تاريخ موجز للحركة الصهيونية:
• أولا: المرحلة التكوينية:.
• ثانياً: مرحلة الولادة في مطلع القرن
العشرين:.
• ثالثاً: الاستيطان في فلسطين:.
• رابعاً: أزمة
الصهيونية:.
أولا: المرحلة التكوينية:
1 ـ الصهيونية ذات الديباجة المسيحية) حتى نهاية القرن السابع عشر
(:
شهدت هذه المرحلة من ناحية الخلفية العامة البدايات الحقيقية للانقلاب
التجاري في الغرب. إذ هيمن الجيب التجاري (الذي كان منعزلاً في المدن في أوربا
الإقطاعية) على الاقتصاد الزراعي الإقطاعي عام (1500) م, تقريباً، وأعاد صياغة
الإنتاج وتوجيهه بحيث خرج به عن نطاق الاكتفاء الذاتي وسد الحاجة. وبدأ التجار
يلعبون دوراً مهمًّا في توجيه سياسات الحكومات، وهذا ما يُعبَّر عنه باصطلاح
«الانقلاب التجاري». وقد شجَّع هذا الانقلاب حركة الاكتشافات الجغرافية، وهي حركة
استعمارية ضخمة كانت تأخذ شكل استيطان في مراكز تجارية على الساحل. وفي أواخر القرن
السادس عشر، وبداية القرن السابع عشر، أصبحت إنجلترا- بعد أن تحوَّلت عن
الكاثوليكية، ونفضت النفوذ الإسباني عنها- أهم قوة استعمارية، فراكمت الثروات،
وسيطرت على رقعة كبيرة من الأرض. وواكب كل هذا حركة الإصلاح الديني التي أعادت
تعريف علاقة الإنسان بالخالق وبالكتاب المقدَّس، بحيث أصبح في إمكان الفرد أن يحقق
الخلاص بنفسه لنفسه خارج الإطار الكنسي الجمعي، ودون حاجة إلى رجال الدين، وأصبح من
واجبه أن يفسر الكتاب المقدَّس لنفسه.
وإذا ما تركنا الخلفية جانباً وانتقلنا
إلى الساحة، فلسطين، وجدنا أن الإمبراطورية العثمانية في هذه المرحلة كانت لا تزال
تقف شامخة تحمي كل رعاياها، مسلمين ومسيحيين ويهوداً، وتُشكِّل كتلة بشرية ضخمة
متماسكة، ولم يكن الاستعمار الغربي يجرؤ على مواجهتها، وكان يفضل الالتفاف من
حولها. ومع هذا يجب أن نسجل أن هذه الفترة شهدت بداية جمود الدولة العثمانية وظهور
علامات ضعفها (في الوقت الذي كانت فيه الدول القومية الأوربية تزداد قوة بتأثير
الانقلاب التجاري).
ظهرت الصيغة الصهيونية الأساسية في أواخر القرن السادس عشر
على شكل الأحلام الاسترجاعية في الأوساط البروتستانتية الاستعمارية، وخصوصاً في
إنجلترا، وقد وُلدت كفكرة وحسب، كإمكانية تبغي التحقق لا في أوربا وإنما خارجها،
وليس من خلال الإنسان الأوربي ككل، وإنما من خلال الجماعات الوظيفية اليهودية.
وكانت الصيغة الصهيونية الأساسية متدثرة بديباجات مسيحية بروتستانتية. وقد كانت هذه
الصهيونية ترى اليهود باعتبارهم مادة بشرية يمكن حوسلتها. ولذا، فلم يُتصوَّر أن
يكون لهم دولة وظيفية مستقلة (فمركز الحلول هو المسيحيون البروتستانت) والمكان الذي
سيُنقَلون إليه كان يختلف من مفكر لآخر. والهدف من نقلهم هو الإعداد للخلاص
المسيحي. ويُلاحَظ أن هذا الضرب من الصهيونية (شأنه شأن أية صهيونية توطينية) ينظر
إلى اليهود من الخارج كعنصر يُستخدَم ومادة تُوظَّف. وإن كان يجدر ملاحظة أن
الصهيونية هي بالدرجة الأولى حركة غير يهودية، لم يشترك فيها أعضاء الجماعة
اليهودية من قريب أو بعيد. كما يُلاحَظ أن الخطاب الصهيوني كان هامشيًّا جدًّا،
مقصوراً على الأصوليين البروتستانت.
2 ـ صهيونية غير اليهود (العلمانية) (حتى
منتصف القرن التاسع عشر):
شهدت هذه المرحلة تراكم رؤوس الأموال وهيمنة الملكيات
المطلقة (بتوجهها المركنتالي) على معظم أوربا، غربها ووسطها، وإلى حدٍّ ما شرقها.
ورغم أن القوى السياسية التقليدية كانت لا تزال مسيطرة على دفة الحكم, فإن الطبقات
البورجوازية ازدادت قوة وثقة بنفسها وبدأت تطالب بنصيب من الحكم، بل بدأت تؤثر فيه.
