حبه
لأمَّته صلى الله عليه وسلم:
بعد
أن عُرِجَ بالنبي صلى الله عليه وسلم و كَرَّمه ربه، سأله رب العزة :"يا محمد،
أبَقِيَ لكَ شيء؟ قال : نعمربي. فقال سبحانه وتعالى: سَل تُعط. فقال:
أمَّتي ، أمَّتي ". لم يقل أبنائي، لم يقل أصحابي، لم يقل أهلي، قال أمَّتي.
و
قد ورد في بعض كتب التفسير عند قوله تعالى :{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ
فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، أنه لمَّا نزلت عليه هذه الآية قال: " اللهم
لا أرضى يوم القيامة و واحد من أمَّتي في النار ".
لقد
أرسل لنا عليه الصلاة والسلام نحن الذين نعيش في هذا الزمن ولكل الذين عاشوا بعده:
" بلِّغوا السلام عني من آمن بي إلى يوم القيامة ". سَلَّمَ علينا قبل أن
نكون شيئاً مذكوراً، و عرفنا قبل أن نعرفه ، فكيف لا نكافىء هذا الحب
بحب؟!!!.
اللهم
صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد خلقك ورضاء نفسك و زنة عرشك ومداد
كلماتك، كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرنا الغافلون.
*من
كرم النبي صلى الله عليه و سلم:
عن
أنس رضي الله عنه أنَّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنماً بين جبلين،
فأتى قومه فقال:
" أي
قوم،أسلِموا، فإنَّ محمداً يُعطي عطاء ما يخاف الفاقة، فإنه كان
الرجل لَيجيء إلى رسول الله ما يريد إلا الدنيا، فما يُمسيحتى يكون دينه
أحَبُّ إليه و أعَزُّ عليه من الدنيا و ما فيها ".
ولقد
كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس صدراَ، أي أن جوده كان عن طيب قلب
وانشراح صدر لا عن تكلف وتصنع .
وورد
في رواية أخرى أنه عليه الصلاة والسلام كان أوسع الناس صدراَ وهو كناية عن عدم
الملل من الناس على اختلاف طباعهم وتباين أمزجتهم.
جامع
صفاته صلى الله عليه وسلم:
عن
إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب قال:
كان
علي رضي الله عنه إذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال: ...." أجود الناس صدراً
وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة ، من رآه بديهةً هابه ، ومن خالطه
معرفةً أحبه، يقول ناعِته لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم "، أخرجه
الترمذي وابن سعد والبغوي في شرح السنة والبيهقي في شعب
الأيمان.
و
ما ألطف قول ابن الوردي رحمه الله تعالى:
يا
ألطف مرسل كريم ما ألطـف هذه الشمائل
عراقة
أصله:
هو
خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق، فلِنَسَبِهِ من الشرف أعلى ذروة، وأعداؤه كانوا
يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم، فأشرف
القوم قومه وأشرف القبائل قبيلته. وصدق الله تبارك وتعالى إذ يقول :{فَإنَّهُمْ
لاَ يُكَذَّبُونكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِنَ بآيَاتِ اللهِ
يَجْحَدُونَ}.
ويؤيد
ذلك ما جاء على لسان أبي جهل عدو الله وعدو رسوله إذ قال للنبي - صلى الله عليه
وسلم -:
" قد
نعلم يا محمد أنك تصل الرحم وتصدق الحديث ولا نكذبك ولكنّ نكذب الذي جئت به " أخرجه
الحاكم في مستدركه هذا صحيح على شرط الشيخين. فأنزل الله -عز وجل-: {قَد
نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذَّبُونَكَ
وَلَكِنَّ الظَّالِمِنَ بآيَاتِ الله يَجحَدُونَ}، [الأنعام:
33].
ولهذا
ورد أنهم عرضوا عليه الجاه والسيادة والملك وجمع الأموال والمغريات الأخرى مقابل
ترك هذه الدعوة أو جزءاً منها كحل وسط ولكنهم لم ينجحوا فيها لأنّ موقف الرسول -صلى
الله عليه وسلم- كان ثابتاً.
وعرض
هذه الأمور عليه يدل على سمو مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم - من جهة النسب عند
قومه قريش الذين كانوا يأنفون أن يخضعوا للوضيع مهما كان الأمر وخاصة إذا جاء بأمر
يخالف عاداتهم وتقاليدهم مثل ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدين
الحنيف والدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك والأوثان وما كان سائداً في مجتمع مكة من
عادات وتقاليد جاهلية.