زكاة الزروع والثمار:
ما
تجب فيه الزكاة من أجناس النبات:
أجمع
العلماء
على أن في التمر (ثمر النخل) والعنب (ثمر الكرم) من الثمار، والقمح والشعير من
الزروع الزكاة إذا تمت شروطها.
وإنما
أجمعوا على ذلك لما ورد فيها من الأحاديث الصحيحة:
منها
حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً: "الزكاة في الحنطة والشعير والتمر
والزبيب" رواه الدارقطني وفي لفظ "العشر في التمر والزبيب والحنطة والشعير" رواه
الدارقطني.
ومنها
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "إنما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الزكاة في هذه الأربعة الحنطة والشعير والزبيب والتمر" رواه
الدارقطني.
ومنها
ا لحديث الذي ورد عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ رضي الله عنهم أجمعين "أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم، فأمرهم أن لا
يأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الحنطة والشعير والتمر والزبيب" رواه
الحاكم.
ثم
اختلف العلماء
في ما عدا هذه الأصناف الأربعة:
فذهب
أبو حنيفة
إلى أن الزكاة تجب في كل ما يقصد بزراعته استنماء الأرض، من الثمار والحبوب
والخضروات والأبازير وغيرها مما يقصد به استغلال الأرض، دون ما لا يقصد به ذلك عادة
كالحطب والحشيش والقصب (أي القصب الفارسي بخلاف قصب السكر) والتبن وشجر القطن
والباذنجان وبذر البطيخ والبذور التي للأدوية كالحلبة والشونيز، لكن لو قصد بشيء من
هذه الأنواع كلها أن يشغل أرضه بها لأجل الاستنماء وجبت الزكاة، فالمدار على
القصد.
واحتج
بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء أو كان العشر" رواه البخاري. فإنه
عام فيؤخذ على عمومه، ولأنه يقصد بزراعته نماء الأرض واستغلالها فأشبه
الحب.
وذهب
المالكية
إلى التفريق بين الثمار والحبوب، فأما الثمار فلا يؤخذ من أي جنس منها زكاة غير
التمر والعنب، وأما الحبوب، فيؤخذ من الحنطة والشعير والسلت والذرة والدُخن والأرز
والعلس، ومن القطاني السبعة الحمص والفول والعدس واللوبيا والترمس والجُلُبَّان
والبسيلة، وذوات الزيوت الأربع الزيتون والسمسم والقرطم وحب الفجل. فهي كلها عشرون
جنساً، لا يؤخذ من شيء سواها زكاة.
وذهب
الشافعية
إلى أن الزكاة لا تجب في شيء من الزروع والثمار إلا ما كان قوتاً. والقوت هو ما به
يعيش البدن غالباً دون ما يؤكل تنعماً أو تداوياً، فتجب الزكاة من الثمار في العنب
والتمر خاصة، ومن الحبوب في الحنطة والشعير والأرز والعدس وسائر ما يقتات اختياراً
كالذرة والحمص والباقلاء، ولا تجب في السمسم والتين والجوز واللوز والرمان والتفاح
ونحوها والزعفران والورس والقرطم.
وذهب
أحمد في رواية عليها المذهب
إلى أن الزكاة تجب في كل ما استنبته الآدميون من الحبوب والثمار، وكان مما يجمع
وصفين: الكيل، واليبس مع البقاء (أي إمكانية الادخار) وهذا يشمل أنواعاً
سبعة:
الأول
: ما كان قوتاً كالأرز والذرة والدخن.
الثاني
: القطنيات كالفول والعدس والحمص والماش واللوبيا.
الثالث
: الأبازير، كالكسفرة والكمون والكراويا.
الرابع
: البذور، وبذر الخيار، وبذر البطيخ، وبذر القثاء، وغيرها مما يؤكل، أو لا يؤكل
كبذور الكتان وبذور القطن وبذور الرياحين.
الخامس
: حب البقول كالرشاد وجب الفجل والقرطم والحلبة والخردل.
السادس
: الثمار التي تجفف، وتدخر كاللوز والفستق والبندق.
السابع
: ما لم يكن حباً ولا ثمراً لكنه يكال ويدخر كسعتر وسماق، أو ورق شجر يقصد كالسدر
والخطمي والآس.
قالوا:
ولا تجب الزكاة فيما عدا ذلك كالخضار كلها، وكثمار التفاح والمشمش والتين والتوت
والموز والرمان والبرتقال وبقية الفواكه، ولا في الجوز، نص عليه أحمد، لأنه معدود،
ولا تجب في القصب ولا في البقول كالفجل والبصل والكراث، ولا في نحو القطن والقنب
والكتان والعصفر والزعفران ونجو جريد النخل وخوصه وليفه.
واحتج
الحنابلة لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر
ولا حب صدقة" رواه مسلم، فدل على اعتبار الكيل، وأما الادخار فلأن غير المدخر لا
تكلم فيه النعمة لعدم النفع به مآلاً.
وذهب
أحمد في رواية،
وهو مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما إلى أنه لا زكاة في شيء غير هذه الأجناس
الأربعة، لأن النص بها ورد، ولأنها غالب الأقوات ولا يساويها في هذا المعنى وفي
كثرة نفعها شيء غيرها، فلا يقاس عليها شيء.
واحتج
من عدا ابا حنيفة على انتفاء الزكاة في الخضر والفواكه بقول النبي صلى الله عليه
وسلم: "ليس في الخضروات صدقة" رواه الدارقطني، وعلى انتفائها في نحو الرمان والتفاح
من الثمار بما ورد أن سفيان بن عبد الله الثقفي وكان عاملاً لعمر على الطائف: أن
قبله حيطاناً فيها من الفرسك (الخوخ) والرمان ما هو أكثر من غلة الكروم أضعافاً
فكتب يستأمر في العشر، فكتب إليه عمر أن ليس عليها عشر، وقال: هي من العفاة كلها
وليس فيها عشر.
الزكاة
في الزيتون:
وذهب
الحنفية والمالكية
إلى أنه تجب الزكاة في الزيتون، لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ
حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] بعد أن ذكر الزيتون في أول الآية. ولأنه يمكن ادخار
غلته فأشبه التمر والزبيب.
وذهب
الشافعية وأحمد
إلى أنه لا زكاة في الزيتون لأنه لا يدخر يابساً، فهو
كالخضروات.
شروط
وجوب الزكاة في الزروع والثمار:
لا
يشترط الحول في زكاة الزروع والثمار اتفاقاً، لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ
يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] ولأن الخارج نماء في ذاته فوجبت فيه الزكاة
فوراً كالمعدن، بخلاف سائر الأموال الزكوية فإنما اشترط فيها الحول ليمكن فيه
الاستثمار.
ويشترط
لوجوب الزكاة في الزروع والثمار ما يلي:
الشرك
الأول النصاب: ونصابها خمسة أوسق عند الجمهور، في ما يوسق، لما في حديث:
"ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة" رواه مسلم والوسق لغة: حمل البعير،
وهو في الحنطة والعدس ونحوهما ستون صاعاً(1)
بصاع النبي صلى الله عليه وسلم فالنصاب ثلاثمائة صاع.
وقال
أبو حنيفة:
لا يشترط نصاب لزكاة الزروع والثمار بل هي واجبة في القليل والكثير ما لم يكن أقل
من نصف صاع.
وقت
وجوب الزكاة في الحب والثمر:
فذهب
المالكية والشافعية وأبو حنيفة
إلى أنها تجب بإفراك الحب، وطيب الثمر والأمن عليه من الفساد، والمراد بإفراك الحب
طيبه واستغناؤه عن السقي، وإن بقي في الأرض لتمام طيبه، وطيب الثمر نحو أن يزهي
البسر، أو تظهر الحلاوة في العنب. قالوا: لأن الحب باشتداده يكون طعاماً حقيقة وهو
قبل ذلك بقل، والثمر قبل بدو صلاحه بلح وحصرم، وبعد بدو صلاحه ثمرة كاملة، لأن ذلك
وقت الخرص، والمراد بالوجوب هنا انعقاد سبب الوجوب، ولا يكون الإخراج إلا بعد اليبس
والجفاف.
وذهب
الحنابلة:
إلى أنه يثبت الوجوب ببدو الصلاح في الثمر، واشتداد الحب في الزرع، ويستقر الوجوب
بجعل الثمرة أو الزرع في الجرين أو البيدر، فلو تلف قبل استقرار الحبوب بجائحة فلا
شيء عليه إجماعا، أما قبل ثبوت الوجوب فلو بيع النخل أو الأرض فلا زكاة على البائع
في
(1) الصاع
مكيال يتسع لما مقداره 2.170 كيلو غراماً م القمح ونحوه، فنصاب القمح ونحوه 653
كيلو جراماً.
الزرع
والثمر، ولو مات المالك قبل الوجوب فالزكاة على الورثة إن بقي إلى وقت الوجوب وبلغ
نصيب الوارث نصابا، وكذا إن أوصى بها ومات قبل الوجوب فلا زكاة فيها، ولو أكل من
الثمرة قبل الوجوب لم يحتسب عليه ما أكل، ولو نقصت عن النصاب بما أكل فلا زكاة
عليه.
وأما
بعد الوجوب فتلزمه الزكاة وإن باع أو أوصى بها، ولا شيء على من ملكها بعد أن ثبت
الوجوب.
وذكر
الحنابلة
مما يتفرع على ذلك أنه لا زكاة على من حصل على نصاب من لقاط السنبل أو أجرة الحصاد،
أو ما يأخذه من المباحات من الحب أو العفص والأشنان ونحوها لأنه لم يملكها وقت
الوجوب.
من
تلزمه الزكاة في حال اختلاف مالك الغلة عن مالك الأرض:
إن
كان مالك الزرع عند وجوب الزكاة فيه هو مالك الأرض، فالأمر واضح، فتلزمه الزكاة.
أما إن كان مالك الزرع غير مالك الأرض فلذلك صور:
أ-
الأرض الخارجية:
أرض
الصلح التي أقرت بأيدي أصحابها على أنها لهم ولنا عليها الخراج، متى أسلموا سقط
خراجها، ووجب عليها في غلتها الزكاة، فإن اشتراها من الذمي مسلم فعليه الزكاة فيها،
وأرض العنوة التي ملكها المسلمون وحيزت لبيت المال فهذه عليها الخراج اتفاقاً، سواء
بقي من هي بيده على دينه أو أسلم أو باعها لمسلم، لأنه خراج بمعنى
الأجرة.
واختلف
الفقهاء
هل يجب الزكاة في غلتها إن -كان صاحبها مسلماً- أيضاً.
فذهب
الجمهور
إلى أن الخراج يؤدى أولاً، ثم يزكي ما بقي.
وذهب
أبو حنيفة
إلى أنه لا زكاة في غلة الأرض الخراجية، وذلك لأن الخراج مؤونة الأرض، والعشر فيه
معنى المؤونة، فلا يجتمع عشر وخراج.
ب-
الأرض المستعارة والمستأجرة:
ذهب
جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة)
إلى أن من استعار أرضاً أو استاجرها فزرعها، فالزكاة على المستعير والمستأجر لأن
الغلة ملكه، والعبرة في الزكاة بملكية الثمرة لا بملكية الأرض أو
الشجر.
وذهب
أبو حنيفة إلى أن العشر على المؤجر لأن الأرض كما تستنمى بالزراعة تستنمى
بالإجازة.
جـ-
الأرض التي تستغل بالمزارعة أو المساقاة:
ذهب
الحنابلة
إلى أن العشر في هاتين الحالتين على كل من المالك والعامل كل بحسب نصيبه من الغلة
إن بلغ نصيبه نصاباً، ومن كان نصيبه منهما أقل من نصاب فلا عشر عليه، ما لم يكن له
من أرض غيرها ما يكمل به النصاب. وهذا عند الحنابلة على الرواية التي لا تجعل
الخلطة مؤثرة في زكاة الزروع.
أما
على الرواية التي تجعل الخلطة مؤثرة فيها، فإذا بلغت غلة الأرض خمسة أوسق يكون فيها
الزكاة فيؤخذ من كل من الشريكين عشر نصيبه، ما لم يكن أحدهما ممن لا عشر عليه،
كالذمي.
وذهب
أبو حنيفة
إلى أن العشر في المزارعة على رب الأرض، لأن المزارعة عنده فاسدة، فالخارج منها له،
تحقيقاً أو تقديراً.
وذهب
المالكية
إلى أنه يجب إخراج زكاة الحائط (البستان) المساقى عليه من جملة الثمرة إن بلغت
نصاباً، أو كان لرب الحائط ما إن ضمه إليها بلغت نصاباً، ثم يقتسمان ما بقي، ولا
بأس أن تشترط الزكاة في حظ رب الحائط أو العامل، لأنه يرجع إلى جزء معلوم ساقاه
عليه فإن لم يشترطا شيئاً فشأن الزكاة أن يبدأ بها ثم يقتسمان ما
بقي.
وإن
المساقاة تزكى على ملك رب الحائط فيجب ضمها إلى ماله من ثمر غيرها، ويزكي جميعها
ولو كان العامل ممن لا تجب عليه، وتسقط إن كان رب الحائط ممن لا تجب عليه والعامل
ممن تجب عليه.
د-
الأرض المغصوبة:
ذهب
الحنفية
إلى أنه غصب أرضاً عشرية فزرعها إن لم تنقصها الزراعة فلا عشر على رب الأرض، وإن
نقصتها الزراعة كان العشر على رب الأرض.
وذهب
المالكية
إلى أن النخل إذا غصبت ثم ردت بعد أعوام مع ثمرتها، فإنها تزكى لكل عام بلا خلاف
إذا رد الغاصب جميعها. فإن رد بعض ثمارها وكان حصل في كل سنة نصاب ولم يرد جميعه بل
رد منه قدر نصاب فاكثر وكان بحيث لو قسم على سنين الغصب لم يبلغ كل سنة نصاباً ففي
زكاته قولان.
وذهب
الحنابلة
إلى أن زكاة الزرع على مالك الأرض إن تملك الرزع قبل وقت الحصاد وبعد اشتداده، وذلك
لأنه يتملكه بمثل بذره وعوض لواحقه، فيستند ملكه إلى أول زرعه. أما إن حصد الغاصب
الزرع بأن لم يتملكه ربها قبل حصاده، فزكاة الزرع على الغاصب لاستقرار ملكه
عليه.
- زكاة
الزرع والثمر المأخوذين من الأرض المباحة:
من
أخذ من الأرض المباحة ما في جنسه الزكاة، وبلغ نصاباً.
فقد
ذهب المالكية والحنابلة
إلى أنه لا زكاة عليه، وهو لمن أخذه.
قال
الحنابلة:
لكن لو زرع في أرض مباحة ففيه الزكاة.
وذهب
أبو حنيفة
إلى أن ثمر الجبال والمفاوز فيه العشر، إن حماه الإمام أي من أهل الحرب والبغاة
وقطاع الطريق، ولو كان الشجر غير مملوك ولم يعالجه أحد، لأن المقصود النماء، وقد
حصل بأخذه.
- خرص
الثمار إذا بدا صلاحها:
ذهب
جمهور الفقهاء -خلافاً للحنفية-
إلى أنه ينبغي للإمام إذا بدا صلاح الثمار أن يرسل ساعياً يخرصها -أي يقدر كم سيكون
مقدارها بعد الجفاف- ليعرف قدر الزكاة الواجبة على أصحابها، وذلك لمعرفة حق الفقراء
واهل استحقاق الزكاة، وللتوسعة على أهل الثمار ليخلي بينهم وبينها فيأكلوا منها
فيأكلوا منها رطباً ثم يؤدون الزكاة بحساب الخرص المتقدم، وذلك عند جفاف
الثمر.
- الحيل
لإسقاط الزكاة:
أختلف
الفقهاء
في حكم التحيل لإسقاط الزكاة:
فذهب
الحنفية والشافعية
إلى أن المالك إن فعل ما تسقط به الزكاة عنه ولو بنية الفرار منها سقطت، كمن وهب
النصاب قبل الحول بيوم، ثم رجع في هبته بعد الحول، وكذا لو وهبه أثناء الحول ثم رجع
أثناء الحول لانقطاع الحول بذلك، وكذا لو وهب النصاب لابنه، أو استبدل نصاب السائمة
بآخر.
ويكره
هذا عند الحنفية لأن فيه إضراراً بالفقراء وإبطال حقهم مآلاً. وعند الشافعية:
الفرار مكروه في المعتمد.
وذهب
المالكية والحنابلة
إلى تحريم التحيل لإسقاط الزكاة، ولو فعل لم تسقط، كمن أبدل النصاب من الماشية بغير
جنسه فراراً من الزكاة، أو أتلف او استهلك جزءاً من النصاب عند قرب الحول .. ولو
فعل ذلك في أول الحول لم تجب الزكاة، لأن ذلك ليس بمظنة الفرار من الزكاة. فتؤخذ
معاقبة للمحتال بنقيض قصده، والذي يؤخذ منه على ما بينه المالكية هو زكاة المبدل،
ولا تؤخذ منه زكا البدل إن كانت أكثر لأنها لم تجب.
- قدر
المأخوذ في زكاة الزروع والثمار:
يؤخذ
في زكاة الزروع والثمار عشر الخارج أو نصف عشره. فالعشر اتفاقاً فيما سقي بغير
كلفة، كالذي يشرب بماء المطر أو بماء الأنهار سيحاً، أو بالسواقي دون أن يحتاج إلى
رفعه غرفاً أو بآلة، أو يشرب بعروقه، وهو ما يزرع في الأرض التي ماؤها قريب من
وجهها تصل إليه عروق الشجر فيستغني عن السقي.
ويجب
فيما يسقى بكلفة نصف العشر، سواء سقته النواضح أو سقي بالدوالي، أو السواني أو
الدواليب أو النواعير أو غير ذلك. وكذا لو مد من النهر ساقية إلى أرضه فإذا بلغها
الماء احتاج إلى رفعه بالغرف او بآلة. والضابط لذلك أن يحتاج في رفع الماء إلى وجه
الأرض إلى آلة أو عمل.
واستدل
لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء والعيون أو كان عشرياً
العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر" رواه البخاري والحكمة في تقليل القدر الواجب فيما
فيه عمل أن لكلفة أثراً في تقليل النماء.
ولو
احتاجت الأرض إلى ساق يسقيها بماء الأنهار أو الأمطار، ويحول الماء من جهة إلى جهة،
أو احتاجت إلى عمل سواق أو حفر أنهار لم يؤثر ذلك في تقليل
النصاب.
وإن
سقيت الأرض نصف الوقت بكلفة ونصفها بغير كلفة فالزكاة ثلاثة أرباع العشر
اتفاقاً، وإن سقيت بأحدهما أكثر من الآخر فالجمهور على اعتبار
الأكثر، ويسقط حكم الأقل، وقيل: يعتبر كل منهما
بقسطه.
- ما
يطرح من الخارج قبل أخذ العشر أو نصفه:
ذهب
الحنفية
إلى أن العشر أو نصفه على التفصيل المتقدم يؤخذ من كل الخارج، فلا يطرح منه البذر
الذي بذره ولا أجرة العمال أو كري الأنهار أو أجرة الحافظ ونحو ذلك بل يجب العشر في
الكل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، ولو رفعت
المؤنة لكان الواجب بنفس المقدار، واستظهر الصيرفي أن الواجب إن كان جزءاً من
الخارج فإنه يجعل كالهالك وتجب الزكاة في الباقي.
وذهب
الحنابلة
إلى أن النفقة على الزرع إن كانت ديناً يسقطها مالكه منه قبل احتساب العشر، قال
أحمد: من استدان ما أنفق على زرعه واستدان ما أنفق على اهله، احتسب ما أنفق على
زرعه دون ما أنفق على اهله. قالوا : وذلك لأنه من مؤنة الزرع، فالحاصل في مقابلته
يجب صرفه إلى غيره، فكأنه لم يحصل، وهذا بخلاف سائر الديون فإنها لا تسقط من الحاصل
لأنه من الأموال الظاهرة.
وشبيه
بمؤنة الزرع عند الحنابلة خراج الأرض فإنه يؤخذ من الغلة قبل احتساب الزكاة
فيها.
- ما
يلزم المالك فعله قبل إخراج القدر الواجب:
يؤخذ
القدر الواجب من الغلة بعد التجفيف في الثمار والتصفية في الحبوب، لأنه أوان الكمال
وحال الادخار، والمؤونة على الثمرة إلى حين الإخراج لازمة لرب المال، لأنه في حق
الغلة، كالحفظ في حق الماشية، ولا يحق للساعي أخذه رطباً.
ولو
أخرج رب المال العشر رطباً لم يجزئه. نص على ذلك
الحنابلة.
ويستثنى
من ذلك أحوال:
منها:
أن يضطر إلى قطع الثمرة قبل كمالها خوفاً من العطش، أو إلى قطع بعضها، فيجوز له
ذلك، ومثل ذلك أن يكون قطعها رطبة أنفع وأصلح.
ومنها:
أن يكون الثمر مما لا يجف بل يؤكل رطباً كبعض أنواع العنب والتمر والفول ونحوها،
فتجب فيه الزكاة حتى عند من قال بأن من شرط ما يزكى الادخار، وذلك لأنه يدخر من حيث
الجملة.
وفي
كلتا الحالتين: يجوز أخذ حق الفقراء رطباً، وإن أتلفها رب المال فعليه القيمة ويجوز
إخراج قدر الزكاة من الجنس جافاً إن شاء رب المال.
وقال
المالكية:
يجب عشر الثمن إن بيع وإلا فالقيمة.
والزيتون
عند من قال تؤخذ منه الزكاة، إن كان من الزيتون الذي يعصر منه الزيت يؤخذ العشر من
زيته بعد عصره، ولو كان زيته قليلاً، لأنه هو الذي يدخر فهو بمثابة التجفيف في سائر
الثمار. وإن كان يدخر حباً، فيؤخذ عشره حباً إذا بلغ الحب خمسة أوسق. وهذا مذهب
المالكية والحنابلة. قال مالك: إذا بلغ الزيتون خمسة أوسق أخذ الخمس من زيته بعد أن
يعصر.
وذهب
أبو حنيفة
إلى أنه يخرج العشر منه حباً على كل حال