اشتراط العصمة في الأئمة ليس بمقدور ولا مأمور ضمان العصمة للأمة
الله أمر بطاعة الأئمة الموجودين المعلومين الذين لهم سلطان يقدرون به على سياسة الناس؛ لا بطاعة معدوم ولا مجهول، ولا من ليس له سطان ولا قدرة على شيء أصلاً.
كما أمر النبي r بالاجتماع والائتلاف ونهى عن الفرقة والاختلاف، ولم يأمر بطاعة الأئمة مطلقًا، بل أمر بطاعتهم في طاعة الله دون معصيته.
وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال سمعت رسول الله r يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قال: قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة لا ما أقاموا فيكم الصلاة. إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله تعالى ولا ينزعن يدًا من طاعة»([1]).
وفي صحيح مسلم عن أم سلمة أن رسول الله r قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع. قالوا: يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا»([2]).
وهذا يبين أن الأئمة هم الأمراء ولاة الأمور، وأنه يكره وينكر ما يأتونه من معصية الله، ولا ينزعن اليد من طاعتهم، بل يطاعون في طاعة الله، وأن منهم خيارًا وشرارًا، من يُحب ويُدعى له ويحب الناس ويدعو لهم، ومن يبغض ويدعو على الناس ويبغضونه ويدعون عليه.
واشتراط العصمة في الأئمة ليس بمقدور ولا مأمور ولم يحصل به منفعة في الدين ولا في الدنيا.
والله قد ضمن العصمة للأمة فمن تمام العصمة أن يجعل عددًا من العلماء وإذا أخطأ الواحد في شيء كان الآخر قد أصاب فيه حتى لا يضيع الحق- ومَثَّلَ الشيخ بالمذاهب الأربعة وغيرها([3]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه مسلم رقم (1855).
([2]) أخرجه مسلم رقم (1854).
([3]) ج (1) ص (35، 36) ج (2) ص (109، 105، 112).