تعريف
الحديث
: هو " ما
أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خِلقي أو خُلقي
".
ومعنى عِلم
الحديث كتعبير لغوي إدراك الحديث، و لكنه استُعمِلَ عند العلماء كاصطلاح يطلقونه
بإطلاقين:
أحدهما:
علم الحديث رواية أو رواية الحديث.
والثاني:
علم الحديث دراية أو علم دراية الحديث.
عِلم
الحديث رواية: " هو عِلم يشتمل على أقوال النبي صلى الله عليه و سلم و أفعاله و
تقريراته و صفاته و روايتها و ضبطها و تحرير ألفاظها ". فهو عِلم موضوعه ما أضيف
إلى النبي صلى الله عليه و سلم، و يبحث عن روايتها و ضبطها و دراسة أسانيدها و
معرفة حال كل حديث ،من حيث القوة والضعف. كما يبحث في هذا العلم عن معنى الحديث و
ما يُستنبَط منه من الفوائد. باختصار، فعلم الحديث روايةً يحقق بذلك غاية عظيمة
جداً تقوم على " الصون عن الخلل في نقل الحديث ".
عِلم
الحديث دراية: و يُطلَق عليه " مصطلح الحديث "، و هو: " علم بقوانين يُعرَف بها
أحوال السند و المتن ".
والسند هو حكاية رجال
الحديث الذين رووه واحداً عن واحد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم. و أحوال
السند: هي ما يطرأ عليه من اتصال، أو انقطاع، أو تساهل بعض رجاله في السماع، أو سوء
الحفظ، أو اتهامه بالفسق أو الكذب أو غير ذلك.
وأما
المتن: فهو ما ينتهي إليه السند من الكلام. و أحوال المتن، هي ما يطرأ عليه من رفع،
أو وقف، أو شذوذ أو علة، أو غير ذلك. فعلم المصطلح يضبط رواية الحديث و يحفظ الحديث
النبوي من الخلط فيه أو الافتراء عليه، و لولا هذا العلم لاختلط الحديث الصحيح
بالضعيف و الموضوع و لاختلط كلام رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم بكلام غيره!.
و يُعتَبَر القرن الثالث الهجري عصر التدوين الذهبي للسنَّة، و فيه أصبح كل نوع من
أنواع الحديث علماً خاصاً، فأفرد العلماء كل نوع منها بتأليف خاص. و لقد توالت
سلسلة الجهود العلمية متواترة متضافرة لحمل الحديث النبوي و تبليغه عِلماً و عملاً،
فناً و دراسة و شرحاً، منذ عهد النبي صلى الله عليه و سلم إلى عصرنا الحاضر، و إنها
حقاً لمكرمة عظيمة أكرم الله بها هذه الأمة، بل هي معجزة تحقق صدق التنزيل:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:
9]. قال الحافظ أبو علي الجياني: "خص الله تعالى هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها
من قبلها: الإسناد، و الأنساب، و الإعراب