سِماك بن خَرَشه وقيل : سِماك بن أوس بن خَرَشه بن لوذان الأنصاري شهد بدراً
وأحداً وجميع المشاهد مع رسول الله ، وثبت عنه يوم أحد مع النبي ، وبايعه على
الموت، ودافع عن النبي يوم أحد هو ومصعب بن عمير، فكثرت فيه الجراحات.هو سماك بن
خرشة بن الخزرج أسلم مبكراً مع قومه الأنصار، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بينه وبين عتبة بن غزوان، وشهد معركة بدر مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم...
سيرته وشجاعته:
كان من الشجعان المشهورين بالشجاعة، وكانت له
عصابة حمراء، يعلم بها في الحرب، فلما كان يوم أحد أعلم بها، واختال بين الصفين،
فقال رسول الله : إن هذه مشية يبغضها الله عز وجل، إلا في هذا المقام.
موقفه
يوم أحد:
عرض النبي سيفه يوم أحد وقال: من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فأحجم القوم،
فقال أبو دجانه: وما حقه يا رسول الله ؟ قال: أن تضرب به العدو حتى ينحني. فقال أبو
دجانه: أنا آخذه بحقه، فدفعه رسول الله إليه، ففلق به هام المشركين، وقال في
ذلك:
أنا الذي عاهدني خليلي *** ونحن بالسفـح لدى النخيل
أن لا أقوم
الدهر في الكيول *** أضرب بسيف الله والرسول
ولما كانت نهاية المعركة,
رأى أبو دجانة رجلا يمثل بجثث الشهداء فضربه ضربة قسمت عدو الله إلى قسمين بالرغم
من أن الكافر كان أوفرهما عدة وتهيئة [1].
استشهاده:
استشهد يوم اليمامة
بعدما أبلى فيها بلاء عظيما، وكان لبني حنيفة باليمامة حديقة يقاتلون من ورائها،
فلم يقدر المسلمون على الدخول إليهم، فأمرهم أبو دجانه أن يلقوه إليها، ففعلوا،
فانكسرت رجله، فقاتل على باب الحديقة، وأزاح المشركين عنه، ودخلها المسلمون، وقتل
يومئذ. أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته عن الزبير بن العوام قال : عرض
رسول الله صلى الله عليه و سلم سيفا يوم أحد فقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فقمت
فقلت : أنا رسول الله فأعرض عني ثم قال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فقلت : أنا يا
رسول الله فأعرض عني ثم قال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فقام أبو دجانة سماك بن
خرشة فقال : آنا آخذه يا رسول الله بحقه فما حقه؟ قال: أن لا تقتل به مسلما و لا
تفرّ به عن كافر قال : فدفعه إليه وكان إذا كان أراد القتال أعلم
بعصابة...
فلما أخذ أبو دجانة السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرج عصابته تلك فعصبها برأسه فجعل يتبختر بين الصفين - قال ابن إسحاق: إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى أبا دجانة يتبختر: "إنها لمشية يبغضها الله
إلا في مثل هذا الموطن" -
قال: قلت: لأنظرن إليه اليوم كيف يصنع قال : فجعل
لا يرتفع له شيء إلا هتكه و أفراه حتى انتهى إلى نسوة في سفح الجبل معهن دفوف لهن
فيهن إمرأة تقول:
( نحن بنات طارق نمشي على النمارق )
( إن تقبلوا
نعانق و نبسط النمارق )
( أو تدبروا نفارق فراق غير وامق )
قال فأهوى
بالسيف إلى امرأة ليضربها ثم كف عنها فلما انكشف له القتال قلت له كل عملك قد رأيت
ما خلا رفعك السيف على المرأة لم تضربها قالا إني و الله أكرمت سيف رسول الله صلى
الله عليه و سلم أن أقتل به امرأة.
مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم
والصحابة عن قتادة بن النعمان قال : كنت نصب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
أحد أقي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهي وكان أبو دجانة سماك بن خرشة موقيا
لظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره حتى امتلأ ظهره سهاما وكان ذلك يوم
أحد...
من مواقفه مع الصحابة رضي الله عنهم
قال زيد بن أسلم: دُخل
على أبي دجانة وهو مريض - وكان وجهه يتهلل - فقيل له: ما لوجهك يتهلل فقال: ما من
عملي شيء أوثق عندي من اثنتين : كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني أما الأخرى فكان قلبي
للمسلمين سليما
ما قيل عنه:
عن ابن عباس قال : دخل عليٌّ بسيفه على
فاطمة رضي الله عنهما و هي تغسل الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:
خذيه فلقد أحسنت به القتال فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن كنت قد أحسنت
القتال اليوم فلقد أحسن سهل بن حنيف وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وأبو
دجانة.
وقف يوم أحد إلى جانب فرسان المسلمين، يستمع إلى رسول الله ( وهو
يعرض عليهم سيفه، قائلا: (من يأخذ مني هذا؟) فبسطوا أيديهم، كل إنسان منهم يقول:
أنا ..أنا، فقال رسول الله (: (فمن يأخذه بحقه؟)، فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا
آخذه بحقه، فأخذه أبو دجانة، ففلق به هام المشركين (أي شق رءوسهم) [مسلم]. وأخذ أبو
دجانة عصابته الحمراء وتعصب بها، فقال الأنصار من قومه: أخرج أبو دجانة عصابة
الموت، ثم نزل ساحة المعركة، وهو ينشد: أَنَا الذي عَاهَدَنِي خَلِيــلِي وَنَحْنُ
بِالسَّفْحِ لَدَى النَّخِيــلِ أَنْ لا أُقِيمَ الدَّهرَ في الكبُولِ أَضــْرِبُ
بِسَيْفِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وأخذ يقتل المشركين، ويفلق رءوسهم بسيف الرسول صلى
الله عليه وسلم ( حتى بدأ النصر يلوح للمسلمين، فلما ترك الرماة أماكنهم، وانشغلوا
بجمع الغنائم، عاود المشركون هجومهم مرة أخرى، ففر كثير من المسلمين، وثبت بعضهم
يقاتل حول رسول الله (، منهم أبو دجانة الذي كان يدفع السهام عن رسول الله ( بعدما
رأى كتائب المشركين تريد الوصول إليه، فتصدى لهم بكل ما أوتى من قوة؛ أملا في
الحصول على الشهادة. ومات الرسول صلى الله عليه وسلم ( وهو راض عنه، فواصل جهاده مع
خليفته أبي بكر الصديق، وشارك في حروب الردة، وكان في مقدمة جيش المسلمين الذاهب
إلى اليمامة لمحاربة مدعى النبوة مسيلمة الكذاب وقومه بني حنيفة، وقاتل قتال الأسد
حتى انكشف المرتدون، وفروا إلى حديقة مسيلمة، واختفوا خلف أسوارها وحصونها المنيعة،
فألقى المسلمون بأنفسهم داخل الحديقة وفي مقدمتهم أبو دجانة، ففتح الحصن، وحمى
القتال، فكسرت قدمه، ولكنه لم يهتم، وواصل جهاده حتى امتلأ جسده بالجراح، فسقط
شهيدًا على أرض المعركة، وانتصر المسلمون، وفرحوا بنصر الله، وشكروا لأبي دجانة
صنيعه من تضحية وجهاد لإعلاء كلمة الله.