العلويون وآثارهم في الدولة:
قدمنا ما كان من المأمون من اختياره لولاية عهده علي الرضا بن موسى الكاظم وهو الثامن من أئمة الشيعة الإمامية الإثني عشرية واتخاذه الشعار الأخضر بدل الأسود وما ترتب على ذلك من الاضطراب في بغداد وقيام أبي السرايا والعلويين الذين قاموا من أجل قيامه في الأمصار الكبرى ثم ما كان من وفاة علي الرضا بطوس وانتهاء فتنة أبي السرايا وسقوط جميع العلويين الذين خرجوا في ذلك الوقت بالبصرة والحجاز واليمن.
ونزع المأمون للشعار الأخضر بعد حلوله ببغداد وعودته إلى شعار أهل بيته وهو السواد. وكان المأمون قد صاهر علياً فزوجه ابنته ثم زوج محمد بن علي المعروف بالجواد وهو الإمام التاسع من أئمة الشيعة ابنته الأخرى ولم يكن من محمد هذا ما يريب المأمون وكان المأمون يعامل الطالبيين معاملة تناسب اعتقاده في فضل أبيهم إلى أن خرج في سنة207 باليمن من آل أبي طالب عبد الرحمن بن أحمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب فوجه إليه المأمون دينار بن عبد اللَّه في جيش كثيف وكتب معه بأمانه فحضر دينار بن عبد اللَّه الموسم وحج ولما فرغ من حجه سار إلى اليمن حتى أتى عبد الرحمن فبعث إليه بأمانه من المأمون فقبل ذلك ودخل ووضع يده في يد دينار فخرج به إلى المأمون فمنع المأمون عند ذلك الطالبيين من الدخول عليه وأمر بأخذهم بلبس السواد.
وبسبب اختلال الأمن في البلاد اليمنية ورسوخ التشيع فيها أراد المأمون أن يختار لولاية تهامتها من يأخذ على أيدي المفسدين فيها فأشار عليه الحسن بن سهل برجل من ولد زياد بن أبي سفيان وهو محمد بن إبراهيم الزيادي فولاه إياها سنة203 فتوجه فحج ثم ذهب إلى اليمن ففتح تهامة واختط مدينة زبيد سنة204 وهي التي صارت حاضرة تهامة. وقد عظم أمر الزيادي بعد ذلك باليمن وصار كملك مستقل إلا أنه كان يخطب لبني العباس ويحمل إليهم الخراج والهدايا وطال ملكه إلى سنة245 ثم صار الملك في أبنائه ثم في مواليهم وموالي مواليهم إلى سنة554 وتعرف هذه الدولة بالدولة الزيادية وهي أول الدول استقلالاً باليمن.