المذهب الصحيح المختار الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة أن الإِقامة إحدى عشرة كلمة: اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهدُ أن لا إله إلاَّ اللّه، أشهد أنَّ محمداً رسول اللّه، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلاّ اللّه.
فصل: واعلم أن الأذانَ والإِقامةَ سنّتان عندنا على المذهب الصحيح المختار، سواء في ذلك أذان الجمعة وغيرها. وقال بعض أصحابنا: هما فرض كفاية. وقال بعضهم: هما فرض كفاية في الجمعة دون غيرها. فإن قلنا فرض كفاية، فلو تركه أهلُ بلدٍ أو مَحَلَّةٍ قُوتلوا على تركه. وإن قلنا سنّة لم يُقاتلوا على المذهب الصحيح المختار، كما لا يُقاتَلون على سنّة الظهر وشبهها. وقال بعض أصحابنا: يُقاتَلون لأنه شعار ظاهر.
فصل: ويُستحبُّ ترتيل الأذان ورفع الصوت به، ويستحبّ إدراج الإقامة ويكون صوتها أخفض من الأذان، ويستحبّ أن يكون المؤذنُ حسن الصوت ثقةً مأموناً خبيراً بالوقت متبرعاً؛ ويستحبّ أن يؤذّن ويقيم قائماً على طهارة وموضع عال، مستقبل القبلة، فلو أذّن أو أقام مستدبر القبلة أو قاعداً أو مضطجعاً أو مُحدثاً أو جُنباً صحّ أذانه وكان مكروهاً، والكراهية في الجُنب أشدّ من المحدث، وكراهة الإِقامة أشد.
فصل: لا يُشرع الأذان إلا للصلوات الخمس: الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وسواء فيها الحاضرة والفائتة، وسواء الحاضر والمسافر، وسواء من صلَّى وحده أو في جماعة. وإذا أذّن واحدٌ كفى عن الباقين. وإذا قضى فوائت في وقت واحد أذّن للأولى وحدها، وأقام لكلّ صلاة. وإذا جمع بين الصلاتين أذّن للأولى وحدها وأقام لكل واحدة. وأما غير الصلوات الخمس فلا يؤذّن لشيء منها بلا خلاف. ثم منها ما يستحبّ أن يقال عند إرادة صلاتها في جماعة: الصلاة جامعة، مثل العيد والكسوف والاستسقاء، ومنها ما اختلف فيه كصلاة التراويح والجنازة، والأصحّ أنه يأتي به في التراويح دون الجنازة.
فصل: ولا تصحّ الإِقامة إلا في الوقت وعند إرادة الدخول في الصلاة، ولا يصحّ الأذان إلا بعد دخول وقت الصلاة إلا الصبح، فإنه يجوز الأذان لها قبل دخول الوقت. واختُلف في الوقت الذي يجوز فيه، والأصحّ أنه يجوز بعد نصف الليل، وقيل: عند السَّحَر، وقيل: في جميع الليل، وليس بشيء، وقيل: بعد ثلثي الليل، والمختار الأوّل.
فصل: وتقيم المرأة والخنثى المشكل، ولا يؤذّنان لأنهما منهيّان عن رفع الصوت.