الروضة
الشريفة:
جاء
في الصحيحين " ما بين بيتي ـ وفي رواية قبرى ـ ومنبري روضة من رياض الجنة "
المكان الذي ضم أعضاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أفضل بقاع الأرض على
الإطلاق وكذلك ما جاوره: فالروضة هي روضة من رياض الجنة ومعنى
ذلك:
· أنها
تقطع من الأرض يوم القيامة وتوضع في الجنة؟.
- أو
أن من لازم العبادة فيها حصلت له روضة من رياض الجنة يوم
القيامة؟.
- أو
معنى ذلك أنها روضة في الدنيا للعلم والمعرفة حيث كان يقتبس ذلك من رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو فيها ثم تجعل يوم القيامة إحدى رياض الجنة فرياض الجنة حلق
الذكر.
وقد
وضع العثمانيون علامتها بجعل أساطينها بيضاء كما هو مشاهد
الآن.
آداب
الزيارة للرسول صلى الله عليه وسلم والجلوس في الروضة:
زيارة
قبر النبي صلى الله عليه وسلم قربة مشروعة من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى،
ومن أسباب استحقاق شفاعة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم، وهي بعض الوفاء لحقه
علينا صلى الله عليه وسلم . والدليل على مشروعية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم
أمور عدة:
1- مشروعية
زيارة القبور عموماً، بدليل فعله صلى الله عليه وسلم.
2- زيارة
الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم لقبر النبي صلى الله عليه
وسلم.
3- ما
رواه أحمد رضي الله عنه بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج يودع معاذ
بن جبل إلى اليمن قال له: " يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن
تمر بمسجدي هذا وقبري "، و (لعل) هنا للرجاء …بالإضافة
إلى كثير من الأحاديث والوقائع الدالة عليه.
وكيف
لا يخفق قلب المؤمن شوقاً وحباً وهياماً إلى مثواه للسلام عليه، وهو في قبره
يُخبَرُ بأعمال أمته فما وجد منها خيراً حمد الله عليه وما وجد منها غير ذلك استغفر
لهم صلى الله عليه وسلم.
يرد
السلام على من سلم عليه وتبلغه صلوات المؤمنين عليه ويسر بالمقبلين إليه
… كيف
لا تتلوع قلوبنا تلهفاً إلى مثواه وقد قال تعالى:{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ
ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ
الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء :
64].
لقد
جعل الله تعالى الدوم إلى حبيبه باباً من أوسع أبواب المغفرة وسبباً لاستحقاق
الرحمة.
آداب
الزيارة:
*يستحب
للزائر أن ينوي التقرب إلى الله بالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لفضل
ثواب الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم.
* يُستحب
أن يُكثر في طريقه إلى طيبة (المدينة المنورة) من الصلاة على الحبيب صلى الله عليه
وسلم، ولا سيما إذا بدت له معالم المدينة وأشجارها وأبنيتها، وأن يسأل الله تعالى
أن ينفعه بزيارته ويتقبلها منه.
*يستحب
الاغتسال قبل الدخول إلى مسجده صلى الله عليه وسلم للسلام عليه وأن ينظف نفسه،
ويلبس أحسن ثيابه ويتطَّيب.
* على
المرء أن يستشعر في قلبه أنه في أشرف بقاع الأرض بعد مكة.
* يُستحب
أن يقول عند دخول المسجد النبوي الشريف كما عند دخول المسجد الحرام: " أعوذ بالله
العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، بسم الله والحمد الله،
واللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب
رحمتك".
والروضة
هي ما بين المنبر والقبر الشريف المحاط بالحجرة الشريف، وهي متميزة بسواريها ذات
الرخام الأبيض.
ويصلي
في الروضة سنة تحية المسجد، ويشكر الله تعالى على هذه النعمة ويسأله القبول، ثم
يأتي القبر الشريف حيث يثوي سيدنا وحبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقف مستقبلاً
القبر والقبلة خلفه، ناظراً إلى أسفل المواجهة الشريفة، غاض الطرف، ممتلىء القلب
وإجلالاً لمنزلة من هو في حضرته عليه الصلاة والسلام، ثم يسلِّم بصوت معتدل
قائلاً:
السلام
عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك
يا خير خلق الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نذير، السلام عليك يا
بشير، السلام عليك يا طهر، السلام عليك يا نبي الرحمة، السلام عليك يا نبي الأمة،
السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا رسول رب العالمين، السلام عليك يا خير
الخلائق أجمعين، السلام عليك يا قائد الغر المحجلين، السلام عليك وعلى آل بيتك
وأزواجك و ذريتك وأصحابك أجمعين، والسلام عليك وعلى سائر الأنبياء وجميع عباد الله
الصالحين.
جزاك
الله يا رسول الله عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته، وصلى الله عليك وسلم كما ذكرك
ذاكر وغفل عن ذكرك غافل، أفضل وأطيب وأكمل ما صلى على أحد من الخلق أجمعين. وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده ولا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأشهد
أنك قد بلَّغتَ الرسالة وأدَّيت الأمانة ونصحتَ الأمة وجاهدت في الله حق
جهاده.
اللهم
آته الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، وآته نهاية ما ينبغي أن
يسأله السائلون، اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آل
سيدنا محمد وأزواجه وذريته كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم،
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وأزواجه وذريته كما باركت على سيدنا
إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد
مجيد.