وقد عبَّر هذا عن نفسه من خلال الفلسفات الثورية المختلفة والنظريات الكثيرة عن
الدولة والفكر العقلاني، وأخيراً من خلال الثورة الفرنسية التي تُعدُّ ثمرة كل
الإرهاصات السابقة وتشكِّل نقطة تحوُّل في تاريخ أوربا
بأسرها.
وقد أدَّى تراكم رؤوس الأموال والفتوحات العسكرية والاكتشافات الجغرافية
وتقدُّم العلم والتكنولوجيا إلى حدوث النقلة النوعية التي يُطلَق عليها «الثورة
الصناعية»، ويرى بعض المؤرخين أن بدايتها تعود إلى هذه الفترة. وكانت إنجلترا في
المقدمة في هذا التحول، فقد كانت أول دولة في العالم تتحول من دولة تجارية إلى دولة
رأسمالية صناعية، ثم تحوَّلت إلى قوة عظمى بعد انتصارها على فرنسا في حرب السنوات
السبع، وبعد توقيع معاهدة أوترخت عام (1713) م. وفي نهاية القرن الثامن عشر كانت
إنجلترا أكبر قوة استعمارية في العالم. ومع تصاعُد المشروع الاستعماري انزوى دعاة
الديباجات الدينية، وتدثرت الصياغة الصهيونية الأساسية بالديباجات العلمانية
الرومانسية والعضوية والنفعية والعقلانية. وقد دعا نابليون (أول غاز في الشرق
الإسلامي وعدو اليهود) إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين مستخدماً خليطاً من
الديباجات الرومانسية والدينية والنفعية.
وكان الوهن الذي دبَّ في أوصال الدولة
العثمانية (رجل أوربا المريض) قد بدأ يظهر ويتضح، وكانت كل القوى الغربية تفكر في
طريقة للاستفادة من هذا الضعف, لتحقق لنفسها بعض المكاسب. وقد أخذ هذا شكل الهجوم
المباشر من روسيا التي ضمت بعض الإمارات التركية على البحر الأسود، ثم هجوم نابليون
على مصر، بينما قررت إنجلترا، ومن بعدها ألمانيا (في مراحل مختلفة) الحفاظ على هذه
الإمبراطورية، مع تحقيق المكاسب من خلال التدخل في شئونها و (إصلاحها) حتى تقف
حاجزاً ضد أي زحف روسي محتمل.
ولعل أهم حقيقة سياسية في هذه المرحلة هي ظهور
(محمد علي) المفاجئ وقيامه بتكوين إمبراطوريته الصغيرة. فقد قلب موازين القوى،
وهدَّد المشروع الاستعماري الغربي الذي كان يفترض أن العالم كله إن هو إلا ساحة
لنشاطه وسوق لسلعه، ووضع حدًّا لآمال الدول الغربية التي كانت تترقب اللحظة
المواتية لاقتسام تركة الرجل المريض المحتضر. ولذا تحالفت الدول الغربية كلها،
ومنها فرنسا، وعقدت مؤتمر لندن عام (1840) م, وقرَّرت فيه الإجهاز عليه، فاضطرته
إلى التوقيع على معاهدة لندن؛ لتهدئة المشرق. وعند هذه النقطة تبلورت الفكرة
الصهيونية بين غير اليهود، وتحوَّلت من مجرد فكرة إلى مشروع استعماري محدد، إذ بدأت
تُطرَح فكرة تقسيم الدولة العثمانية، ومن ثم اكتسبت الصيغة الصهيونية الأساسية
مضموناً تاريخيًّا وبُعْداً سياسيًّا، وأصبح بالإمكان دمج المسألة اليهودية (مسألة
الشعب العضوي المنبوذ) مع المسألة الشرقية (تقسيم الدولة العثمانية) وطُرحت إمكانية
توظيف الشعب المنبوذ، وبدأ التفكير في حل المسألة اليهودية عن طريق نَقْل اليهود
إلى فلسطين وإيجاد قاعدة للاستعمار الغربي (أي: أن تتم حوسلة اليهود باسم الحضارة
الغربية ومصالحها التي هي مركز الحلول. (ويمكن القول بأن الفكرة الصهيونية قد بدأت
تتحول إلى فكرة مركزية في الوجدان السياسي الغربي. وهذه المرحلة هي مرحلة صهيونية
غير اليهود (العلمانية)، وهي صهيونية توطينية. وظهر أهم مفكر صهيوني (إيرل أوف
شافتسبري السابع)، كما ظهر (لورانس أوليفانت). ولكن حتى هذه المرحلة لم تكن فكرة
الدولة اليهودية قد ظهرت؛ إذ كان التصور لا يزال أن يكون التجمُّع اليهودي محمية
تابعة لدولة غربية. وحتى فلسطين نفسها كمكان للتجمُّع كان لا يزال أمراً غير مقرر.
