نشأة
التلمود وأثره على اليهود :
ينقسم التلمود1 إلى جزئين هامين :
1- المشناه
Mashanh وهو الأصل "المتن".
2- جمارا Gemara ، شرح مشناه.
ومشناه أول لائحة قانونية وضعها اليهود لأنفسهم
بعد التوراة ، جمعها يهوذا هاناسي Judah
Hanasi فيما بين 190 و200م ، أي : بعد قرن تقريبًا من تدمير تيطس الروماني
الهيكل.
أما "جمارا" فاثنان : جمارا أورشليم "فلسطين" ، وجمارا بابل.
جمارا
أورشليم "أو فلسطين" هو سجّل للمناقشات التي أجراها حاخامات فلسطين "أو بالأخص
علماء مدارس طبرية" لشرح أصول المشناه ، ويرجع تاريخ جمعه إلى عام 400 م.
وجمارا
بابل هو سجّل مماثل للمناقشات حول تعاليم
___________
1 Jewish Encyclopaedia نيويورك : 1948 ، جـ 10 ، مادة "التلمود".
11 |
36939
المشناة ، دونها علماء بابل اليهود ، وانتهوا من جمعه سنة 500م
تقريبًا.
فمشناه مع شرحه جمارا أورشليم يسمَّى "تلمود أورشليم" ، ومشناه مع شرحه
جمارا بابل يسمَّى "تلمود بابل" ، وكلاهما يطبع على حدة.
المشناه : هو خلاصة
"القانون الشفهي"1 Oral
law ، الذي تناقله الحاخامات منذ ظهور حركة الفريسيين التابعين لأهواء
النفس ، ونشطت حركتهم بعد ظهور عيسى ابن مريم -عليه السلام ، مما أدى أخيرًا إلى
تسجيل المبادئ الهدَّامة التي قامت عليها دعوة الفريسيين التي استنكرها
المسيح.
في مقدمة كتابه "شرح المشناه" كتب الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون
Maimonides ما يلي تعريفًا بالمشناه :
"منذ أيام معلمنا موسى حتى حاخامنا
المقدس "يهوذا هاناسي" لم يتفق أحد من علماء اليهود" على أيَّة
عقيدة
___________
سنأتي على شرح القانون الشفهي وحركة الفريسيين في الصفحات
التالية.
12 | 36939
من
العقائد التي كانت تدرس علانية باسم "القانون الشفهي" ، بل كان رئيس محكمة كل جيل
أو نبيه يضع مذكرة عمَّا سمعه عن سلفه وموجهيه ، لينقلها شفهيًّا إلى شعبه ، وهكذا
ألَّف كل فرد "من العلماء" كتابًا مماثلًا ليستفاد منه حسب درجة كفاءته ، إذا كان
متمكنًا من القوانين الشفهية وما توصل إليه السابقون من تفسير التوراة ، والقرارات
التي أعلنت في مختلف الأجيال ، وقررتها المحكمة العليا "السنهدرين" ، وهكذا تقدَّم
الزمن حتى أتى حاخامنا المقدَّس الذي جمع لأوَّل مرة كل ما يتعلق بالسنة والأحكام
والقرارات ، وشرح القانون المروي عن موسى -معلمنا- المأمور به في كل جيل"
1.
___________
1 Introductaion, Hebrew leterature, pp v, vi ويمكن لنا استنباط الفوضى والنزعات الشخصية التي طغت على نفوس
الحاخامات الذين -حسب شهادة موسى بن ميمون- لم يتفقوا على أمر فيما بينهم حول
القانون الشفهي ، حتى جمعه يهوذا هاناسي ، وهذه النزعات التي تغيرت من جيل إلى آخر
هي التي ظلت تحكم روح التلمود الذي يقدس اليهود تعاليمه أكثر من التوراة {فَبِمَا
نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ
وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}
[المائدة : 13].
13 | 36939