وهذه
الصيغة مستحبة وله الاقتصار على بعضها مما يحفظه وحبَّذا لو حفظ ما يقدر على حفظه
دون أن يقرأ من الورق كما يفعل بعض الناس…
ويبلِّغ
السلام من أوصاه بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: السلام عليك يا
رسول الله من فلان ابن فلان…
* وبعد
السلام يتأخر إلى اليمين قدر (50 سم) فيسلم على سيدنا أبي بكر الصدِّيق ويثني بما
هو أهله رضي الله عنه.
* ثم
يتأخر إلى اليمين قدر ذراع فيسلِّم على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويثني بما
هو أهله.
فإذا
انتهى تأخر فوقف مستقبلاً القبلة، حيث أمكنه من الروضة والأفضل إن تيسَّر بين القبر
والسارية، فيحمد الله تعالى ويمجده، ويدعو لنفسه ولوالديه وإخوانه وسائر
المسلمين.
* ليحرص
على الصلاة في الروضة فقد روى أبو هريرة أن رسول الله قال: " ما بين قبري ومنبري
روضة من رياض الجنة، ومنبري على الحوض ".
*لا
يجوز الطواف بالقبر النبوي الشريف، ويكره التمسح به أو بالمواجهة الشريفة والتقبيل،
بل الأدب أن يبتعد كما لو حضر أمام الرسول صلى الله وسلم في
حياته.
*ينبغي
أن يحرص على أن يصلي الصلوات كلها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ينوي
الاعتكاف فيه.
* يسن
الخروج إلى البقيع كل يوم، ولا سيما يوم الجمعة وذلك بعد أن يسلم على النبي صلى
الله عليه وسلم، ويقول عندما يصل إلى البقيع: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا
إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل البقيع الغرقد اللهم اغفر لنا ولهم.
* يستحب
زيارة قبور شهداء أُحُد، ويبدأ بحمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد
الشهداء.
ويستحب
استحباباً مؤكداً أن يأتي مسجد قباء، والأولى أن يأتيه يوم السبت . روى الترمذي
بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة في مسجد قباء كعمرة ".
ويسن
أن يأتي بئر أريس فيشرب من مائه ويتوضأ من (أُزيل بئر أريس دفعاً لبدَع بعض
الجهلة).
* ينبغي
أن يكون وهو في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم مستحضراً شرف هذه المدينة وأن يتحلى
فيها بالأدب والخلق المطلوبين في ذلك المقام، ويسن أن يكثر من التصدق على فقراءها.
* فينبغي
عدم رفع الصوت وترك المشاحنات في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد أدَّب الله
المسلمين في كتابه العزيز بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ
بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ
لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ
وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: 2-3]. فقد نهت الآيتان القرآنيتان عن رفع الصوت
عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأوعدت من يرفع صوته عند رسول الله صلى
الله تعالى عليه وسلم بأن الله يحبط عمله ويذهبه ولا يثيبه. وورد في تفسير الآية أن
ثابت بن قيس رضي الله عنه كان جهوري الصوت ولشدة خوفه من الله جلس في بيته وهو يبكي
وقال أنا صيِّتٌ (أي صوتي عالٍ) وأخشى إن بدر من علوّ صوت في حضرة النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم، فما أظن هذه الآية إلا نزلت فيّ.
فلما
افتقده النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أرسل يطلبه فلما جاء الطلب إلى أهله قالوا
ها هو في داخل بيته لم يرقأ له دمع منذ أيام فلما دخلوا عليه قال لهم إنه ما يظن
هذه الآية إلا نزلت فيه لأنه كان جهوري الصوت يرتفع صوته عند رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطمأنه وبشره بالجنة كما
صرَّحت الآية بأن من يغض صوته عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقد هيأ الله
قلبه واختاره للتقوى، وقد روى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول: (لا ينبغي
رفع صوت على نبي حيَّاً ولا ميتاً) وكانت عائشة رضي الله عنها إذا سمعت صوت وتد أو
مسمار يدق في البيوت المجاورة ترسل إلى أهلها (لا تؤذوا رسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم)، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا أراد أن يصنع مصراعي باب بيته
خرج إلى المناصع (أي الرومية) حتى لا يؤذي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بما
يحدث من صوت أو ضجيج.
إذ
يجب على الزائر والجالس في الروضة الشريفة التأدب بآداب القرآن والتخلق بما ندب
إليه حتى يسلم من إحباط العمل فإن سوء الأدب ورفع الصوت والمجادلة والمشاحنات
والمناقشات في هذا المكان منافية لما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله تعالى
عليه وسلم فاحذر أيها الزائر واحذر أيها الجالس من مخالفة كتاب الله فإن ذلك يعرض
لسخط الله أعاذنا الله وجميع المسلمين من ذلك.
ويقول
العلماء: إنّ هذا الأدب معه صلى الله عليه و سلم كما كان واجباً في حياته هكذا هو
واجب بجوار قبره الشريف في مسجده صلى الله عليه و سلم و هكذا ينبغي التَّأدب في
مجالس الحديث الشريف وقراءته وسماعه.
يحرم
صيد المدينة المنورة وشجرها.
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين لابتيها حرام " واللابتان هما
الحرتان.
* إذا
أراد العودة إلى وطنه استحب أن يصلي في المسجد النبوي ركعتين، ويدعو بعدها بما أحب
ثم يأتي القبر الشريف ويعيد السلام والدعاء على النحو الذي فعل عند قدومه ثم يقول:
اللهم
لا تجعل هذا آخر العهد بحرم رسولك صلى الله عليه وسلم، ويسر لي العودة إلى الحرمين
سبيلاً سهلاً، وارزقني العفو العافية في الدنيا والآخرة، وردنا سالمين
غانمين.