وكانت النظرة لليهود لا تزال خارجية، فقد كان يُنظَر إليهم كمادة استعمالية لا قيمة
لها في حد ذاتها، تكتسب قيمتها من نفعها. وكانت ديباجات الصهيونية في هذه المرحلة
عقلانية مادية ورومانسية (لا عقلانية مادية (.
3 ـ صهيونية أثرياء اليهود المندمجين في مجتمعاتهم الغربية (النصف الثاني
من القرن التاسع عشر (:
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لم تَعُد الحروب ضد
دول آسيا وأفريقيا، بعد التطورات الصناعية المذهلة في أوربا، أمراً يبهظ خزائن
الدول الاستعمارية، بل إن العائد أصبح يفوق التكاليف (وكانت إحدى مقولات أعداء
المشروع الاستعماري أن تكاليف الإمبراطورية تفوق عائدها.) ومما تجدر ملاحظته كذلك
أن الضغوط السكانية والأزمة الاقتصادية داخل المجتمعات الغربية جعلتها تبحث عن حل
لمشاكلها خارج أوربا. ولكل هذا طرحت الإمبريالية نفسها باعتبارها المخرج من المأزق
التاريخي.
ولكن المشروع الإمبريالي لم يكن يتم في ظل نظريات التجارة الحرة، إذ
سيطر فكر احتكاري جديد يُسمَّى «نيو ـ مركنتالي neo-mercantile» ( أي «المركنتالي الجديد») بحيث تم تقسيم العالم
إلى مناطق نفوذ واحتكارات، كل منطقة منها مقصورة على الدولة التي استعمرتها (ومنها
المؤتمرات الدولية المختلفة في هذه الفترة لتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ). ومع
منتصف القرن التاسع عشر كانت إنجلترا ورشة العالم بلا منازع، فإنتاجها الصناعي كان
قد وصل إلى مستوى لم تعرفه البشرية من قبل، وإمبراطوريتها كانت مترامية الأطراف
تحميها قوة عسكرية ضخمة، وأسطول يُسيطر على كل بحار العالم. وقد اتخذت السياسة
البريطانية شكلاً إمبرياليًّا أكثر حدة، ولا سيما بعد تحطيم مطامع روسيا في حرب
القرم، وبعد أن تحوَّل مشروعها الاستعماري إلى أواسط آسيا وغيرها من المناطق
البعيدة عن أفريقيا والشرق الأوسط اللذين تزايد الاهتمام الإمبريالي البريطاني
بهما. فاشترت بريطانيا أسهم شركة قناة السويس عام (1876) م، واستولت على قبرص عام
(1878) م، واحتلت مصر (الطريق إلى الهند) عام (1882) م. ونتيجة كل هذا أصبح مصير
فلسطين جزءاً من المخطط الاستعماري البريطاني، الأمر الذي حدا بكتشنر أن يطالب
بتأمين ضم فلسطين للإمبراطورية. ومع هذا كانت بريطانيا لا تزال ملتزمة بضمان
ممتلكات الدولة العثمانية (من النيل إلى الفرات) التي (وعد الرب بها إبراهيم) ومن
ثم أصبحت منطقة نفوذ بريطانية. ولكن في عام (1885) م, قرَّرت حكومة المحافظين أن من
الخير الموافقة على اقتراح القيصر بتقسيم الإمبراطورية (العثمانية).
ومع هزيمة
فرنسا على يد ألمانيا عام (1871) م, نشط المشروع الإمبريالي الألماني، وبالتالي
العلاقة مع الدولة العثمانية، فزاد حجم القروض الألمانية لها، وزار القيصر وليام
الثاني القسطنطينية عام (1898) م, وزار بعدها فلسطين، ولذا ظل المشروع الصهيوني
متأرجحاً بين أعظم قوتين إمبرياليتين في ذلك الحين: البريطانية والألمانية.
كانت
الصيغة الصهيونية حتى هذه المرحلة مجرد فكرة غربية تبحث عن المادة البشرية اليهودية
المُستهدَفة التي ستُوظَّف. ومع تعثُّر التحديث في شرق أوربا في أواخر القرن التاسع
عشر، تدفَّق المهاجرون اليهود من شرق أوربا إلى غربها، الأمر الذي هدَّد أمن هذه
الدول، كما هدَّد مكانة أعضاء الجماعات اليهودية فيها، وقد أدَّى هذا إلى تشابك
مصير يهود غرب أوربا ومصير يهود اليديشية. وحلاًّ لهذه المشكلة، اكتشف يهود الغرب
الحل الصهيوني دون أية ديباجات قومية أو سياسية (ومن هنا رفض فكرة الدولة اليهودية،
والابتعاد عن فلسطين كمكان للتوطين، وعدم الاهتمام بالدولة الراعية؛ إذ لا حاجة
لها) وظهرت الصهيونية التوطينية بين أعضاء الجماعات اليهودية في غرب أوربا، وخصوصاً
بين الأثرياء منهم المندمجين في مجتمعاتهم. وعلى هذا، فهو يعتبر أول اتجاه صهيوني
يظهر بين اليهود، ومع هذا فهو يشبه صهيونية غير اليهود في أنه ينظر لليهود من
الخارج
ويمكننا أن نقول: إن تاريخ صهيونية غير اليهود يبدأ مع ظهور حركة الاستعمار
الاستيطاني، وتتبلور ديباجاته وتكتسب بُعْداً أساسيًّا مع ظهور (محمد علي) وسقوطه
(ويُلاحَظ أن أعضاء الجماعات اليهودية لا علاقة لهم بتطور الفكرة الصهيونية). ولا
يبدأ تاريخ الصهيونية عند اليهود إلا مع تعثُّر التحديث وتعاظم الإمبريالية، كرؤية
وكممارسة.
