوفاء، ويحرم عليه نقض اليمين؛ لأن حلفه في هذه الحالة تأكيد لما
كلف الله به عباده.
3- أن يكون نقض اليمين مباحاً: وذلك إذا حلف على فعل مباح أو
تركه
---------------------
(1) رواه الترمذي برقم (1532)، وأحمد (2/309). وصححه الألباني (صحيح الترمذي
1237).