اعلم أن المستيقظ بالليل على ضربين: أحدهُما: من لا ينام بعدَه، وقد قدَّمنا في أوّل الكتاب أذكارَه. والثاني: من يُريد النوم بعدَه، فهذا يُستحبّ له أن يذكرَ اللّه تعالى إلى أن يغلبه النوم، وجاء فيه أذكار كثيرة، فمن ذلك ما تقدم في الضرب الأوّل. ومن ذلك:
1/250 ما رويناه في صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه،عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، قال: "مَنْ تَعارَّ من اللَّيلِ فَقالَ: لا إِلهَ إِلاََّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ، والحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحانَ اللَّهِ، وَلا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ، وَلا حَوْلَ ولا قُوََّةَ إلإِلاَّ باللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفرْ لي ـ أوْ دَعا ـ اسْتُجِيبَ لَهُ، فإنْ تَوَضَّأ قُبِلَتْ صَلاتُهُ" هكذا ضبطته في أصل سماعنا المحقق، وفي النسخ المعتمدة من البخاري، وسقط قول "ولا إِله إلاّ اللّه" قبل "واللّه أكبر" في كثير من النسخ، ولم يذكره الحميدي أيضاً في الجمع بين الصحيحين، وثبت هذا اللفظ في رواية الترمذي وغيره، وسقط في رواية أبي داود، وقوله "اغفر لي أو دعا" هو شك من الوليد بن مسلم أحد الرواة، وهو شيخ البخاري وأبي داود والترمذي وغيرهم في هذا الحديث.
وقوله صلى اللّه عليه وسلم "تعارّ" هو بتشديد الراء ومعناه: استيقظ.
2/251 وروينا في سنن أبي داود بإسناد لم يضعفه، عن عائشة رضي اللّه عنها،أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: "لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ، أسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وأسألُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْماً وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بعد إذْ هَدَيْتَني وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إنَّكَ أنْتَ الوَهَّابُ".
3/252 وروينا في كتاب ابن السني عن عائشة رضي اللّه عنها قالتكان ـ تعني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ـ إذا تعارّ من الليل قال: "لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما العَزِيزُ الغَفَّارُ
4/253 وروينا فيه بإسناد ضعيف عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول:"إذَا رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلى العَبْدِ المُسْلِمِ نَفْسَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبََّحَهُ وَاسْتَغْفَرَهُ وَدَعاهُ تَقَبَّلَ مِنْهُ".
5/254 وروينا في كتاب الترمذي وابن ماجه وابن السني بإسناد جيد، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:"إذَا قامَ أحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ مِنَ اللَّيْلِ ثم عادَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلاث مَرَّاتٍ، فإنَّهُ لا يَدْرِي ما خَلَفَهُ عَلَيْهِ، فإذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ: باسْمِكَ اللَّهُمَّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أرْفَعُهُ، إِنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وَإِنْ رَدَدْتَها فاحْفَظْها بِما تَحْفَظُ بِهِ عِبادَكَ الصَّالِحين" قال الترمذي: حديث حسن. قال أهل اللغة: صَنِفة الإِزار: بكسر النون، جانبه الذي لا هدب فيه، وقيل جانبه؛ أيّ جانب كان.
6/255 وروينا في موطأ الإِمام مالك رحمه اللّه في باب الدعاء آخر كتاب الصلاة، عن مالك أنه بلغه عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه؛ أنه كان يقوم من جوف الليل فيقول: نامَتِ العُيُونُ وَغارَتِ النُّجُومُ وأنْتَ حَيٌّ قَيُوم. قلت: معنى غارت: غربت.