ومن أهم الصهاينة التوطينيين في هذه المرحلة إدموند دي روتشيلد وهيرش
ومونتفيوري.
4 ـ إرهاصات التيارات الصهيونية المختلفة بين اليهود (العقود
الأخيرة في القرن التاسع عشر): لا تختلف الخلفية التاريخية لهذه المرحلة كثيراً عن
سابقتها، فالإمبريالية الغربية كانت قد قسَّمت العالم بينها. وكانت ألمانيا تحاول
أن تُعيد التقسيم؛ لتوسيع الرقعة التي تهيمن عليها. ومن هنا استمرار تذبذب الصهاينة
بين بريطانيا وألمانيا. ورغم أن سياسة بريطانيا الرسمية كانت الحفاظ على
الإمبراطورية العثمانية وأملاكها إلا أن القرار بتقسيمها كان قد تم اتخاذه بالفعل.
وكان التعبير عن كل هذه الصراعات هو الحرب العالمية الأولى التي انتهت بضم فلسطين
(الساحة) إلى الإمبراطورية البريطانية، واختفاء الدولة العثمانية كقوة
سياسية.
أ) الصهيونية التسللية: اكتشف يهود شرق أوربا الصهيونية كحركة
استيطانية، ولكنهم لم يدركوا حتمية الحل الإمبريالي. ونظراً لقصور رؤيتهم، حاولوا
الاستيطان دون دعم إمبريالي، وحاولوا تجنيد أثرياء يهود الغرب المندمجين ليرعوا
مشروعهم ويدعموه، وهذا ما سميناه «الصهيونية التسللية» (التي يقال لها: «عملية»)
وهي أول صهيونية استيطانية، وتتسم بأنها نابعة من المادة البشرية المُستهدَفة. ويظل
مفهوم الدولة شاحباً بين دعاة الصهيونية التسللية، كما أن فلسطين ليست بالضرورة
ساحة الاستيطان. ومن أهم دعاة الصهيونية التسللية ليلينبلوم وبنسكر، ثم ظهرت جماعات
البيلو وأحباء صهيون، ويمكن النظر إليها باعتبارها إرهاصات لهرتزل وللصيغة
الصهيونية الأساسية بعد تهويدها.
ب) إرهاصات الصهيونية الإثنية الدينية
والعلمانية: وظهرت كتابات كاليشر والقلعي التي تُعتبر إرهاصات الصهيونية الإثنية
الدينية، ونشر آحاد هعام كتاباته الصهيونية التي ترى أهمية تأسيس دولة يهودية في
فلسطين، ولكن وظيفتها لم تكن الإسراع بعملية دمج اليهود، بل الحفاظ على
هويتهم.
جـ) إرهاصات الصهيونية العمالية: وقد ظهرت كذلك كتابات هس في منتصف
القرن التاسع عشر التي ساعدت مفكري الصهيونية العمالية على صياغة أفكارهم.
5 ـ
مرحلة (هرتزل) (العقود الأخيرة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين
(:
ظهر (هرتزل) بين صفوف يهود الغرب المندمجين التوطينيين، فاكتشف حاجة الغرب
ويهود الغرب للتخلص وبسرعة من يهود شرق أوربا. ولكنه اكتشف الحقيقة البدهية الغائبة
عن الجميع: حتمية التحرك داخل إطار الإمبريالية الغربية التي يمكنها وحدها أن تنقل
اليهود خارج أوربا، وأن توظفهم لصالحها، نظير أن تزودهم بالدعم والحماية. وقد اكتشف
(هرتزل) أيضاً فكرة القومية العضوية والشعب العضوي (فولك) التي تستطيع أوربا
العلمانية الإمبريالية أن تدرك اليهود من خلالها. وقد نجح (هرتزل) في التوصُّل إلى
خطاب مراوغ وهو ما جعل وضع نصوص العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة
الصهيونية بشأن يهود العالم ممكناً، وهو عقد يُرضي يهود الشرق، ولا يُفزع يهود
الغرب، ويجعل بإمكان الإمبريالية أن تضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ. كما أنه
فتح الباب أمام عملية تهويد الصيغة الصهيونية الأساسية من خلال الديباجات اليهودية
المختلفة. ويتميز هرتزل عن كلٍّ من شافتسبري وأوليفانت في أنه هو نفسه يهودي ينظر
إلى المادة البشرية المُستهدَفة من الداخل. ولكنه مع هذا يهودي غير يهودي، ولذا فهو
ينظر إلى هذه المادة من الخارج، ويراها باعتبارها مشكلة تبغي حلاًّ لا قيمة إنسانية
تبغي التحقق. وبسبب ازدواجيته هذه، نجح (هرتزل) في أن يكون جسراً بين التوطينيين
والاستيطانيين وبين اليهود والغرب، ولذا يمكن القول بأن الصهيونية تحوَّلت من فكرة
إلى مشروع استيطاني استعماري على يد (هرتزل) في مؤتمر- بال- الذي وُلدت فيه الصيغة
الصهيونية الأساسية الشاملة. وقد فزع أثرياء الغرب اليهود من دعوة (هرتزل) في بادئ
الأمر، كما رفضها معظم الجماعات والمنظمات اليهودية في العالم.
