أهم كتب الرواية في
القرنين الثاني و الثالث هجري:
1- موطأ مالك
: و يعود تدوين هذا
الكتاب إلى منتصف القرن الثاني هجري ، وقد استغرق تصنيفه و جمعه و تحريره أربعين
عاماً. أما عن تسميته، فقد رُوِيَ عن الإمام مالك أنه قال : " عرضتُ كتابي هذا على
سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة، كلهم وطَّأني عليه فسمَّيته الموطأ، ( وطَّأ أي
وافق ).
جمع في
الموطأ 1720 حديثاً مرفوعاً و600 مرسلاً و222 موقوفاً و أقوال التابعين
وفتاويهم.
و الموطأ
له مكانة عالية جداً و أغلب ما فيه صحيح. قال الشافعي: " ما على ظهر الأرض كتاب بعد
كتاب الله أصح من موطأ مالك ". ولم يكن كتاب البخاري قد ظهر
بعد.
2- مُسنَد الإمام أحمد:
دوَّنه في أول القرن
الثالث هجري و يُعتبَر من أشهر دواوين السُنة المشهورة وأجمعها للأحاديث، فقد وضع
فيه الإمام أحمد قُرابة ثلاثين ألف حديث، انتقاها من نحو سبعمائة وخمسين ألف حديث.
ولقد راعى فيه تسلسل نظام الطبقات بالنسبة للصحابة الذين أسند إليهم الحديث، حيث
قدَّم أولاً أحاديث العشرة المُبَشَّرين بالجنة وأولهم الخلفاء الأربعة ثم بعدهم
أحاديث أهل البيت وأقدم الصحابة إسلاماً ...
أكثر
أحاديث المسند صحيحة بل وفيه من الأحاديث الصحيحة زيادة على ما في الصحيحين بل
والسنن الأربعة، وفيه الحديث الحسن والضعيف، ويُقال إنَّ فيه بعض الأحاديث الموضوعة
ولكن ما وُجِدَ فيه لا يزيد عن أربعة أحاديث وقد اعتُذِرَ عنها بأن تركها الإمام
أحمد سهواً، و قد عاجلته منيَّته قبل إتمام تنقيح المسند منها، و قيل هي من زيادة
ابنه عبد الله بن أحمد.
3- صحيح البخاري:
و يسمى الجامع الصحيح
و يُعتَبَر صحيح البخاري عند أهل السُنة و جمهور الفقهاء والأصوليين أصح كتب السنة
والأحاديث على الإطلاق، بل هو عندهم أصح كتاب بعد القرآن الكريم.
ويُعتبَر
صحيح البخاري أول كتاب دُوِّنَ في بداية النصف الثاني من القرن الثالث هجري، وقد
بذل الإمام البخاري في تصنيف كتابه " الجامع الصحيح " جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً
بلغ ستة عشر عاماً حتى جمعه.
وقد اختار
أحاديثه من ستمائة ألف حديث، واقتصر على إخراج الصحيح منها ولم يستوعب كل الصحيح بل
اختار منه ما وافق شرطه، وقد ترك من الصحيح أكثر مما أثبته لئلا يطول الكتاب. جمع
الإمام البخاري في كتابه هذا نبذة من أحاديث الأحكام والفضائل والأخبار والأمور
الماضية و المستقبلية بالإضافة إلى الآداب والرقائق والدعوات والمغازي والسِّيَر
لذلك سمي كتابه بالجامع الصحيح . وما كان من الأحاديث غير المسندة مما لم يتصل سنده
من المعلقات، مما حُذِفَ من أول سنده راوِ أو أكثر فهذا خارج عن نمط الكتاب ومنهجه
وموضوعه و مقاصده ، وإنما أورده البخاري للإستشهاد فقط في تراجم أبواب الكتاب ولا
يوجد شيء منها في صلب الكتاب. و مما ينبغي أن يُعلَم أنَّ ما أورده البخاري منها
بصيغة الجزم مثل " قال " و " ذكر " وروى " فهذا يفيد الصحة إلى من علَّق عنه، وأما
ما علَّقه عن شيوخه بصيغة الجزم فليس من المعلَّق و إنما هو من المتصل و قد يعلِّق
البخاري الحديث في بعض المواضع من الجامع الصحيح و هو بسند متصل في مكان آخر في نفس
الصحيح و قد يكون الحديث معلقاً عنده في الصحيح و هو صحيح متصل عند مسلم أو عند
غيره من أصحاب كتب السنة المشهورة. أما إذا كان المعلق بصيغة لا تدل على الجزم و
يقال لها صيغة التمريض مثل " قيل "و " يُروى " و"يُذكر"، فهذا لا يستفاد منه الصحة
ولا عدمها بل يحتمل.
أحاديث
الجامع الصحيح على ما حققه ابن حجر بلغت 2602 حديثاً غير مكرراً، و إنَّ جملة ما
فيه من الأحاديث المكررة سوى المعلقات والمتابعات 7398 حديثاً و جملة ما فيه من
المعلقات 341 وجمع ما فيه بالمكرر 9082.
أجمع
شروحه:
1- فتح الباري شرح صحيح
البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي .
2- عمدة القاري بشرح
البخاري للعيني الحنفي.
4- صحيح مسلم :
يسمى الجامع الصحيح و
يُعتبَر ثاني كتب الصحاح. استغرق جمعه 12 عاماً، وقد انتقاه من ثلاثمائة ألف حديث.
جملة ما في صحيح مسلم دون المكرر أربعة آلاف حديث وهو بالمكرر يزيد على صحيح
البخاري لكثرة طُرُقه. لم يستوعب البخاري ومسلم في صحيحيهما كل الأحاديث الصحيحة
ولا التزما إخراج كل الصحيح وإنما أخرجا من الصحيح ما هو على شرطهما. فقد رُويَ عن
البخاري أنه قال: " ما وضعتُ في كتابي الجامع إلا ما صح و تركتُ من الصحاح مخافة
الطول ". وقال مسلم: " ليس كل شيء عندي صحيح وضعتُه هنا وإنما وضعتُ ما أجمعوا عليه
". إذاً فإنَّ كثيراً من الأحاديث الصحيحة توجد عند غيرهما من الكتب المعتمَدة ،
ممن التزم أصحابها إخراج الصحيح فيها كمستدرك الحاكم وصحيح ابن حِبَّان و صحيح ابن
خزيمة. والصحيح أن يُقال إنه لم يفُت الأمهات الست - الصحيحين و السنن الأربعة (
سنن أبي داود وسنن الترمذي و سنن ابن ماجه و سنن النَّسائي ) - إلا اليسير من
الأحاديث الصحيحة و توجد هذه الزوائد من الأحاديث الصحيحة في مسند أبي يعلى و
البزَّار و بقية السنن الأخرى.
5- سنن أبي داود:
اعتنى أبو داود
بأحاديث الأحكام خاصة و انتقى صحيحه من خمسمائة ألف حديث واشتمل على أربعة آلاف
حديث من أحاديث الأحكام خاصة، لذلك فهو مرجع للفقهاء في أحاديث الأحكام. وهذا
الكتاب هو أول السنن الأربعة و أقدمها منزلة بعد الصحيحين. قال أبو داود: " قد
ذكرتُ فيه الصحيح وما يقاربه وما كان فيه وهن شديد بيَّنتُه و ليس في كتابي هذا
الذي صنَّفتُه عن رجل متروك الحديث شيء ". و لكن مع هذا فهو لا ينص على صحة الحديث
ولا ضعفه، فيسكت عنه. وما سكت عنه في منهجه صالح للإحتجاج به و لكن العلماء تتبعوا
أحاديث السنن و دققوا فيها وحكموا عليها.
6- جامع الترمذي:
ويسمى سنن الترمذي،
ويُعتبَر في المرتبة الثانية بعد سنن أبي داود. التزم فيه الترمذي بأن لا يُخَرِّج
إلا حديثاً عَمِلَ به فقيه أو احتج به مجتهد. ولم يلتزم الترمذي بإخراج الصحيح فقط
و لكنه أخرج الصحيح ونصَّ على صحته و أخرج الحسن و بيَّنه و نوَّه به وأكثر من
ذِكره وهو الذي شهره، وأخرج الحسن الصحيح. يُعتبَر كتاب الترمذي من مظان الحديث
الحسن. وأخرج أيضاً الضعيف ونصَّ على ضعفه وأبان علته وأخرج بعض الأحاديث المنكرة
في باب الفضائل و نبَّه عليها غالباً. تميَّز كتابه بالاستدلالات الفقهية واستنباط
الأحكام من الأحاديث وبيَّن من أخذ بها أو عمِلَ بها من الصحابة والتابعين والأئمة
المجتهدين من فقهاء الأمصار. وقد تضمَّن كتابه أيضاً كتاباً آخر سماه " العلل "،
كشف فيه علل بعض الأحاديث و بذلك يكون جامع الترمذي قد تضمَّن فوائد
كثيرة.
7- سنن النَّسائي:
صنَّف النسائي "سننه
الكبرى" التي تُعتبَر أقل الكتب - بعد الصحيحين - حديثاً ضعيفاً ورَجُلاً مجروحاً ،
ثم استخلص منه " السنن الصغرى " و تسمى " المجتبى " و هذا الكتاب هو أقل السنن
حديثاً ضعيفاً و عدد أحاديثه 5761 حديثاً.
8- سنن ابن ماجه:
يُعتبَر هذا الكتاب
أدنى الكتب الستة في الرتبة. رتب ابن ماجه الأحاديث فيه على أبواب الفقه شأنها شأن
السنن الأخرى. جمع فيه 4341 حديثاً منها 3002 حديثاً أخرجها أصحاب الكتب الخمسة و
1339 حديثاً زائداً عن الكتب الخمسة، منها 428 حديثاً صحيحالإسناد و613 حديثاً
ضعيفاً والباقي 99 حديثاً ما بين واهٍ أو منكر أو موضوع.