ebrehim مدير
عدد المساهمات : 2239 تاريخ التسجيل : 19/10/2011
| موضوع: الفرق بين التشبيه والتمثيل الثلاثاء 12 يونيو 2012, 18:05 | |
| وإذ قد عرفتَ الفَرْقَ بينن الضَّربين، فاعلم أن التشبيه عامٌّ والتمثيل أخصّ منه، فكل تمثيلٍ تشبيهٌ، وليس كلّ تشبيهٍ تمثيلاً، فأنت تقول في قول قيس بن الخطيم: وقد لاَحَ في الصُّبح الثريَّا لمن رَأَى كَعُنْقُودِ مُـلاَّحِـيَّةٍ حِـينَ نَـوَّرا إنه تشبيه حسن، ولا تقول: هو تمثيل، وكذلك تقول: ابنُ المعتزّ حَسَنُ التشبيهات بديعُها، لأنك تعني تشبيهه المبصَرات بعضَهَا ببعض، وكلَّ ما لا يوجد الشبه فيه من طريق التأوّل، كقوله:
كأنَّ عُيونَ النَّرْجِسِ الغضِّ حَوْلها مَدَاهِنُ دُرٍّ حَشْوُهـنَّ عـقـيقُ وقوله: وأرَى الثُّريّا في السَّماء كأنَّها قَدْ تَبَدَّت من ثِـيابِ حِـدَادِ وقوله: وتـرومُ الـثُّـريا في الغُرُوبِ مَرَاما
كانكبـاب طِـمِـرِّ كادَ يُلقَى اللِّجَامَـا وقوله: قد انْقَضَتْ دَولَةُ الصيام وَقَد بَشَّرَ سُقْم الهِلالِ بِالـعِـيدِ
يتلو الثريا كفاغـرٍ شَـرِهٍ يفتح فاه لأكلِ عـنـقـودِ وقوله: لَمَّا تَعَرَّى أُفُقُ الـضِّـياءِ مثلَ ابتسام الشَّفَة اللَّمْـياءِ
وَشمِطَتْ ذَوائِبُ الظَّلمـاءِ قُدْنا لِعين الوَحْش والظِّباء
داهيةً مَحذُورةَ الـلِّـقـاءِ وَيَعْرِفُ الزَّجْر من الدُّعاءِ
بأُذُنِ سـاقـطةِ الأرجـاءِ كوَرْدِةِ السَّوْسَنة الشَّهبـاءِ
ذَا بُرْثُن كمِثْقَبِ الـحـذَّاءِ ومُقْلةٍ قـلـيلةِ الأقـذاءِ
صافية كقطرةٍ من مـاءِ وما كان من هذا الجنس ولا تُريد نحو قوله: اصبر على مضَض الحسو دِ فإنّ صَبْرَك قـاتِـلُـهْ
فالنَّارُ تأكلُ نَـفْـسَـهَـا إن لَمْ تَجِدْ ما تـأكـلُـهْ وذلك أن إحسانه في النوع الأول أكثر، وهو به أشهر. وكل ما لا يصحّ أن يسمَّى تمثيلاً فلفظ المثل لا يُستعمل فيه أيضاً، فلا يقال: ابن المعتزّ حسن الأمثال، تريد به نحو الأبيات التي قدّمتُها، وإنما يقال: صالح بن عبد القدُّوس كثير الأمثال في شعره، يراد نحو قوله:
وإنَّ مَنْ أَدَّبْتَهُ في الـصِّـبـا كالعُودِ يُسقَى الماءَ في غَرْسِهِ
حتَّى تراهُ مُورقَـاً نـاضـراً بَعْد الذي أبصرتَ مِنْ يُبْسِـه وما أشبهه، مما الشبه فيه من قبيل ما يجري في التأوّل، ولكن إن قلت في قول ابن المعتز: فالنار تأكُلُ نَفْسهـا إن لم تجد ما تأْكُلُهْ إنه تمثيل، فمثل الذي قلتُ ينبغي أن يُقال، لأن تشبيه الحسود إذا صُبِر وسُكِتَ عنه، وتُرك غيظُه يتردّد فيه بالنار التي لا تُمَدُّ بالحطب حتى يأكُلَ بعضها بعضاً، مما حاجتهُ إلى التأوُّل ظاهرة بيّنة. فقد تبيّن بهذه الجُملة وجهُ الفرق بين التشبيه و التمثيل، وفي تتبّع ما أجملتُ من أمرهما، وسلوكِ طريقِ التحقيق فيهما، ضربٌ من القول ينشَط له من يأْنَسُ بالحقائق. | |
|