6 ـ تبلور الفكرة
الصهيونية بين اليهود:
أ- حتمية الحل الإمبريالي: أدرك قادة يهود شرق أوربا
حتمية الحل الإمبريالي من خلال (هرتزل).
ب- استقرار الصيغة الصهيونية الشاملة:
تم قبول الدولة اليهودية الوظيفية باعتبارها الهدف الأساسي للحركة الصهيونية
والإطار الذي يتم توظيف اليهود من خلاله. وأدَّى تقسيم الدولة العثمانية إلى حسم
الأمور تماماً لصالح دعاة الاستيطان في فلسطين.
جـ - تهويد الصيغة الصهيونية:
أحس قادة يهود شرق أوربا أن الصيغة الصهيونية الأساسية، وصيغة (هرتزل) الاستعمارية،
لا يمكن أن تُجنِّد يهود اليديشية، ولذا فقد أثاروا قضية المعنى والوعي اليهودي
وأضافوا ديباجات إثنية دينية وعلمانية أدَّت إلى تهويد الصيغة الصهيونية، وجعلت
الشعب اليهودي مرة أخرى مركزاً للحلول، وجماعةً لها قيمة في حد ذاتها، الأمر الذي
جعل بإمكان يهود شرق أوربا استبطان الصيغة الصهيونية الأساسية. ويُلاحَظ أن
الصهيونية الإثنية الدينية والعلمانية لا هي بالتوطينية ولا هي بالاستيطانية؛ لأنها
تتوجه لمستوى الهوية والوعي الذي يتجاوز ثنائية الاستيطان والتوطين، وإن كان لها
ثنائيتها الخاصة (ديني/علماني)، وهي صهيونية تنظر إلى اليهود من الداخل.
د -
الديباجات والتيارات السياسية: أدخل بعض الصهاينة العلمانيين ديباجات ليبرالية
(الصهيونية العامة) أو اشتراكية (صهيونية عمالية) أو فاشية (الصهيونية التصحيحية)
لتحديد شكل الدولة المزمع إقامتها، أي: أنهم حددوا شكل الاستيطان، وبذا تكون الفكرة
الصهيونية قد اكتملت وتحدَّدت ملامحها، وصيغت كل الديباجات اللازمة لتسويقها أمام
قطاعات وطبقات الجماعات اليهودية في شرق أوربا وغربها. وحتى ذلك التاريخ، كانت هناك
صراعات كثيرة داخل الحركة الصهيونية:
أ - صراع بين التسلليين
والدبلوماسيين.
ب - بين الدينيين والعلمانيين.
جـ - بين دعاة الاعتماد على
ألمانيا في مواجهة دعاة الاعتماد على إنجلترا.
د - صراعات أيديولوجية بين دعاة
الليبرالية ودعاة الاشتراكية.
هـ - صراع بين دعاة الصهيونية الإقليمية ودعاة
الصهيونية التوطينية، أي: بين دعاة الاستيطان في أي مكان، ودعاة ما يُسمَّى
«صهيونية صهيون» أي: الاستيطان في فلسطين وحدها.
7 ـ تأسيس المنظمة الصهيونية:
لم تكن بلورة الفكرة الصهيونية كافية، بل كان ضروريًّا أن يوجد إطار تنظيمي. وقد
وضع (هرتزل) التصور الأساسي في كتابه (دولة اليهود)، ثم دعا للمؤتمر الصهيوني الأول
(1897) م, وتم تأسيس المنظمة الصهيونية.
