الإمامية
الإمام المعصوم هو الرسول
ولا مصلحة في عصمة إمام إلا وهي حاصلة بعصمته
الإمام المعصوم هو رسول الله r، وطاعته واجبة في كل زمان على كل أحد، والأمة تعرف أمره ونهيه.
وورثته الذين ورثوا علمه يصدقون في الإخبار عنه.
والعلم الديني الذي تحتاج إليه الأئمة والأمة نوعان:
«علم كلي» كإيجاب الصلوات الخمس وصيام شهر رمضان والحج وتحريم الزنا والسرقة والخمر ونحو ذلك.
و«علم جزئي» كوجوب الزكاة على هذا، ووجوب إقامة الحد على هذا ونحو ذلك.
فأما الأول فالشريعة مستقلة به لا تحتاج فيه إلى الإمام؛ فإن النبي r إما أن يكون نص على كليات الشريعة التي لابد منها أو ترك منها ما يحتاج إلى القياس.
فإن كان الأول ثبت المقصود. وإن كان الثاني فذلك القدر يحصل بالقياس.
وأما «الجزئيات» فهذا لا يمكن النص على أعيانها؛ بل لابد فيها من الاجتهاد المسمى «بتحقيق المناط» كما أن الشارع لا يمكن أن ينص لكل مصل على جهة القبلة في حقه، ولكل حاكم على عدالة كل شاهد، ونفقة هذه الزوجة، ووقوع الطلاق بهذا الزوج، وإقامة الحد على هذا المفسد، وأمثال ذلك، فهذا مما لا يمكن نبي ولا أحد من الخلق أن ينص على كل فرد منه، لأن أفعال بني آدم وأعيانهم يعجز عن معرفة أعيانها الجزئية علم واحد من البشر وعبارته.
وإن اكتفي بالكليات فالنبي يمكنه أن ينص على الكليات كما جاء به نبينا r إذ ذكر ما يحرم من النساء وما يحل ...
وكذلك في الأشربة حرم ما يسكر دون ما لا يسكر، وأمثال ذلك. بل حصر المحرمات في قوله: }قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{([1]).
وجميع الواجبات في قوله: } قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ {([2]) الآية.
والواجب محصور في حق الله وحق عباده.
ثم إنه سبحانه فصل أنواع الفواحش والبغي وأنواع حقوق العباد في مواضع أخر.
فتبين بذلك أنه لا مصلحة في عصمة الإمام إلا وهي حاصلة بعصمة الرسول ولله الحمد والمنة والواقع يوافق هذا.
ورأينا كل من كان إلى اتباع السنة والحديث واتباع الصحابة أقرب كانت مصلحتهم في الدنيا والدين أكمل، وكل من كان أبعد من ذلك كان بالعكس([3]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سورة الأعراف آية: (33).
([2]) سورة الأعراف آية: (29).
([3]) ج (3) ص (247- 257).