الكلام على التسليم
و لما كان العبد بين أمرين من ربه عز و
جل :
أحدهما : حكم الرب عليه في أحواله كلها
ظاهرا و باطنا ، و اقتضاؤه من القيام بعبودية حكمه ، فإن لكلّ حكم عبودية تخصه ،
أعني الحكم الكوني القدري.
و الثاني : فعل ، يفعله العبد عبودية
لربه ، و هو موجب حكمه الديني الأمري.
و كلا الأمرين يوجبان بتسليم النفس إلى
الله سبحانه ، و لهذا اشتق له اسم الإسلام من التسليم ، فإنه لما سلّم لحكم ربه
الديني الأمري ، و لحكمه الكوني القدري ، بقيامه بعبودية ربه فيه لا باسترساله معه
في الهوى ، و الشهوات ، و المعاصي ، و يقول : قدَّر عليّ استحق اسم الإسلام فقيل
له : مسلم.