ثانياً: مرحلة الولادة في مطلع القرن العشرين:
تختلف خريطة العالم
السياسية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى عن التي سادت قبلها اختلافاً
بيِّناً. فقد انتصر الاستعمار البريطاني على الاستعمار الألماني، والتهم النصيب
الأكبر من الإمبراطورية العثمانية، ثم ظهرت إرهاصات القومية العربية (ولكن حركة
القومية العربية وحركة المقاومة العربية الفلسطينية، وبخاصة في العقود الأولى من
هذه الفترة كانت ضعيفة غير قادرة على تعبئة الجماهير، وتنظيمها ضد الاستعمارين
الإنجليزي والصهيوني بتنظيمهما الحديث، وعلاقاتهما العالمية، وتعاونهما الوثيق داخل
فلسطين وخارجها). وقد تصاعدت المقاومة في الثلاثينيات، ولكن المؤسستين
الاستعماريتين نجحتا في قمعها، وانتهى الأمر بطرد غالبية الفلسطينيين من ديارهم،
وأُعلنت الدولة عام (1948) م, بموافقة الدول الغربية العظمى كلها، وموافقة الاتحاد
السوفييتي (ولم تظهر المقاومة الفلسطينية مرة أخرى بشكل منظم إلا عام (1965) م,
بقيادة فتح، وبمشاركة الفصائل الفلسطينية الأخرى رغم أنها لم تتوقف إذ أخذت أشكالاً
تلقائية غير منظمة طيلة الفترة السابقة (.
وفي بداية هذه المرحلة ظهرت الولايات
المتحدة كقوة كبرى لها ثقل يُعتدُّ به على الصعيد العالمي. أما الاتحاد السوفييتي
فقد دخل مرحلة البناء والتحديث الاشتراكي التي فرضت عليه نوعاً من العزلة. ومع
ثلاثينيات القرن بدأ مركز الإمبريالية في الانتقال من لندن إلى واشنطن، وهي عملية
يمكن القول بأنها اكتملت بعد الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها الولايات
المتحدة قائداً للمعسكر الإمبريالي بلا منازع.
كما يُلاحَظ تَركُّز معظم يهود
العالم في الولايات المتحدة، وقد كان لهذين العنصرين أعمق الأثر في تعميق توجُّه
الحركة الصهيونية ثم الدولة الصهيونية نحو أمريكا.
مع وعد بلفور، حُسمت كل
الأمور. فبعد ظهور الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، وقبول القيادات الصهيونية
لها، يظهر بلفور (ممثل الإمبراطورية البريطانية والحضارة الغربية ككل) ويوقع عقد
بلفور باعتباره ممثلاً للحضارة الغربية (ويوقعه عن الطرف الآخر الصهاينة التوطينيون
من يهود الغرب المندمجين، والصهاينة الاستيطانيين اليهود ممثلي المادة البشرية
اليهودية من شرق أوربا) فتصبح الحركة الصهيونية مشروعاً استعماريًّا استيطانيًّا
إحلاليًّا متكاملاً.
ويجب ألا نخلق انطباعاً خاطئاً بأن هناك تعاقباً زمنيًّا
صارماً، فالصهيونية ذات الديباجة المسيحية لا تزال مزدهرة رغم أن الحضارة الغربية
قد تطوَّرت بطريقة همشت المسيحية ككل، كما أن صهيونية غير اليهود) العلمانية) لا
تزال قائمة، والصهيونية التوطينية لا تزال هي الصهيونية المنتشرة بين معظم يهود
العالم (ويُطلَق عليها صهيونية الدياسبورا (.
وبعد إعلان وعد بلفور، وبعد اكتساب
المنظمات الصهيونية، الشرعيةَ الاستعمارية التي كانت تسعى إليها، تغيَّرت الصورة
تماماً، فلم تَعُد القضية قضية بعض قيادات الفائض اليهودي من شرق أوربا، ولم تَعُد
المسألة متصلة بإغاثة بضعة آلاف من اليهود، وإنما أصبحت المنظمة تابعة لأكبر قوة
استعمارية على وجه الأرض آنذاك، وأصبحت ذات وظيفة محددة هي نَقْل المادة البشرية
اليهودية إلى فلسطين لتأسيس قاعدة لهذه القوة. ولذا فلم يَعُد هناك مجال للاختلافات
الصغيرة بين دعاة الاستيطان العمليين مقابل دعاة بذل الجهود الدبلوماسية مع الدولة
الراعية. كما لم يَعُد هناك أي مبرر لوجود دعاة الصهيونية الإقليمية (أي: توطين
اليهود خارج فلسطين)، وتساقطت بالتالي كثير من التقسيمات الفرعية، أو أصبحت غير ذات
موضوع، وتم تقسيم العمل على أساس جديد يقبله الجميع، وظهر ما يمكن تسميته
«الصهيونية التوفيقية».
كما أن الرفض اليهودي للصهيونية فقد دعامته الأساسية:
الخوف من ازدواج الولاء؛ إذ أصبح تأييد الصهيونية أمراً لا يتناقض مع ولاء الإنسان
الغربي لوطنه وحضارته.
ثالثاً: الاستيطان في فلسطين:
تاريخ الحركة الصهيونية بعد ذلك هو تاريخ
الاستيطان الصهيوني في فلسطين تحت رعاية حكومة الانتداب ومقاومة العرب لهذا
الاستيطان. وقد ظهرت بعض التوترات بين القوة الاستعمارية الراعية والمستوطنين (وهو
توتر يسم علاقة أية دولة راعية بالمستوطنين التابعين لها، وهو لا يعود إلى تناقض
المصالح، وإنما إلى اختلاف نطاقها، فمصالح الدولة الراعية أكثر اتساعاً وعالمية من
مصالح المستوطنين) ولذا فقد أصدرت الحكومة البريطانية الراعية مجموعة من الكتب
البيضاء؛ لتوضِّح موقفها من المستوطنين الصهاينة ومن العرب. وقد انتقل دور الدولة
الراعية من إنجلترا إلى الولايات المتحدة. ولكن كل هذه العناصر لا تغيِّر بنية
الفكر الصهيوني ولا اتجاه الحركة، ولا تؤثر في المنظمة الصهيونية.
أما بالنسبة
للمنظمة الصهيونية، فبعد صدور وعد بلفور كان ضروريًّا أن يكون لها ذراعها
الاستيطاني الذي يتعامل مع حقائق الموقف في فلسطين. وقد أسَّست المنظمة الصهيونية
ساعدها التنفيذي المعروف باسم الوكالة اليهودية عام (1922) م، إذ نص صك الانتداب
البريطاني على فلسطين على الاعتراف بوكالة يهودية مناسبة لإسداء المشورة إلى سلطات
الانتداب في جميع الأمور المتعلقة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وفي عام
(1929) م، نجح وايزمان ـ رئيس المنظمة الصهيونية آنذاك ـ في إقناع أعضاء المؤتمر
الصهيوني السادس عشر بضرورة توسيع الوكالة اليهودية، بحيث يتشكل مجلسها من عدد من
أعضاء المنظمة وعدد مثله من غير أعضائها. وكان الغرض من ذلك استمالة أثرياء اليهود
التوطينيين لتمويل المشروع الصهيوني دون إلزامهم بالانخراط في صفوف المنظمة،
والإيحاء في الوقت نفسه بأن الوكالة تمثل جميع يهود العالم، ولا تقتصر على أعضاء
المنظمة. وكان من شأن هذه الخطوة أن تعطي دفعة قوية للحركة الصهيونية، وتدعم الموقف
التفاوضي للمنظمة الصهيونية مع الحكومة البريطانية التي كان يقلقها تصاعد الأصوات
الرافضة للصهيونية في أوساط يهود بريطانيا (وقد ظلت المنظمتان تُعرَفان بالاسم نفسه
على النحو التالي: المنظمة الصهيونية/الوكالة اليهودية حتى عام (1971) م, حين جرت
عملية مزعومة وشكلية لإعادة التنظيم بحيث أصبحت المنظمتان منفصلتين قانونيًّا، ولكل
منهما قيادة مختلفة).
ولم يهدأ الصراع تماماً بين التوطينيين والاستيطانيين.
فحتى عام (1948) م، كان الصراع يدور حول من يتحكم في المنظمة وحول تحديد أهداف
المشروع الصهيوني. أما بعد عام (1948) م، فإن مجال الصراع أصبح تعريف اليهودي
(الديني والعلماني) إذ حُسمت قضية التحكم في المنظمة لصالح المستوطنين تماماً، ولم
يعد الصهاينة التوطينيون يهتمون به.
رغم عدم اشتراك يهود البلاد العربية في
إفراز الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، ورغم أن الصهيونية (بشقيها الشرقي
والغربي) لم تتوجه إليهم بشكل خاص، ولم تحاول تجنيدهم بشكل عام وواسع قبل عام
(1948) م، إلا أن إنشاء الدولة قد خلق حركيات تتخطى إرادتهم. كما أن حاجة الدولة
الصهيونية إلى طاقة بشرية (بعد عزل يهود الشرق أو اختفائهم وبعد رفض يهود الغرب
الهجرة) جعلها تهتم بهم وتجندهم، وتفرض عليهم في نهاية الأمر «مصيراً صهيونيًّا»،
أي: الخروج من أوطانهم. وقد استقرت أعداد كبيرة منهم في الدولة الصهيونية، وإن كان
من الملحوظ أن أعداداً أكبر استقرت خارجها.
وقد ظهرت صراعات بين دعاة
الديمقراطية ودعاة الشمولية، وبين دعاة المشروع الرأسمالي الحر والنهج الاشتراكي،
ولكنها صراعات لا علاقة لها بالفكر الصهيوني ولا الحركة الصهيونية، فهي صراعات
داخلية بين المستوطنين، وإذا شارك فيها الصهاينة التوطينيون فإن مساهمتهم تظل
ثانوية. وتعود هامشية هذه الصراعات إلى أن الولايات المتحدة تمول التجمُّع الصهيوني
بأسره، بمن فيه من رأسماليين وإرهابيين وعقلاء ومجانين واشتراكيين وقتلة. فالحقيقة
الأساسية هي وظيفية الدولة الصهيونية، ولذا فإن الصراعات ذات المضمون الأيديولوجي
العميق أو السياسي المسطح ليست ذات أهمية كبيرة. أما الصراع بين الإشكناز والشرقيين
فهو صراع عميق ومهم، ولكنه لا يؤثر في الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، فهو
قضية إسرائيلية داخلية تماماً.
