1- تعريف الحجر: الحجر لغة: المنع.
وفي الشرع: منع إنسان من تصرفه في
ماله.
2- أدلة مشروعيته: والأصل فيه قوله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ
أَمْوَالَكُمُ) [النساء: 5].
أي: أموالهم، لكن أضيف إلى الأولياء؛ لأنهم قائمون
عليها مدبرون لها. وقوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا
النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
أَمْوَالَهُمْ) [النساء: 6]، وقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ
سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ
وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) [البقرة: 282].
فدلت هذه
الآيات على جواز الحجر على السفيه واليتيم ومن في معناهما -كالمجنون والصغير- في
أموالهم، لئلا تتعرض للضياع والفساد، ولا تُدفع إليهم، إلا إذا تحقق رشدهم، وللولي
أن يتصرف في أموالهم، إذا دعت المصلحة لذلك.
3- أنواعه: الحجر على
نوعين:
النوع الأول: الحجر لمصلحة المحجور عليه، كالحجر على الصبي والسفيه
والمجنون، قال تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) [النساء:
5].
النوع الثاني: الحجر على الإنسان لمصلحة غيره، كالحجر على المفلس، فيمنع من
التصرف في ماله لئلا يضر بأصحاب الديون. والحجر على المريض مرض الموت فيما زاد على
الثلث من ماله لحق الورثة. وكذلك العبد يُحجر عليه لحق سيده، فلا يصح تصرفه بغير
إذن سيده.
: الأحكام المتعلقة بالنوع الأول من الحجر، وهو الحجر على
الإنسان لمصلحة نفسه:
1- إذا تعدَّى المحجور عليه لصغره ونحوه، على نفس أو مال بجناية،
فإنه
يضمن
ويتحمل ما يترتب على ذلك من غرامة؛ لأن المُتعدَّى عليه لم يفرط، ولم يأذن بذلك،
وأما إذا دفع ماله إلى صغير أو سفيه أو مجنون، فأتلفه، لم يضمنه؛ لأنه سلَّطه عليه
برضاه، فهو مفرّط.
2- يزول الحجر عن الصغير بأمرين:
الأمر الأول: البلوغ،
ويعرف ذلك بعلامات، وهي: إنزاله المني، أو إنبات الشعر الخشن حول القبل، أو بلوغه
الخامسة عشرة، أو الحيض في حق الجارية.
الأمر الثاني: الرشد، وهو الصلاح في
المال، لقوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ
فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)
[النساء: 6].
ويعرف رشده بالامتحان، فيمنح شيئاً من التصرف، ويترك يتصرف مراراً
في المال، فإن لم يغبن غبناً فاحشاً، ولم ينفق ماله في حرام أو فيما لا فائدة فيه،
كان ذلك دليل رشده.
3- يزول الحجر عن المجنون بأمرين أيضاً:
الأول: زوال
الجنون ورجوع عقله إليه.
والثاني: الرشد. أما السفيه: فيزول عنه بزوال السفه
والطيش واتصافه بالصلاح في التصرفات المالية.
4- يتولى أمر المحجور عليهم الأب
إذا كان عدلاً رشيداً، ثم وصيه. ويجب على من يتولى أمرهم أن يتصرف بما فيه الأحظ
والأنفع لهم؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ) [الأنعام: 152]. والآية نصَّتْ على اليتيم، ويقاس عليه غيره ممن هو
في معناه.
5- على ولي اليتيم أن يحافظ على ماله، ولا يأكله، أو يتصرف فيه ظلماً
وبهتاناً؛ لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى
ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)
[النساء: 10].
الأحكام المتعلقة بالنوع الثاني من الحجر، وهو الحجر على
الإنسان لمصلحة غيره:
1- لا يحجر على المدين بدين لم يحل أجله، لأنه لا يلزمه الأداء قبل
حلوله، لكن لو أراد سفراً طويلاً يحل الدين قبل قدومه منه، فللغريم منعه من السفر،
حتى يوثقه برهن أو كفيل مليء.
2- إذا كان مال المحجور عليه أكثر من الدين الذي
عليه، فهذا لا يحجر عليه في ماله ولكن يؤمر بالوفاء عند المطالبة، فإن امتنع حبس
وعزر حتى يوفي الدين، فإن امتنع تُدُخِّل في ماله بوفاء ديونه. أما إذا كان ماله
أقل مما عليه الدين الحالّ، فهذا يحجر عليه التصرف في ماله عند المطالبة؛ لئلا يضر
بالغرماء. ولا يُمَكَّن المدين من التصرف في ماله بتبرع أو غيره إذا كان هذا الأمر
يضر بأصحاب الديون.
3- من باع المحجور عليه أو أقرضه شيئاً بعد الحجر، فلا يحق
له المطالبة إلا بعد فكِّ الحجر عنه.
4- للحاكم أن يبيع ماله ويقسم ثمنه بقدر
ديون غرمائه الحالّة؛ لأن هذا هو المقصود من الحجر عليه، وفي تأخير ذلك مَطْلٌ وظلم
لهم، ويترك له الحاكم ما يحتاج إليه كالنفقة والسكن.