عن أم سلمة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المتوفى عنها زوجُها لا تلبس المُعَصْفر من
الثياب، ولا المُمَشقة، ولا الحُليّ، ولا تختضب، ولا تكتحل».
وعن أسماء بنت عميس
قالت: «لما مات جعفر، أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تَسَلّبي ثلاثاً، ثم
اصنعي ما شئت».
(
الحِداد ومعناه)
والإحداد واجب في عدّة
الوفاة، وهل تجب على البائن، أم لا؟ على روايتين. وسواء في ذلك المسلمة، والذمية،
والصغيرة، والكبيرة، ومعنى الإحداد: الامتناع عن الزينة، وما يدعو إلى الجماع: كلبس
الحلي، والطيب، والخضاب، والحناء، والكحل الأسود، والكلّكون، وإسفيداج العرائس،
والحفاف، والملوّن من الثياب: كالأحمر، والأصفر، والأخضر الصافي، والأزرق الصافي،
فأما الملوّن لدفع الوسخ كالكحلي والأسود فلا تمنع عنه.
وتعتد التي مات عنها
زوجها في المنزل الذي وجبت عليها العدة وهي فيه، إلا أن تدعو ضرورة إلى خروجها عنه،
بأن يحولها مالكه، أو تخشى على نفسها، فتنتقل إلى أقرب ما يمكنها منه، ويجوز لها
الخروج من منزلها نهاراً، ولا يجوز لها ليلاً.
فأما المبتوتة فلا تجب عليها
العدة في منزل طلاقها، ولا الانتقال عنه، والاعتداد في غيره.
(
الحِداد على غير الزوج)
ولا تحد المرأة على غير
الزوج؛ عن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلّم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، وتؤمن بالله
ورسوله أن تحدّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج، فإنها تحدُّ عليه أربعة أشهر
وعشراً».
وفي «الصحيحين» من حديث زينب بنت أبي سلمة أنها دخلت على أم حبيبة زوج
النبي صلى الله عليه وسلّمحين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة
خلوق، أو غيره في اليوم الثالث، فدهنت منه جارية، ثم مسَّت بعارضيها، ثم قالت:
والله ما لي بالطيب حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل
لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر
وعشراً».
قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بالطيب،
فمسَّت منه، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث
إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً».
ثوابِ المرأة إذا مَات عنها زوجها واشتغلتْ عنِ النكاح بتربية
أولادها
عن عوف بن
مالك ـــ رضي الله عنه ـــ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وامرأة سفعاء
الخدين، امرأة آمت من زوجها، فصبرت على ولدها كهاتين في الجنة» رواه
البخاري.
قال المصنف رحمه الله: قلت: ومعنى قوله سفعاء الخدين: أن تركها للأزواج
أعرض بها عن التصنع، فقد صار في خديها كمود.
ردِّ المرأة إلى زوجها في الجنَّة إذا لم تتزوَّجْ
بعده
عن عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«المرأة لآخر أزواجها».
عن سلمى بنت
جابر أن زوجها استشهد، فأتت عبد الله بن مسعود، فقالت: إني امرأة قد استشهد زوجي،
وخطبني الرجال، فأبيت أن أتزوج حتى ألقاه، فترجو لي إذا اجتمعتُ أنا وهو أن أكون من
أزواجه؟ قال: نعم. فقال له رجل عنده: ما رأيناك فعلت هذا منذ قاعدناك، قال: إني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أسرع أمتي لحوقاً بي امرأة من
أحمس».
وعن أم الدرداء ـــ رضي الله عنها ـــ أنها قالت: اللهم إن أبا الدرداء
خطبني، فتزوجني في الدنيا، اللهم فأنا أخطبه إليك، فأسألك أن تزوجنيه في الجنة.
فقال لها أبو الدرداء: فإن أردت ذلك، وكنتُ أنا الأول، فلا تتزوجي بعدي. فقالت: لا
والله، لا أتزوج زوجاً في الدنيا حتى أزوج أبا الدرداء إن شاء الله عز وجل في
الجنة.
وعن عروة بن رويم اللخمي قال: لما احتضر موسى صلى الله عليه وسلم قالت له
امرأته: سل الله أن يزوجنيك في الجنة، قال: إن أحببت ذلك، لا تتزوجي بعدي، ولا
تأكلي من رشح جبينك، فكانت تتبرقع بعده للقاط، فإذا رآها الحصادون لم يخالطوها،
فإذا أحسَّت بذلك تركته، وفي رواية أخرى: فإنَّ المرأة لآخر
أزواجها.