وخاضت الدولة الصهيونية حروبها المتعددة ضد
العرب، من حرب (1948) م, إلى حرب (1956) م, إلى حرب (1967) م, إلى حرب (1973) م,
إلى اجتياح لبنان عام (1982) م, وما تبعه من توسُّع ومزيد من القمع. وتزايد الرفض
الفلسطيني للدولة الاستيطانية الصهيونية والمقاومة لها.
رابعاً: أزمة الصهيونية:
تواجه الصهيونية- كفكرة وحركة ومنظمة ودولة-
أزمة عميقة لعدة أسباب، من بينها انصراف يهود العالم عنها. فالصهيونية لا تعني لهم
الكثير، فهم يفضلون إما الاندماج في مجتمعاتهم أو الهجرة إلى الولايات المتحدة، وقد
تدهورت صورة المُستوطن الصهيوني إعلاميًّا بعد الانتفاضة؛ إذ إن هذه الدولة الشرسة
أصبحت تسبب لهم الحرج الشديد. وقد أدَّى هذا إلى أن المادة البشرية المُستهدَفة
ترفض الهجرة، الأمر الذي يسبب مشكلة سكانية استيطانية للمُستوطَن الصهيوني.
ويُلاحَظ تزايد حركات رفض الصهيونية، والتملص منها، وعدم الاكتراث بها بين يهود
العالم.
وعلى المستوى الأيديولوجي، يُلاحَظ، في عصر نهاية الأيديولوجيا وما بعد
الحداثة، أن كل النظريات تتقلص ويختفي المركز، والشيء نفسه يسري على الصهيونية؛ إذ
إن إيمان يهود العالم بها قد تقلَّص تماماً، ولذا فإن من يهاجر إلى إسرائيل إنما
يفعل ذلك لأسباب نفعية مادية مباشرة. وفي داخل إسرائيل، تظهر أجيال جديدة تنظر إلى
الصهيونية بكثير من السخرية. وعلى المستوى التنظيمي، تفقد المنظمة كثيراً من
حيويتها، وتصبح أداة في يد الدولة الصهيونية، وتُقابَل اجتماعاتها بالازدراء من
قبَل يهود العالم والمستوطنين في فلسطين. ولم تغيِّر اتفاقية أوسلو من الأمر
كثيراً، بل لعلها تُسرع بتفاقم أزمة الصهيونية، باعتبار أن الدولة ستصبح أكثر
ثباتاً واستقراراً، وستتحدد هويتها كدولة لها مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية
المتشعبة التي ليس لها بالضرورة علاقة كبيرة بأعضاء الجماعات اليهودية في
العالم.
وهذه المرحلة شهدت تحول الفكرة الصهيونية، الاستيطانية الإحلالية، إلى
واقع استيطانى إحلالي، إذ نجحت الدولة الصهيونية في طرد معظم العرب من فلسطين،
واستبعاد من تبقَّى منهم. وأصبحت الدولة الصهيونية هي الدولة/ الشتتل أو الدولة/
الجيتو، المرفوضة من السكان الأصليين، أصحاب الأرض.
ولكن في عام (1967) م، مع ضم
المزيد من الأراضي العربية بمن عليها من بشر، تحوَّلت الدولة الصهيونية من دولة
استيطانية إحلالية إلى دولة استيطانية مبنية على التفرقة اللونية (الأبارتهايد)
الأمر الذي يتبدى في المعازل والطرق الالتفافية. وشهدت هذه الفترة مولد المقاومة
الفلسطينية المنظمة وتصاعدها، واندلاع الانتفاضة المباركة، التى استمرت ما يزيد عن
ستة أعوام، ولم تنطفئ جذوتها بعد، وهى بذلك تكون أطول حركة عصيان مدني في
التاريخ.
O موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية د. عبد الوهاب
المسيري 6/ 133 فما بعدها
يتضح مما سبق:
أن
الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي لحكم العالم كله من خلال دولة اليهود في
فلسطين، واسمها مشتق من اسم جبل صهيون في فلسطين، وقد قامت على تحريف تعاليم
التوراة والتلمود التي تدعو إلى احتقار المجتمع البشري، وتحض على الانتقام من غير
اليهود. وقد قنن اليهود مبادئهم الهدامة فيما عرف ببروتوكولات حكماء صهيون التي
تحوي بحق أخطر مقررات في تاريخ العالم.
Oالموسوعة الميسرة للندوة العالمية للشباب
الإسلامي