ثم إن الرافضة لفرط جهلهم وضلالهم يقولون: إنهم ومن اتبعهم كانوا كفارًا مرتدين، وأن اليهود والنصارى خير منهم؛ لأن الكافر الأصلي خير من المرتد. وقد رأيت هذا في عدة من كتبهم. وهذا القول من أعظم الأقوال افتراءً على أولياء الله المتقين، وحزب الله المفلحين، وجند الله الغالبين.
وهذا ونحوه من أعظم ما يقدح به الرافضة في الرسول r كما قال مالك وغيره: إنما أراد هؤلاء الرافضة الطعن في الرسول ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلاً صالحًا لكان أصحابه صالحين.
ومن الدلائل الدالة على فساده أن المرتد إنما يرتد لشبهة أو شهوة ومعلوم أن الشبهات والشهوات في أوائل الإسلام كانت أقوى فمن كان إيمانهم مثل الجبال في حال ضعف الإسلام كيف يكون إيمانهم بعد ظهور آياته وانتشار أعلامه ؟!!
وأما الشهوة فسواء كانت شهوة رياسة أو مال أو نكاح أو غير ذلك كانت في أول الإسلام أولى بالاتباع- فمن خرجوا من ديارهم وأموالهم وتركوا ما كانوا عليه من الشرف والعز حُبَّا لله ورسوله طوعًا غير إكراه كيف يعادون الله ورسوله طلبًا للشرف والمال؟ ثم هم في حال قدرتهم على المعاداة وقيام المقتضى للمعاداة لم يكونوا معادين لله ورسوله، بل موالين لله ورسوله، فحين قوي المقتضى للموالاة وضعفت القدرة على المعاداة يفعلون نقيض هذا؟! هل يظن هذا إلا من هو من أعظم الناس ضلالاً؟... فعلم علمًا يقينيًا أن القوم لم يتجدد عندهم ما يوجب الردة عن دينهم البتة، والذين ارتدوا بعد موته إنما كانوا ممن أسلم بالسيف كأصحاب مسيلمة وأهل نجد([1]).
من يطعن على أبي بكر وعمر
لا يطعن على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلا أحد رجلين: إما رجل منافق زنديق ملحد عدو للإسلام يتوصل بالطعن فيهما إلى الطعن في الرسول ودين الإسلام، وهذا حال المعلم الأول للرافضة أول من ابتدع الرفض، وحال أئمة الباطنية. وإما جاهل مفرط في الجهل والهوى وهو الغالب على عامة الشيعة إذا كانوا في الباطن مسلمين([2]).
جميع ما يطعن به فيهم أكثره كذب ...
أصحاب رسول الله r ما يطعن به فيهم أكثره كذب والصدق منه غايته أن يكون ذنبًا أو خطأً والخطأ مغفور. والذنب له أسباب متعددة توجب المغفرة([3]) ولا يمكن أحد أن يقطع بأن واحدًا منهم فعل من الذنوب ما يوجب النار لا محالة. وكثير مما يطعن به على أحدهم يكون من محاسنه وفضائله- فهذا جواب مجمل([4]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) ج (4) ص (128).
([2]) ج (3) ص (157، 158) ج (3) ص (115).
([3]) ذكرها الشيخ في المنهاج جزء (3) ص (179).
([4]) ج (3 /115) وقد ذكر الجواب مفصلاً.