رأس مال الرافضة التقية، وهي أن يظهر خلاف ما يبطن من العداوة كما يفعل المنافق. وقد كان المسلمون في أول الإسلام في غاية الضعف والقلة وهم يظهرون دينهم ولا يكتمونه، والرافضة يزعمون أنهم يعملون بهذه الآية: } لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً {([1]).
ويزعمون أنهم هم المؤمنون وسائر أهل القبلة كفار، مع أن لهم في تكفير الجمهور قولين؛ لكن قد رأيت غير واحد من أئمتهم يصرح في كتبه وفتاويه بكفر الجمهور أنهم مرتدون، ودارهم دار ردة، يُحكم بنجاسة مائعها، وأن من انتقل إلى قول الجمهور منهم ثم تاب لم تقبل توبته؛ لأن المرتد الذي يولد على الفطرة لا يقبل الرجوع إلى الإسلام ... وهذه الآية حجة عليهم ...
وقد اتفق المفسرون على أنها نزلت بسبب أن بعض المسلمين أراد إظهار مودة الكفار فنهوا عن ذلك.
وقوله: } إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً { ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي، فإن هذا نفاق، ولكن أفعل ما أقدر عليه كما في الصحيح عن النبي r أنه قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه»([2]).
فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه، ولكن إن أمكنه بلسانه، وإلا فبقلبه- غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وهو لم يكن موافقًا لهم على جميع دينهم، ولا كان يكذب، ولا كان يقول بلسانه ما ليس في قلبه؛ بل كان يكتم إيمانه، وكتمان الإيمان شيء وإظهار الدين الباطل شيء آخر، فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر؛ والله تعالى فرق بين المنافق والمكره.
والرافضة حالهم من جنس حال المنافقين لا من جنس حال المكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان.
فالرافضي لا يعاشر أحدًا إلا استعمل معه النفاق؛ فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد يحمله على الكذب والخيانة وغش الناس وإرادة السوء بهم، فهو لا يألوهم خبالاً، ولا يترك شرًا يقدر عليه إلا فعله بهم ...([3]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سورة آل عمران آية: (28).
([2]) صحيح مسلم ص (69).
([3]) ج (3) ص (259 - 261) ج (4) ص (41) ج (1) ص (18).