-القراءات
السبع:
أ-تعريف
القراءة:
لغة:
مصدر لـ: قرأ
واصطلاحا:
مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع
اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق
هيئاتها.
هذا
التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمام المقرئ كما ذكرنا من قبل، أما الأصل في
القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلى النبي صلى الله عليه
وسلم.
والمقرئ:
هو العالم بالقراءات ، التي رواها مشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي صلى
الله عليه وسلم.
ب-ضابط
القراءة المقبولة
لقد
ضبط علماء القراءات القراءة المقبولة بقاعدة مشهورة متفق عليها بينهم ،
وهي:
كل
قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت رسم أحد المصاحف ولو احتمالا، وتواتر سندها،
فهي القراءة الصحيحة.
يتبين
من هذا الضابط ثلاثة شروط هي:
الشرط
الأول: موافقة العربية ولو بوجه:
ومعنى
هذا الشرط أن تكون القراءة موافقة لوجه من وجوه النحو، ولو كان مختلفا فيه اختلافا
لا يضر مثله، فلا يصح مثلا الاعتراض على قراءة حمزة. {وَاتَّقُوا اللَّهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ}[النساء: 1] بجر
الأرحام.
الشرط
الثاني: موافقة خط أحد المصاحف ولو احتمالا:
وذلك
أن النطق بالكلمة قد يوافق رسم المصحف تحقيقا إذا كان مطابقاً للمكتوب، وقد يوافقه
احتمالاً أو تقديراً باعتبار ما عرفنا أن رسم المصحف له أصول خاصة تسمح بقراءته على
أكثر من وجه.
مثال
ذلك: {ملك يوم الدين}رسمت {ملك} بدون ألف في جميع المصاحف،
فمن قرأ: (ملك يوم الدين) بدون ألف فهو موافق للرسم تحقيقياً، ومن قرأ:
{مالك} فهو موافق تقديراً، لحذف هذه الألف من الخط اختصاراً .
الشرط
الثالث: تواتر السند:
وهو
أن تعلم القراءة من جهة راويها ومن جهة غيره ممن يبلغ عددهم التواتر في كل طبقة.
جـ-
أنواع القراءات حسب أسانيدها
لقد
قسم علماء القراءة القراءات بحسب أسانيدها إلى ستة أقسام:
الأول:
المتواتر:
وهو ما نقله جمع غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهى السند، وهذا
النوع يشمل القراءات العشر المتواترات (التي سنعددها في المبحث التالي).
الثاني:
المشهور:
وهو ما صح سنده ولم يخالف الرسم ولا اللغة واشتهر عند القراء: فلم يعدوه من الغلط
ولا من الشذوذ، وهذا لا تصح القراءة به، ولا يجوز رده، ولا يحل
إنكاره.
الثالث:
الآحاد:
وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور، وهذا لا
يجوز القراءة. مثل ما روى على ((
رفارف
حضر وعباقري حسان))،
والصواب الذي عليه القراءة: {رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ}[الرحمن: 76].
الرابع:
الشاذ:
وهو ما لم يصح سنده ولو وافق رسم المصحف والعربية، مثل قراءة : ((مَلَكَ
يومَ الدين ))،
بصيغة الماضي في ((ملك
))
ونصب ((
يوم ))
مفعولاً.
الخامس:
الموضوع:
وهو المختلق المكذوب.
السادس:
ما يشبه المدرج من أنواع الحديث، وهو ما زيد في القراءة على وجه التفسير.
وهذه
الأنواع الأربعة الأخيرة لا تحل القراءة بها، ويعاقب من قرأ بها على جهة التعبير.
د-
القراءات المتواترة وقُرّاؤها:
من
الضروري والطبيعي أن يشتهر في كل عصر جماعة من القراء، في كل طبقة من طبقات الأمة،
يتفقون في حفظ القرآن، وإتقان ضبط أدائه والتفرغ لتعليمه، من عصر الصحابة، ثم
التابعين، وأتباعهم وهكذا …
ولقد
تجرد قوم للقراءة والأخذ، واعتنوا بضبط القراءة أتم عناية حتى صاروا في ذلك أئمة
يقتدى بهم ويرحل إليهم، ويؤخذ عنهم. فكان بالمدينة: أبو جعفر يزيد بن
القعقاع، ثم شيبة بن نصاح، ثم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم.
وكان
بمكة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، ومحمد بن
مُحَيْص. وكان بالكوفة: يحيى بن وثاب، وعاصم بن أبي النَّجود
الأسدي، وسليمان الأعمش، ثم حمزة بن حبيب، ثم الكِسائي أبو
علي بن حمزة.
وكان
بالبصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء، ثم عاصم
الجحدري،ثم يعقوب الحضرمي.
وكان
بالشام: عبد الله بن عامر، وعطية بن قيس الكلابي، وإسماعيل بن عبد الله بن
المهاجر، ثم يحيى بن الحارث الذماري، ثم شريح بن زيد
الحضرمي.
ثم
جاء الإمام أحمد بن موسى بن العباس المشهور بابن مجاهد المتوفى سنة (
324هـ ) فأفرد القراءات السبع المعروفة، فدونها في كتابه: " القراءات السبعة"
فاحتلت مكانتها في التدوين، وأصبح علمها مفرداً يقصدها طلاب القراءات.
وقد
بنى اختياره هذا على شروط عالية جداً، فلم يأخذ إلا عن الإمام الذي اشتهر بالضبط
والأمانة، وطول العمر في ملازمة الإقراء، مع الاتفاق على الأخذ منه، والتلقي عنه ،
فكان له من ذلك قراءات هؤلاء السبعة، وهم:
1. عبد
الله بن كثير الداري المكي،
(45-120 هـ).
2. عبد
الله بن عامر اليحصبي الشامي (8-18
هـ).
3. عاصم
بن أبي النَّجود الأسدي الكوفي،
المتوفى سنة (127هـ).
4. أبو
عمرو بن العلاء البصري،
(70-154 هـ).
5. حمزة
بن حبيب الزيات الكوفي،
(8-156 هـ).
6. نافع
بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني،
المتوفى سنة (169هـ).
7. أبو
الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي الكوفي،
المتوفى سنة (189هـ).
وقد
علمت من مسرد أئمة الأمصار الإسلامية القراء أن القراءات أكثر من ذلك بكثير، لكن
ابن مجاهد جمع هذه السبع لشروطه التي راعاها . وقد تابع العلماء البحث
لتحديد القراءات المتواترة، حتى استقر الاعتماد العلمي، واشتهر على زيادة ثلاث
قراءات أخرى ، أضيفت إلى السبع، فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات ،
وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة:
8. أبو
جعفر يزيد بن القعقاع المدني،
المتوفى سنة (130هـ).
9.
يعقوب بن اسحاق الحضرمي الكوفي،
المتوفى سنة (205هـ).
10.
خلف بن هشام،
المتوفى سنة (229 هـ).