أخلاق الرشيد:
كان الرشيد خليفة ديناً محافظاً على التكاليف الشرعية أتم
محافظة فأما صلاته فكان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا إلا أن تعرض
له علة. وكان له سمير فكه هو ابن أبي مريم المدني كان
الرشيد لا يصبر عنه ولا يمل محادثته.
وأما صدقته فقد كان كل يوم يتصدق من صلب ماله بألف درهم سوى
العطايا التي كانت تهطل على الناس منه ولم ير خليفة قبله كان أعطى منه للمال ثم
المأمون بعده.
وأما حجه فإنه كان لا يتخلف عنه إلا إذا كان مشغولاً بالغزو
فهو في كل عام بين غاز وحاج وقد أقام للناس حجهم تسع مرات في سني حكمه وهي
السنوات70و73 و74 و75 و77 و80 و81 و86 و88 بعد المائة وكان إذا حج حج معه من
الفقهاء وأبنائهم وإذا لم يحج يحج عنه ثلثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة
الباهرة.
وكان يسمع وعظ الواعظين وهو عند ذلك رقيق القلب سريع
الدمعة. دخل عليه ابن السماك الواعظ فقال له: الرشيد
عظني، فقال: يا أمير المؤمنين اتق اللَّه وحده لا شريك له واعلم أنك غداً بين يدي
اللَّه ربك ثم مصروف إلى إحدى منزلتين لا ثالث لهما جنة أو نار فبكى هارون حتى
اخضلت لحيته.
وأما جهاد الرشيد فإنه كان لا يترك الخروج مع جنده بل كان
غالباً في مقدمتهم حتى لا يعتاد الراحة ولا يقعده الترف عن القيام بهذا الواجب حتى
كان من ضمن مآثره أنه كان يغزو سنة ويحج أخرى.