مكروهات
الوضوء:
المكروه
عند الحنفية نوعان:
مكروه تحريماً: وهو ما كان إلى الحرام أقرب، وتركه واجب. وهو المراد عندهم حالة
الإطلاق.
ومكروه
تنزيهاً:
وهو ما كان تركه أولى من فعله ، أي خلاف الأولى. وكثيراً ما
يطلقونه.
ولم
يفرق الجمهور غير الحنفية بين نوعي الكراهة، ويراد بها عندهم التنزيهية. ويكره
للمتوضئ ضد ما يستحب من الآداب وأهمها ما يأتي:
1- الإسراف
في صب الماء:
بأن يستعمل منه فوق الحاجة الشرعية أو ما يزيد عن الكفاية. وهذا إذا كان الماء
مباحاً أو مملوكاً للمتوضئ، فإن كان موقوفاً على الوضوء منه كالماء المعد للوضوء في
المساجد، فالإسراف فيه حرام.
ودليل
الكراهة:
ما أخرج ابن ماجه وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم مرَّ بسعد، وهو يتوضأ، فقال: "ما هذا السَّرَف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ فقال:
نعم، وإن كنت على نهر جار" ومن الإسراف: الزيادة على الثلاث في الغسلات وعلى المرة
الواحدة في المسح عند الجمهور غير الشافعية لحديث عمرو بن شعيب السابق: "فمن زاد
على هذا أو نقص فقد أساء وتعدى وظلم".
والكراهة
تنزيهية حتى عند الحنفية إلا إذا اعتقد أن ما زاد على الغسلات الثلاث من أعمال
الوضوء، فتكون الكراهة حينئذ تحريمية عندهم.
وكذا
يكره تنزيهاً التقتير بجعل الغسل مثل المسح: (وهو أن يكون تقاطر الماء عن العضو
المغسول غير ظاهر) لأن السنة إسباغ الوضوء، والتقتير ينافيه.
2- لطم
الوجه أو غيره بالماء:
والكراهة تنزيهية، لأنه يوجب انتضاح الماء المستعمل على ثيابه، وتركه أولى، وهو
أيضاً خلاف التؤدة والوقار، فالنهي عنه من الآداب.
3- التكلم
بكلام الناس:
والكراهة تنزيهية، لأنه يشغله عن الأدعية. وعند الشافعية: خلاف
الأولى.
4- الاستعانة
بالغير بلا عذر:
لحديث ابن عباس السابق: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكل طهوره إلى أحد ..."
رواه ابن ماجه والدارقطني. وقد عرفنا أن الثابت في السنة جواز المعاونة في الوضوء،
لكن قد حمل ذلك على حالة العذر، ولأن الضرورات تبيح
المحظورات.
5- التوضؤ
في موضع نجس:
لئلا يتنجس منه، وزاد الحنفية: التوضؤ بفضل ماء المرأة، أو في المسجد إلا في إناء
أو في موضع أعد لذلك خشية تلويث المسجد بآثار الماء. وقال الحنابلة : تكره إراقة
ماء الوضوء وماء الغسل في المسجد، أو في مكان يداس فيه كالطريق تنزيهاً لماء
الوضوء، لأن له حرمة وأنه أثر عبادة. ويباح الوضوء والغسل في المسجد إذا لم يؤذ به
أحداً ولم يؤذ المسجد، لأن المنفصل منه طاهر.
6- مسح
الرقبة بالماء: عند الجمهور غير الحنفية.
7-مبالغة
الصائم في المضمضة والاستنشاق مخافة أن يفسد صومه.
8- ترك
سنة من سنن الوضوء، السابق بيانها في المذاهب.
قال الحنابلة مثلاً: يكره لكل أحد ينتثر وينقي أنفه ووسخه ودرنه ويخلع نعله
ويتناول الشيء من يد غيره، ونحو ذلك بيمينه، مع القدرة على ذلك بيساره،
مطلقاً.
9- الوضوء
بفضل طهور المرأة إذا استقلت به:
وقال الحنابلة: يكره ولا يجوز وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة إذا خَلَت به
(استقلت)، فإن اشترك الرجل معها فلا بأس. بدليل "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى
أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة" رواه أبو داود والترمذي ولأن جماعة من الصحابة
كرهوا ذلك، فقالوا: إذا خلت بالماء فلا يتوضأ منه.
وقال
أكثر العلماء:
يجوز الوضوء به للرجال والنساء، لما روى مسلم في صحيحه وأحمد عن ابن عباس، قال:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بفضل وضوء ميمونة" رواه مسلم وقالت ميمونة:
"اغتسلت من جفنة، ففضلت فيها فضلة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل، فقلت: إني
قد اغتسلت منه، فقال: الماء ليس عليه جنابة" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد
ولأنه ماء طهور جاز للمرأة الوضوء به، فجاز للرجل كفضل الرجل. وهذا هو الأصح، ويحمل
النهي على الكراهة التنزيهية بقرينة أحاديث الجواز.
10- الماء
الساخن والماء المشمس:
قال الشافعية: يكره تنزيهاً التطهير بماء شديد السخونة وشديد البرودة