اعلم أن السلام للتحلّل من الصلاة ركنٌ من أركانها وفرضٌ من فروضها لا تصحُّ إلا به، هذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد وجماهيرِ السلف والخلف، والأحاديثُ الصحيحةُ المشهورة مُصرّحة بذلك.
واعلم أن الأكمل في السلام أن يقول عن يمينه "السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ" وَعَنْ يَسارِهِ "السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ" ولا يُستحبّ أن يقول معه: وبركاته، لأنه خلاف المشهور عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وإن كان قد جاء في رواية لأبي داود. وقد ذكره جماعة من أصحابنا منهم إمام الحرمين وزاهر السرخسي والرويّاني في الحلية، ولكنه شاذ، والمشهور ما قدّمناه، واللّه أعلم.
وسواء كان المصلّي إماماً أو مأموماً أو منفرداً في جماعة قليلة أو كثيرة في فريضة أو نافلة ففي كل ذلك يُسلِّم تسليمتين كما ذكرنا ويلتفتُ بهما إلى الجانبين، والواجب تسليمة واحدة، وأما الثانية فسنّة لو تركها لم يضرّه؛ ثم الواجب من لفظ السلام أن يقول: السلام عليكم، ولو قال: سلام عليكم لم يجزئه على الأصح. ولو قال: عليكم السلام أجزأه على الأصح، فلو قال: السلام عليك أو سلامي عليك، أو سلامي عليكم، أو سلام اللّه عليكم، أو سلامُ عليكم بغير تنوين، أو قال: السلام عليهم، لم يجزئه شيء من هذا بلا خلاف، وتبطل صلاته إن قاله عامداً عالماً في كل ذلك، إلا في قوله: السلام عليهم، فإنه لا تبطل صلاته به لأنه دعاء، وإن كان ساهياً لم تبطل ولا يحصلُ التحلّل من الصلاة، بل يحتاج إلى استئناف سلام صحيح، ولو اقتصر الإِمام على تسليمة واحدة أتى المأموم بالتسليمتين. قال القاضي أبو الطيب الطبري من أصحابنا وغيره: إذا سلَّم الإِمام فالمأموم بالخيار إن شاء سلَّم في الحال، وإن شاء استدام الجلوس للدعاء وأطال ما شاء، واللّه أعلم.