يبتدىء هذا
الدور من ولاية معاوية ابن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه، أي في بداية العهد الأموي
سنة 41هجرية إلى أوائل القرن الثاني من الهجرة.
مميزات و خصائص هذا
الدور:
1- تفرُّقالمسلمين سياسياً و اتساع نطاق الخلاف لظهور نزعتين سياسيتين بعد مقتل عثمان
رضي الله تعالى عنه و هما: الخوارج و شيعة علي ( وهي فئة سياسية، أي لها بعض الآراء
السياسية المعينة لا أنها كانت تخالف المسلمين في بعض أمور الدِّين كحال الشيعة في
عصرنا، أما الشيعة كمذهب ديني كما هو في عصرنا لم يكن له وجود في ذلك العصر و لم
يظهر هذا المذهب إلا في القرن الثالث الهجري).
2- انتشار الصحابة في
البلاد بعد أن كانوا محصورين بين مكة و المدينة و ذلك لاتساع رقعة الإسلام و
الاحتياج إلى فتاوى جديدة و بالتالي إلى سماع الأحاديث.
3- ظهور الكذب في الحديث
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ذلك للأسباب التالية:
أ - وجود
الزنادقة و أعداء الدين من اليهود ( كعبد الله بن سبأ ) و الروم و المزدكية وغيرهم
الذين كانوا يكيدون للإسلام باطلاً، و هؤلاء لبسوا مسوح الإسلام و كانوا يُظهرون
التَّدين و يجلسون مجلس الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ليستمعوا
الأحاديث ثم يجلسون مجالس أخرى يعلِّمون الناس فيها أحاديث مكذوبة. و قد تلبَّس
كثير من هؤلاء المجرمين بالجرم المشهود فعوقبوا و أنزلت بهم الخلافة الإسلامية
آنذاك أشد العقوبات فكان أحدهم يقول قبل أن يُقتَل لينفِّس عن غيظه: أين أنتم من
الأحاديث التي وضعتُها فيكم أحرِّمُ الحلال و أحِلُّ الحرام.
ب- انتصار
المتعصبين لمذاهبهم كدعاة المبتدعة: يروي عبد الله بن ذريعة يقول: قال لي شيخ من
الخوارج تاب: " إنَّ هذا الحديث دين ، فانظروا عمَّن تأخذون الحديث، فإنّا كنا إذا
رأينا رأياً جعلناه حديثاً ".
و كذا من
فئة الشيعة، ورد أنَّ جابر الجم و هو ممن غالى من التشيع قال أنا عندي خمسون ألف
حديث، يرويها ابتداعاً عن رسول الله صلى الله عليه و سلم.
ج- العاطفة الإسلامية
الفجة التي لا تضبطها قواعد العلم، كالتي نجدها عند جهلة المتعبدين الذين وضعوا
الأحاديث في الفضائل و غيرها. أراد بعض الجهلة أن يُرَغِّبوا العامة في الجنة و
يخوِّفوهم من النار، فأخذوا يضعون ( أي يختلقون ) الأحاديث و هم يقولون إذا وقعوا
بيد العلماء: " نحن نكذب لرسول الله صلى الله عليه و سلم و لا نكذب على رسول الله
صلى الله عليه و سلم " !.
د- رغبة بعض الفسقة من
المحدثين في جمع عدد كبير من الناس حولهم في المساجد و تنافسهم فيما بينهم لجعل
حلقة الواحد منهم أكبر من حلقة غيره، و هذه الظاهرة نجدها حتى في عصرنا اليوم فتجد
واحداً ممن ادعى العلم يروي الأحاديث الموضوعة و المكذوبة في دروسه و عامة الناس لا
يعرفون لا بل يظنونه من كبار العلماء ! و كان العلماء يحذِّرون من مجالسة هؤلاء
القصاصين.
فائدة: من علامات
الحديث الموضوع ما يلي:
1- ذكر أعداد كثيرة (
سبعون ألفاً مع كل ألف ... )
2- الأجر الكثير على
العمل القليل .
3- قصص عن سيدنا موسى و
سيدنا داود عليهما السلام.
4- الأحاديث المتعلقة
بفضائل بعض السُّوَر المذكورة في بعض كتب التفاسير، أما الأحاديث الواردة في فضل
سورة البقرة و آل عِمران و الكهف و يس و تبارك و الإخلاص و ما شابه فيُحتج بها.
من هنا كان
لا بد من صحوة المسلمين لمجابهة هذا الخطر، فمنعوا رواية الحديث و حصروها فيمن
كانوا أهلاً لذلك. و بدأ تدوين السنّة بأمر من عمر بن عبد العزيز، ففي عام 99 هجرية
كان أبو بكر بن حزم أول من دوَّن أحاديث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وجمعها بين
دفتي كتاب و من ثم تبعه الكثيرون كسفيان بن عيينة و غيره. و باشر العلماء أيضاً
بتدوين العلوم الكفيلة بحفظ الرواية كعلم الجرح و التعديل، و وضع شروط الرواية و
شروط الحديث الصحيح و الحسن و الضعيف و المرسل و الموقوف ... و في ما يلي نورد بعض
التعاريف المهمة المتعلقة بعلم مصطلح الحديث: