النوع
الثاني: علوم رواية الحديث
- معنى الرواية عند المحدثين: حمل الحديث ونقله
وإسناده إلى من عُزيَ إليه بصيغة من صيغ الأداء.
ومعنى
((حمله
ونقله )):
أي تلقيه ثم تبليغه، فمن لم يُبلغ شيئاً لا يكون راوياً.
ومعنى
((
وإسناده إلى من عُزِيَ إليه ))
أي نسبته إلى قائله، فلو تحدث بالحديث ولم ينسبه إلى قائله، لم يكن ذلك رواية.
آداب
المُحَدِّث
والسامع
لما
كان مقام التحديث مقاماً مهيباً لما فيه من الخلافة في التحديث عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلذلك نبه العلماء على آداب خاصة، تتعلق بالمحدث وبطالب الحديث،
ونحن نذكر أطرافاً من تلك الآداب إن شاء الله تعالى.
1- آداب
المحدث:
أ-
تصحيح نيته، وتطهير قلبه من أعراض الدنيا وأدناسها، وأغراضِ النفس ورعوناتها، كحب
الرئاسة والسمعة. وأن يكون مقصوده من ذلك نشرَ الحديث، والتبليغَ عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم، محتسباً بذلك أجره عند الله تعالى، لا يريد بذلك عرضاً دنيوياً،
فإنما الأعمال بالنيات، وقد قال سفيان الثوري: قلت لحبيب بن أبي ثابت: حدِّثنا.
قال: حتى تجيء النية. وقيل لأبي حفص سلاَّم بن سليم: حدثنا. قال: ليس لي نية.
فقالوا له: إنك تؤجر فقال:
يمنونني
الخير الكثير وليتني نجوت كفافاً، لا عليَّ ولا ليَ
قال
الإمام النووي: وقد اختلف في السن الذي يتصدى فيه لإسماع الحديث؟ والصحيح: أنه متى
احتيج إلى ما عنده جلس له، في أي سن كان، وينبغي أن يمسك عن التحديث إذا خشي
التخليط بهرم أو خرف أو عمى، ويختلف ذلك باختلاف الناس اهـ .
ب_
وينبغي أن يكون المحدث: جميل الأخلاق، حسن الطريقة والشيمة، والأولى أن لا يحدث
بحضرة من هو أولى منه لسنّه أو علمه أو غير ذلك.
ج-
ويستحب إذا أراد حضور مجلس التحديث أن يتطهر بوضوء أو بغسل ويتنظف ويتطيب، ويستاك
ويسرح لحيته، ويتمكن من جلوسه بوقار وهيبة. كما أسند البيهقي عن مالك أنه كان يفعل
هذا فقيل له فقال: أحب أن أعظمَ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدثَ إلا
على طهارة متمكناً، وكان يكره أن يحدث في الطريق أو هو قائم. وروى البيهقي عن عدة
من السلف أنهم كانوا يكرهون التحديث على غير طهارة.
وعن
ابن المسيب: أنه سئل عن حديث وهو مضطجع في مرضه، فجلس وحدث به. فقيل له: وددت لك
أنك لم تتعنَّ! فقال: كرهت أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع.
وعن مالك أنه قال: مجالس العلم تحتضر بالخشوع والسكينة
والوقار.
د-
ويكره أن يقوم لأحد، فقد قيل: إذا قام قارىء الحديث لأحد فانه يكتب عليه
خطيئة.
هـ-
وينبغي الإنصات والسكينة في مجلس الحديث، فان رفع أحد صوته فانّ المحدث ينبغي له أن
يزجره، كما كان الإمام مالك يفعل ذلك ويقول: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}
[الحجرات: 2] فمن رفع صوته عند حديثه صلى الله عليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت
النبي صلى الله عليه وسلم.
و-
وينبغي للمحدث أن يقبل على الحاضرين كلِّهم، ويفتتح مجلسه ويختمه بتحميد الله
تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاء يليق بالحال، وذلك بعد قراءة
قارىء حسن الصوت شيئاً من القرآن العظيم، فقد روى الحاكم عن أبي سعيد قال: كان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرؤوا
سورة.
ز-
وينبغي للمحدث أن لا يسرد الحديث على وجه يمنع من فهم بعضه، فكان مالك لا يستعجل
ويقول: أحب أن أتفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك لما جاء في صحيح مسلم
عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم. وزاد
البيهقي: إنما كان حديثه فصلاً(1)،
تفهمه
القلوب.
____________
(1)أي:
بيّناً ظاهراً، كما في النهاية.
ح-
ويستحب للمحدث: أن يعقد مجلساً كل أسبوع لإملاء الحديث، ويتخذ مستملياً محصّلاً
يقظاً -أن احتاج- يبلِّغ عنه إذا كثر الجمع، فان كثر الجمع وزاد اتّخذ أكثر من
مستملٍ حسب الحاجة، فقد أملى أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله ابن مسلم الكجي -نسبه
إلى الكج وهو الجص، ويقال له الكشي نسبه إلى جده الأعلى- فانه لما أملى في رحبة
غسان كان في مجلسه سبعةٌ مستملون يبلّغ كل منهم صاحبه الذي يليه، وحضر ذلك المجلس
أربعون محبرة سوى النطَّارة.
وينبغي
للمستملي: أن يستنصب الناس، ثم يقول للمحدث المملي: من ذكرت من الشيوخ؟ أو: ما ذكرت
من الأحاديث؟ رحمك الله، أو رضي الله عنك، وما أشبه ذلك.
وأن
يصلي المستملي بعد المملي على الرسول صلى الله عليه وسلم رافعاً صوته، كلما ذكر اسم
الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يترضّى عن الصحابي عند ذكر
اسمه.
ط:
ويحسن بالمحدث: أن يثني على شيخه حال الرواية بما هو أهله،كقول عطاء: حدثني الحبر
البحر ابن عباس. وقول مسروق: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة.
وقول شعبة: حدثني سيد الفقهاء أيوب. وكقول وكيع: حدثني سفيان الثوري أمير المؤمنين
في الحديث. ولا يذكر أحداً بلقب يكرهه إلا لقباً يميّزه عن الناس، مثل: غندر
والأعمش والحناط، وإن كره الملَقَّب ذلك.
2- آداب
طالب الحديث:
أ-
ينبغي لطالب الحديث: إخلاص النية لله عز وجل في طلبه، والحذر من التوصل به إلى
أعراض الدنيا، لما جاء في ذلك من الجزر الشديد والتهديد
الأكيد.
ب-
وينبغي له أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة والآداب الجميلة، وأن يستفرغ الوسع في
التحصيل، طالباً من الله تعالى التوفيق والتسديد والتيسير.
ج-وأن
يبدأ بالسماع من أرجح شيوخ بلده، إسناداً وعلماً وشهرة وديناً، فإذا فرغ من مهماتهم
وسماع عواليهم ارتحل إلى غير بلده، كعادة الحفاظ المبرزين، ليظفر بأعالي أسانيدهم
وليستفيد من مذاكرتهم ومجالستهم وفوائدهم وما هو مختصّ بهم، فقد رحل جابر بن عبد
الله الأنصاري إلى عبد الله بن أُنيس شهراً كاملاً في حديث
واحد.
وقد
جاءت أدلة كثيرة في مشروعية ذلك، وكثرة أجره وثوابه. حتى قال سيدي إبراهيم بن أدهم
رضي الله عنه: إن الله ليدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب
الحديث.
د-
وينبغي لطالب الحديث: أن يعمل بما سمعه من أحاديث العبادات، والفضائل والآداب
والأخلاق وغير ذلك، فذلك زكاة ما جمع من الحديث وسبب لحفظه، فقد كان بشر الحافي
يقول: يا أصحاب الحديث أدوا زكاة الحديث: من كل مائتي حديث خمسة. قال عمرو بن قيس
الملائي: إذا بلغك شيء من الخبر فاعمل به ولو مرة تكن من
أهله.
وقال
وكيع: إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به.
هـ-
وينبغي له: تعظيم شيخه فانه سبب الانتفاع به، وأن يعتقد جلالته ورجحانه، ويتحرّى
رضاه ويحذر من سخطه، ولا يضجره بالتطويل عليه، ويستشيره في أموره التي تعرض له، وما
يشتغل فيه وكيفية اشتغاله. وأن يصبر على جفوة شيخه، قال الأصمعي: من لم يتحمل ذل
العلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً.
وأن
لا يضيع وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد اسم الكثرة
وصيتها.
و-
ولا يستنكف أويستحي أن يأخذ العلم ممن هو دونه في نسب أو سنّ أو غيره. فقد قال
مجاهد: لا ينال العلم مستحي ولا مستكبر، وقال عمر بن الخطاب: من رقَّ وجهه رقّ
علمه. وقالت أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن
يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. وقال وكيع: لا ينبل الرجل حتى يكتب عمن هو فوقه،
وعمن هو مثله، ومن هو دونه.
ز-
وينبغي لطالب الحديث: أن يتعرف صحة الحديث وحسنه وضعفه،ومعانيه ولغته وإعرابه
وأسماء رجاله، محقِّقاً كل ذلك، معتنياً باتقان مشكله حفظاً وكتابةً، مقدماً في ذلك
الصحيحين على سائر كتب السنن، والأهم من المسانيد والجوامع وكتب العلل، والأسماء
وضبط الأسماء وغريب الحديث ونحو ذلك، على غيره.
ح-
وينبغي أن يذاكره بمحفوظه ويباحث أهل المعرفة. قال سيدنا علي رضي الله عنه: تذاكروا
هذا الحديث، إنْ لا تفعلوا يدرس. وقال ابن مسعود: تذاكروا الحديث فان حياته مذاكرة.
وقال ابن عباس: مذاكرة العلم ساعةً خير من إحياء ليلة. وقال أبو سعيد الخدري رضي
الله عنه: مذاكرة الحديث أفضل من قراءة القرآن.
أنواع
المصنفات في الحديث النبوي
وقد
نوّع المحدثون التصانيف، وتفننوا فيها، مما يجعل تصانيفهم بتنوعها هذا ملبية
للمطالب التي يتطلع إليها العلماء والباحثون في المراجع. وأهم أنواع التصنيف
الأنواع الآتية:
أولاً:
الكتب المصنفة على الأبواب:
وطريقة
هذا التصنيف:
أن تجمع الأحاديث ذات الموضوع الواحد إلى بعضها البعض، تحت عنوان عام يجمعها، مثل
((
كتاب الصلاة ))،
((
كتاب الزكاة ))،
((
كتاب البيوع ))
.. ثم توزع الأحاديث على أبواب، يضم كل باب حديثاً أو أحاديث في مسألة جزئية، ويوضع
لهذا الباب عنوان يدل على الموضوع، مثل ((
باب مفتاح الصلاة الطهور ))
ويسمى المحدثون العنوان ((
ترجمة
)).
أ-
الجوامع:
الجامع
في اصطلاح المحدثين: هو كتاب الحديث المرتب الأبواب الذي يوجد فيه أحاديث في جميع
موضوعات الدين وأبوابه وعددها ثمانية أبواب رئيسية هي:
العقائد،
الأحكام، السير، الآداب، التفسير، الفتن، أشراط الساعة، المناقب.
وكتب
الجوامع كثيرة ، أشهرها هذه الثلاثة:
1. الجامع
الصحيح للإمام البخاري.
2. الجامع
الصحيح للإمام مسلم.
3. الجامع
للإمام الترمذي، والمشتهر بـ: ((
سنن الترمذي ))،
سمي سنناً لاعتنائه بأحاديث الأحكام.
ب-
السنن:
كتب
السنن هي الكتب التي تجمع أحاديث الأحكام المرفوعة، مرتبة على أبواب الفقه .
وأشهر
كتب السنن:
سنن
أبو داود، وسنن الترمذي - وهو جامع الترمذي كما ذكرنا - وسنن النسائي، وسنن ابن
ماجه.
ويطلق
على هذه السنن: السنن الأربعة.
وإذا
قالوا: الثلاثة فمرادهم هذه ما عدا ابن ماجه.
وإذا
قالوا الخمسة : فمرادهم السنن الأربعة ومسند أحمد.
وإذا
قالوا الستة : فمرادهم الصحيحان والسنن الأربعة.
ويرمزون
لها في كتب التخريخ وكتب الرجال بهذه الرموز:
خ:
للبخاري، م: للإمام مسلم، د: لأبي داود، ت: للترمذي، س: للنسائي، هـ: لابن ماجه، ع:
للستة، عه للسنن الأربعة.
ج-
المصنفات:
وهي
كتب مرتبة على الأبواب لكنها تشتمل على الحديث الموقوف والحديث المقطوع، بالإضافة
إلى الحديث المرفوع.
ومن
أشهر المصنفات: مصنف عبد الرزاق بن همام الصنعاني (المتوفى سنة 211 هـ) ومصنف أبي
بكر بن أبي شيبة (المتوفى سنة 235 هـ).
د-
المستدركات:
التعريف:
وأشهرها
المستدرك للحاكم النيسابوري.
هـ-
المستخرجات :
التعريف:
وأشهرها
الكتب المخرجة على الصحيحين أو أحدهما.
ثانياً
- الكتب المرتبة على أسماء الصحابة:
وهي
كتب تجمع الأحاديث التي يرويها كل صحابي في موضع خاص يحمل اسم راويها الصحابي .
وهذه
الطريقة مفيدة لمعرفة عدد مرويات الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم وطبيعتها،
وتسهيل اختبارها، فضلاً عن كونها إحدى الطرق المفيدة في استخراج الحديث، بمعرفة
الصحابي الذي يرويه، وما يتبع ذلك من سهولة درسه.
والكتب
المرتبة على أسماء الصحابة نوعان:
أ-
المسانيد:
والمسند
هو الكتاب الذي تذكر فيه الأحاديث على ترتيب الصحابة رضي لله عنهم، بحيث يوافق حروف
الهجاء، أو يوافق السوابق الإسلامية، أو شرافة النسب.
والمسانيد
كثيرة جداً أشهرها وأعلاها المسند للإمام أحمد بن حنبل، ثم مسند أبي يعلى الموصلي.
ب-
الأطراف:
الأطراف
جمع طرف، وطرف الحديث: الجزء الدال على الحديث، أو العبارة الدالة عليه، مثل حديث
الأعمال بالنيات، وحديث الخازن الأمين، وحديث سؤال جبريل.
وكتب
الأطراف: كتب يقتصر مؤلفوها على ذكر طرف الحديث الدال عليه، ثم ذكر أسانيده في
المراجع التي ترويه بإسنادها، وبعضهم يذكر الإسناد كاملاً، وبعضهم يقتصر على جزء من
الإسناد .
لكنها
لا تذكر متن الحديث كاملاً، كما أنها لا تلتزم أن يكون الطرف المذكور من نص الحديث
حرفياً فائدتها:
1. تسهيل
معرفة أسانيد الحديث، لاجتماعها في موضع واحد .
2. معرفة
من أخرج الحديث من أصحاب المصادر الأصول، والباب الذي أخرجوه فيه، فهي نوع من
الفهارس متعدد الفوائد.
ومن
أشهر كتب الأطراف هذان الكتابان:
1- تحفة
الأشراف بمعرفة الأطراف للحافظ الإمام أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى
سنة 742 هـ . جمع فيه أطراف الكتب الستة، وبعض ملحقاتها، وهذه الملحقات هي:
1- مقدمة
صحيح مسلم، 2- المراسيل لأبي داود السجستاني، 3- العلل الصغير للترمذي، 4- الشمائل
للترمذي، 5- عمل اليوم والليلة للنسائي.
2- ذخائر
المواريث في الأدلة على مواضيع الحديث: تصنيف الشيخ عبد الغني النابلسي (المتوفى
سنة 1143 هـ ). جمع فيه أطراف الكتب الستة والموطأ، على طريقة ترتيب تحفة الأشراف
وكأنه مختصر منه، لكنه امتاز بالتفنن في التصنيف حيث لاحظ التنوع في تراجم أسماء
الصحابة، فقسم الكتاب بحسب ذلك إلى سبعة وهذه المصنفات لها طريقتان.
أ)
كتب مجامع:
تجمع أحاديث كتب حديثية متعددة.
ب)
كتب في الأحاديث المشتهرة على الألسنة:
أي الأحاديث التي تتداولها ألسنة العامة،
عني
العلماء بجمعها في كتب خاصة لبيان حالها، ونذكر من أشهر هذه الكتب وأهمها كتابين:
1. "المقاصد
الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة": للإمام الحافظ شمس الدين محمد
بن عبد الرحمن السخاوي (المتوفى سنة 902 هـ ).
2. "كشف
الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الحديث على ألسنة الناس" للعلامة المحدث:
إسماعيل بن محمد العجلوني (المتوفى سنة 1162 هـ ).
ثالثاً:
المعاجم:
المعجم
في اصطلاح المحدثين : كتاب تذكر فيه الأحاديث على ترتيب الشيوخ، والغالب
عليها إتباع الترتيب على حروف الهجاء.
وأشهر
مصنفات هذا النوع: المعاجم الثلاثة للمحدث الحافظ الكبير أبي قاسم سليمان بن أحمد
الطبراني ( المتوفى سنة 360 هـ ): وهي:
المعجم
الصغير والمعجم الأوسط، وكلامها مرتب على أسماء.
والمعجم
الكبير: وهو على مسانيد الصحابة، مرتبة على حروف المعجم.
والمعجم
الكبير هذا مرجع حافل، وهو أكبر المعاجم، حتى صار لشهرته إذا أطلق قولهم
((المعجم
))،
أو أخرجه الطبراني كان المراد هو ((
المعجم الكبير )).
رابعاً:
الكتب المرتبة على أوائل الأحاديث:
وهي
كتب مرتبة على حروف المعجم، بحسب أول كلمة من الحديث، تبدأ بالهمزة، ثم بالباء
وهكذا…
وهذه
الطريقة سهلة جداً للمراجعة، لكن لا بد لها من معرفة الكلمة الأولى من الحديث
بلفظها، معرفة أكيدة، وإلا ذهب الجهد في البحث عن الحديث هنا دون جدوى.
ويلحق
بهذا النوع من المصنفات:
ما وضعه العصريون من مفاتيح لكتب حديثية، أو فهارس ألحقوها بكتاب من هذه الكتب على
ترتيب حروف المعجم.
ومن
هذه المفاتيح: مفتاح الصحيحين للتوقادي. ومن الفهارس: فهارس صحيح مسلم، وفهارس سنن
ابن ماجه التي وضعها محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله وأجزل مثوبته.
خامساً:
المصنفات الجامعة ( المجامع ):
وهي
كتب تجمع أحاديث عدة كتب من مصادر الحديث، وهي مرتبة على
طريقتين:
الطريقة
الأولى:
التصنيف على الأبواب، وأهم مراجعها:
1- "جامع
الأصول من أحاديث الرسول": لابن الأثير المبارك بن محمد الجزري (المتوفى سنة 606
هـ).
2- "كنز
العمال في سنن الأقوال والأفعال" للشيخ المحدث على بن حسام المتقي الهندي (المتوفى
سنة 975هـ ) وهو أجمع كتب هذا الفن.
الطريقة
الثانية:
ترتيب الأحاديث على أول كلمة فيها حسب ترتيب حروف المعجم، وأهم المراجع فيها:
1-((الجامع
الكبير ))
أو ((
جمع الجوامع ))
للإمام الحافظ جلال الدين السيوطي (المتوفى سنة 911هـ) وهو أصل كتاب ((
كنز العمال ))
الذي سبق ذكره.
2-((
الجامع
الصغير لأحاديث البشير النذير ))
للإمام السيوطي أيضاً، اقتضبه من الجامع الكبير.
سادساً:
مصنفات الزوائد:
وهي
مصنفات تجمع الأحاديث الزائدة في بعض كتب الحديث على أحاديث كتب أخرى ، دون
الأحاديث المشتركة بين المجموعتين.
وقد
أكثر العلماء من تصنيف الزوائد ونذكر منها هذين الكتابين
الجليلين:
1- ((مجمع
الزوائد ومنبع الفوائد))
للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ( 807 هـ) جمع فيه ما زاد على الكتب الستة
من ستة مراجع هامة، وهي: مسند أحمد، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند البزاز،
والمعاجم الثلاثة للطبراني.
2- ((
المطالب
العالية بزوائد المسانيد الثمانية )):
للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي، الإمام العَلَم ( 852هـ).جمع فيه
الزوائد على الكتب الستة من ثمانية مسانيد: ((
وهي لأبي داود الطيالسي، والحميدي، وابن أبي عمر، ومسدد، وأحمد بن منيع، وأبي بكر
بن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والحارث بن أبي أسامة)).
وأضاف
زيادات من مسند أبي يعلى، ومسند إسحاق بن راهويه، ليست في مجمع الزوائد.
سابعاً:
كتب التخريج:
وهي
كتب تؤلف لتخريج أحاديث كتاب معين، ونعرف بأهمها فيما يلي:
1- ((
نصب
الراية لأحاديث الهداية )):
تأليف الإمام الحافظ جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي (المتوفى
سنة 762هـ)، خرج فيه أحاديث كتاب ((
الهداية ))
في الفقه الحنفي لعلي بن أبي بكر المرغيناني، من كبار فقهاء الحنفية (المتوفى سنة
593هـ ).
2- ((المغنى
عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار ))
تأليف الحافظ الكبير الإمامعبد الرحيم بن الحسين العراقي (المتوفى سنة 806هـ).
3- ((
التلخيص
الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ))
للحافظ ابن حجر.
ثامناً:
الأجزاء:
الجزء:
في اصطلاح المحدثين: هو تأليف يجمع الأحاديث المروية عن رجل واحد سواء كان ذلك
الرجل من طبقة الصحابة أو مَن بعدهم:كجزء حديث أبي بكر-وجزء حديث
مالك..
كما
يطلق الجزء على التأليف الذي يدرس أسانيد الحديث الواحد ويتكلم عليه.
تاسعاً:
المشيخات:
وهي
كتب يجمع فيها المحدثون أسماء شيوخهم، وما تلقوه عليهم من الكتب أو الأحاديث مع
إسنادهم إلى مؤلفي الكتب التي تلقوها.
عاشراً:
العلل:
وهي
الكتب التي يجمع فيها الأحاديث المُعلَّة، مع بيان عللها ، والتصنيف على العلل يأتي
في الذروة من أعمال المحدثين، لما يحتاج إليه من الجهد الحثيث والصبر الطويل في
تتبع الأسانيد، وإمعان النظر، وتكراره فيها لاستنباط خفيّ أمرها الذي يستره الطلاء
الظاهري الموهم للصحة (1).
_______________________________
(1) انتهى
باختصار من منهج النقد في علوم الحديث.
3-
كيفية
سماع الحديث وتحمله وضبطه
أهلية
التحمل:
ركن
أهلية التحمل عند الجمهور هو التمييز الذي يعقل به الناقل ما يسمعه ويضبطه.
وقد
ضبط ذلك كثير من المحدثين في حده الأدنى بالسن وهو خمس سنين.
ويتفرع
على هذا صحة سماع الكافر والفاسق بحيث يقبل منه بعد الإسلام والتوبة النصوح ما كان
قد تحمله حال الكفر أو الفسق ، وهذه كتب السنة والسيرة فيها كثير من سماعات الصحابة
لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم ومشاهداتهم لأحواله قبل أن يسلموا.
طرق
أخذ الحديث وتحمله
حصر
العلماء طرق الأخذ للحديث وتلقيه عن الرواة بثماني طرق، توسعوا في دراستها وبيان
أحكامها، نلخص لك أصولها فيما يلي:
1- السماع:
وهو السماع من لفظ الشيخ إملاءً، أو تحديثاً من غير إملاء، وكل منهما من حفظ الشيخ
أو كتابه. وهذا أعلى طرق التحمل وأرفعها.
2- العَرْض:
القراءة
على الشيخ، ويُسميها أكثر المحدثين "عرضاً" باعتبار أن القارىء يعرض على الشيخ ما
يقرؤه.
3- الإجازة:
والإجازة هي: إذن في الرواية لفظاً يفيد الإخبار الإجمالي عرفاً، يعني أنها تتضمن
إخباره بما أذن له بروايته عنه. وأركانها أربعة: مجيز، ومجاز، ومجاز به،
وإجازة.
1- نوجز
بيانها فيما يلي:
أ-
أن يجيز الشيخ لشخص معين أو أشخاص بأعيانهم كتاباً يسميه أو كتباً يسميها لهم وهي
جائزة عند الجمهور.
ب-
الإجازة من معين في غير معين مثل أن يقول: ((
أجزت لك أن تروي عني ما أرويه ))
وهي مما يجوزه الجمهور.
جـ-
الإجازة العامة كأن يقول، أجزت للمسلمين أو للموجودين.
د-
الإجازة للمجهول أو بالمجهول، وهي فاسدة.
هـ-
الإجازة للمعدوم كالإجازة للحمل في بطن أمه وهي غير صحيحة أيضاً.
و-
إجازة ما لم يسمعه المجيز كأن يقول: أجزت لك أن تروي عني ما سأسمعه والصحيح
بطلانها.
ز-
إجازة المجاز مثل أن يقول: أجزت لك إجازتي، وهي جائزة.
4- المناولة:
وهي
مناولة الشيخ تلميذه كتاباً من سماعه.
والمناولة
ثلاثة أنواع:
النوع
الأول: المناولة المقرونة بالإجازة مع التمكين من النُسخة.
النوع
الثاني: المناولة المقرونة بالإجازة من غير تمكين من النسخة.
النوع
الثالث: المناولة المجردة عن الإجازة.
5- الكتابة:
وهي أن يكتب الشيخ مسموعه لحاضر أو غائب عنه ويرسله سواء كتبه بنفسه أم أمر غيره أن
يكتبه. وهي على نوعين:
النوع
الأول: الكتابة المقرونة بالإجازة.
وهي
في الصحة والقوة شبيهة بالمناولة المقرونة بالإجازة.
النوع
الثاني: الكتابة المجردة من الإجازة.
والصحيح
المشهور بين أهل الحديث هو تجويز الرواية بها، فإنها لا تقل عن الإجازة في إفادة
العلم.
6- الإعلام
:
وهو إعلام الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه من فلان، ويقتصر على ذلك دون
أن يأذن للطالب في روايته عنه.
وذهب
كثير من المحدثين والفقهاء والأصوليين إلى جواز الرواية لما تحمله بالإعلام من غير
إجازة.
7- الوصية:الوصية
وسيلة ضعيفة من طرق التحمل، وهي : أن يوصي المحدث لشخص أن تدفع له كتبه عند موته أو
سفره.
وقد
رخص بعض العلماء من السلف للموصى له أن يرويه عن الموصي بموجب تلك الوصية، لأن في
دفعها له نوعاً من الإذن وشبهاً من العرض والمناولة، وهو قريب من
الإعلام.
8- الوِجادة:
وهو
أن يقف على أحاديث بخط شخص راوٍ، معاصر له أو غير معاصر له، ولم يسمع الواجد تلك
الأحاديث الخاصة التي وجدها من ذلك الشخص، وليست له منه إجازة فيها.
فله
أن يرويَ عنه على سبيل الحكاية فيقول: "وجدت بخط فلان حدثنا فلان"..
أما
روايته بـ"حدثنا" أو "أخبرنا" أو نحو ذلك مما يدل على اتصال السند فلا يجوز
إطلاقا.
4-صفة
رواية الحديث وشرط أدائه
أداء
الحديث: هو تبليغه وإلقاؤه للطالب بصورة من صور الأداء.
وصور
الأداء فرع مطابق لصور التحمل التي سبق درسها، فيحق لمن تحمل الحديث بأي قسم من
أقسام التحمل أن يؤديه بأي قسم منها أيضا، ولا يشترط أن يكون أداؤه على نفس القسم
من أقسام التحمل الذي تلقى به الحديث.
ركن
أداء الحديث:هو
روايته وتبليغه بصورة من صور الأداء، بصيغة تدل على كيفية
تحمله.
وهو
إما أن يكون من حفظ الراوي أو من كتابه ، وقد احتاط المحدثون جدا في الأداء بهما.
ولم يجوزوا للراوي أن يحدث إلا بما تحقق أنه الصواب، فمتى كان بخلاف هذا أو دخله
ريب أو شك لم يجز له الحديث بذلك، إذ الكل مجمعون على أنه لا يحدث إلا بما حقق،
وإذا ارتاب في شيء فقد حدث بما لم يحقق أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم ويخشى
أن يكون مغيرا، فيدخل في وعيد من حدث عنه بالكذب، وصار حديثه في الظن، والظن أكذب
الحديث.
ونسوق
لك أهم ما ذكروا من المسائل في هذا الباب:
أولا
-العبارة عن النقل بوجوه التحمل
ينبغي
أن يطابق لفظ الأداء الصفة التي تحمل بها الراوي حديثه الذي يرويه، وقد ذكروا لكل
طريقة من طرق التحمل صيغا خاصة بها في الأداء تعبر عنها وتنبئ بها، نوضحها لك فيما
يلي:
1-العبارة
عن التحمل بالسماع: يسوغ
فيه كل ألفاظ الأداء مثل حدثنا ، وأخبرنا، وخبّرنا، وأنبأنا.
2- العبارة
عن التحمل بالعرض: أسلم
العبارات في ذلك أن يقول: " قرأت على فلان، أو قرىء على فلان وأنا أسمع"، ثم أن
يقول : " حدثنا فلان قراءة عليه"، ونحو ذلك.
3و4-العبارة
عن التحمل بالإجازة أو المناولة: اصطلح
المتأخرون على إطلاق ((
أنبانا ))
في الإجازة، وكان هذا اللفظ عند المتقدمين بمنزلة ((
أخبرنا))
فإن قال ((
أنبأنا إجازة أو مناولة ))
فهو أحسن.
5-العبارة
عن الكتابة: يقول
فيها: ((
كتب إلي فلان قال: حدثنا فلان))،
أو ((
أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة)).
6و7
- العبارة عن الإعلام أو الوصية: يراعى
فيه ما ذكرنا في الإجازة.
8- العبارة
عن الوجادة:
يجوز لمن تحمل بالوجادة أن يرويه على سبيل الحكاية فيقول: ((
وجدت بخط فلان: حدثنا فلان )).
أهمية
اصطلاحات الأداء:
1- أنها
تعرفنا الطريقة التي حمل بها الراوي حديثه الذي نبحثه، فنعلم هل هي صحيحة، أو
فاسدة.
2- أن
الراوي إذا تحمل الحديث بطريقة دنيا من طرق التحمل ثم استعمل فيه عبارة أعلى كأن
يستعمل فيما تحمله بالإجازة: حدثنا أو أخبرنا كان مدلساً، وربما أتهمه بعض العلماء
بالكذب بسبب ذلك.
ثانياً:
الرواية بالمعنى
وهي
من أهم مسائل علوم رواية الحديث، لما وقع فيها من الخلاف والالتباس، وما أثير حولها
من الشبهات:
لا
خلاف بين العلماء في أن الجاهل والمبتدىء ومن لم يَمْهُر في العلم، ولا تقدم في
معرفة تقديم الألفاظ وترتيب الجمل ، وفهم المعاني يجب عليه ألا يروي ولا يحكي
حديثاً إلا على اللفظ الذي سمعه، وأنه حرام عليه التعبير بغير لفظه المسموع.
ذهب
جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى جواز الرواية بالمعنى من مشتغل بالعلم ناقد
لوجوه تصرف الألفاظ إلا أن يكون الحديث متعبداً بلفظه، أو يكون من جوامع كلمه صلى
الله عليه وسلم .
تنبيهان:
1-ثمة
أمر هام يجدر التنبه إليه، والتيقظ له، وهو أن هذا الخلاف في الرواية بالمعنى إنما
كان في عصور الرواية قبل تدوين الحديث، أما بعد تدوين الحديث في المصنفات والكتب
فقد زال الخلاف ووجب إتباع اللفظ، لزوال الحاجة إلى قبول الرواية على
المعنى.
فلا
يسوغ لأحد الآن رواية الحديث بالمعنى ، إلا على سبيل التذكير بمعاينة في المجالس
للوعظ ونحوه، فأما إيراده على سبيل الاحتجاج أو الرواية في المؤلفات فلا يجوز إلا
باللفظ.
2- ينبغي
لمن يروي حديثاً بالمعنى أن يراعي جانب الاحتياط وذلك بأن يتبعه بعبارة:
((أو
كما قال ))
أو ((
نحو
هذا
))
وما أشبه ذلك من الألفاظ.
ثالثاً
- اختصار الحديث
وذلك
بأن يروي المحدث بعض الحديث ويحذف البعض الآخر، بشرط أن لا يكون متعلقاً به.
جمهور
المحدثين قديماً وحديثاً ذهبوا إلى جواز ذلك، وهذا هو الصحيح.
رابعاً:
مراعاة القواعد العربية
قرر
العلماء واتفقوا على أنه ينبغي لطالب الحديث أن يكون عارفاً بالعربية .
خامساً-
مراعاة المحذوف في الخط
وذلك
كما ذكر ابن الصلاح وسائر العلماء: أنه ((
جرت العادة بحذف ((
قال ))
و((
أن ))
ونحوهما فيما بين رجال الإسناد خطاً، ولا بد من ذكره في حاله القراءة لفظاً، مثل
:حدثنا أبو داود ثنا الحسَن بن علي عن شبابة قال …))
تُقْرأُ
هكذا: ((حدثنا
أبو داود قال: حدثنا الحسَن بن علي عن شبابة أنه قال …)).
5-
كتابة
الحديث وصفة ضبطه
لقد
استن المحدثون للكتابة آداباً تحقق الضبط الكامل لما يكتب على الصحف، ووضعوا تبعاً
لذلك مصطلحات ساروا عليها، أصبح من المحتّم على الكاتب بمقتضى ذلك أن يسير على خطة
دقيقة في الكتابة لكي يكون كتابه مقبولا.
كذلك
يجب على طالب الحديث أن يعرف مصطلحاتهم في الكتابة ليكون أخذه سليماُ، فلا يأخذ من
النسخ السقيمة، فيكون كمن حمل عن المخلطين، ولا يخطىء في فهم مصطلحاتهم فلا يستطيع
الانتفاع بما خلفوه لنا من التراث الذي لا زال كثير منه مخطوطاً لم يطبع.
آداب
كتابة الحديث:
وأهمها
هذه الأمور التي تتوقف عليها صحة النسخة والانتفاع بها:
1-يجب
على كتبة الحديث وطلبته صرف الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الغير من
مروياتهم على الوجه الذي رووه شَكْلاً ونَقْطاً يؤمن معها الالتباس.
وينبغي
أن يكون اعتناء الكاتب بضبط الملتبس من الأسماء أكثر من عنايته بضبط غيره من الأمور
الملتبسة، فإن الأسماء لا تُدْرَكُ بالمعنى ، ولا يُسْتَدَلَّ عليها بسياق الكلام.
2- استحبوا
في الألفاظ المشكلة أن يكرر ضبطها،
يعني أن تضبط في متن الكتاب ثم يكتبها الكاتب مقابل ذلك في الحاشية ويضبطها، وكثيرا
ما وجدناهم يكتبون بإزائها كلمة (بيان) لئلا تظن إلحاقا.
3- ينبغي
على طالب العلم وطالب الحديث خاصة أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول
الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره، ولا يسأم من تكرير ذلك عند
تكرره.
ثم
ليتجنب في إثباتها أمرين:
أحدهما:
أن يرمز إليها بحرف مثل (ص) أو (صلعم) أو غير ذلك.
والثاني:
أن يقتصر على كتابة الصلاة دون السلام أو العكس.
4- على
الطالب مقابلة كتابه بالأصل الذي أسمعهم الشيخ منه،
أو بنسخة الشيخ الذي يرويه عنه، وان كان إجازة، ولا يحل للمسلم التقي الرواية ما لم
يقابل بأصل شيخه، أو نسخة تَحَقَّق ووثق بمقابلتها بالأصل.
اصطلاحات
كتابة الحديث:
ونكتفي
بإيراد أهمها مما يتوقف عليه حسن الانتفاع بالكتب الحديثية المخطوطة وسلامة الأخذ
منها:
1-ضبط
الحروف المهملة: ضبط
كثير من العلماء الحروف المهملة بعلامة تدل على عدم إعجامها أي عدم نقطها، واختلفت
اصطلاحاتهم في ذلك مما يوجب التيقظ، والحذر مـن الوقوع في الخطأ. فمنهم من يقلب
النَّقطْ، أي يجعل النقط الذي فوق المعجمات تحت ما يشابهها من المهملات. فينقط نقطة
تحت الراء، والصاد، والطاء، والعين، ونحوها من المهملات هكذا : ر، ص، ط،
ع…..
ومن
الناس من يجعل علامة الإهمال فوق الحروف المهملة كعلامة الظفر مضجعة على قفاها هكذا
س، ر….
ومنهم
من يجعل تحت الحرف المهمل رسما مصغرا لنفس الحرف مفردا، كالحاء، والدال، والطاء،
والصاد وسائر الحروف الملتبسة.
2-الدائرة
التي تفصل بين كل حديثين، أو
بين كل فقرتين ، هي علامة وضعوها للفصل والتمييز بين أحد الحديثين عن الآخر. واستحب
الخطيب البغدادي أن تكون الدارات غُفْلا. فإذا قابل النسخة فكل حديث يفرغ من
مقابلته ينقط في الدائرة التي تليه نقطة، أو يخط في وسطها
خطاً.
3-التخريج:
أي
إثبات شيء ساقط من الكتاب في حواشيه، وصورته أن يخط من موضع سقوطه من السطر خطاً
صاعداً إلى فوق، ثم يحنيه بين السطرين إلى جهة الحاشية التي يكتب فيها اللحق هكذا،]
[ ويبدأ في الحاشية بكتبة الكلام الساقط مقابلا للخط المنحني، ثم يكتب في آخره كلمة
((
صح
))
4-الحواشي:
ما يكتب في الطرر والحواشي من تنبيه أو تفسير أو اختلاف ضبط، فلا يخرج له خطاً لئلا
يشتبه باللحق، ويظن ظان أنه من نفس الأصل.
5-التصحيح:
وهو
كتابة ((صح))
على الكلام، أو عنده وذلك إذا كان الكلام صحيحا رواية ومعنى غير أنه عرضة للشك أو
الخلاف ، فيكتب عليه ((صح))
ليعرف أنه لم يغفل عنه، وأنه قد ضُبِط وصح على ذلك الوجه.
6-التضبيب:
ويسمى
أيضا التمريض ، ويجعل على الكلام الذي صح وروده كذلك من جهة النقل غير أنه فاسد
لفظا أو معنى، أو ضعيف، أو ناقص، مثل أن يكون غير جائز من حيث العربية أو يكون
شاذاً وما أشبه ذلك. فيُمَدُّ على مثل هذا الكلام خط أوله مثل الصاد، ولا يلزق
بالكلمة المعلم عليها كيلا يظن ضربا وصورته هكذا صـ.
7-الضرب:
وهو
خط يمد على الكلام الغلط الذي يراد نفيه وإلغاؤه من الكتاب.
8-الرمز
للألفاظ المكررة في الإسناد:
غلب على كتبة الحديث الاقتصار على الرمز في قولهم :"حدثنا" و" أخبرنا " شاع ذلك
وظهر جدا. أما حدثنا فيكتب شطرها الأخير وهو " ثنا " وربما اقتصر على الضمير منها "
نا " وأما اخبرنا فيكتب الضمير مع الألف هكذا " أنا " ومنهم من يرمز إليها هكذا "
أنبا".
وإذا
كان للحديث إسنادان أو أكثر فانهم يكتبون عند الانتقال من إسناد إلى إسناد ما صورته
(ح) وهي حاء مفردة مهملة ، للإشارة إلى التحويل من سند إلى سند
آخر.