المحرمات في النكاح قسمان: قسم التحريم المؤبد، وقسم التحريم المؤقت.
القسم
الأول: المحرمات تأبيداً:
يحرم تأبيداً أربع عشرة امرأة، سبع يحرمن بالنسب وسبع
بالسبب. ويقصد بالتأبيد عدم جواز نكاحهن أبداً، مهما كانت الأحوال. ولهذه الحرمة
ثلاثة أسباب: القرابة، والمصاهرة، والرضاع.
أولاً: المحرمات بالقرابة:
1-
الأم وأم الأم وأم الأب. ويعبر عنهن بأصول الإنسان.
2- البنت وبنت البنت وبنت
الابن. ويعبر عنهن بفروع الإنسان.
3- الأخت الشقيقة أو الأخت لأب أو الأخت لأم.
ويعبر عنهن بفروع الأبوين.
4- بنت الأخ الشقيق، وبنت الأخ لأب وبنت الأخ
لأم.
5-
بنت الأخت الشقيقة أو لأب أو لأم.
6- العمة وهي أخت الأب، ومثلها عمة الأب وعمة
الأم. ويعبر عنهن بفروع الجدين من جهة الأب.
7- الخالة وهي أخت الأم ومثلها خالة
الأم وخالة الأب. ويعبر عنهن بفروع الجدين من جهة الأم.
فهؤلاء النسوة لا يجوز
نكاح واحدة منهن بحال. لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ
وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ
وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) [النساء: 23].
ثانياً: المحرمات بالمصاهرة:
ويحرم بها
الآتي:
1- زوجة الأب ومثلها زوجة الجد أب الأب وزوجة الجد أب الأم. ويعبر عنهن
بزوجات الأصول. لقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ
النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ
سَبِيلًا) [النساء: 22].
2- زوجة الابن، وزوجة ابن الابن، وابن البنت أيضاً،
وهكذا زوجات الفروع.
لقوله تعالى: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ
أَصْلَابِكُمْ) [النساء: 23].
3- أم الزوجة، ومثل أمها جميع أصولها من النساء
كأم أم الزوجة؛ لقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) [النساء: 23]. وهؤلاء
الثلاثة يحرمن بمجرد العقد، سواء دخل بالسبب المُحَرِّم أو لم يدخل.
4- بنت
الزوجة وهي المسماة بالربيبة، فهي حرام على زوج أمها؛ لقوله تعالى:
(وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ
بِهِنَّ) [النساء: 23]. ولا يشترط في التحريم أن تكون الربيبة تربَّتْ في حجر زوج
أمها، وإنما ذكر قيد الحجر لبيان الغالب. فهذه البنت تحرم على الرجل إذا دخل بأمها،
فإن لم يدخل بها، كأن طلق الأم، أو ماتت قبل الدخول، فإنه يجوز له نكاح
ابنتها.
لقوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ) [النساء: 23].
5-
يحرم على المرأة زوج أمها، وزوج ابنتها، وابن زوجها، وأبو زوجها.
ثالثاً:
المحرمات بالرضاع:
يحرم بالرضاع سبع نسوة، ذكر القرآن الكريم منهن اثنتين،
وألحقت السنة بهن خمساً.
أ) المحرمات بالقرآن الكريم:
1- الأم بالرضاع. وهي
المرأة التي أرضعتك، ويلحق بها أمها، وأم أمها، وأم أبيها.
2- الأخت بالرضاع.
وهي التي رضعتْ من أمك أو رَضَعْتَ من أمها أو رضعت أنت وهي من امرأة واحدة، أو
رضعت من زوجة أبيها، أو رضعت هي من زوجة أبيك، لقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ
اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء: 23].
ب)
المحرمات بالسنة المطهرة:
1- بنت الأخ من الرضاع.
2- بنت الأخت من
الرضاع.
3- العمة من الرضاع. وهي التي رضعت مع أبيك.
4- الخالة من الرضاع.
وهي التي رضعت مع أمك.
5- البنت من الرضاع. وهي التي رضعت من زوجتك، فيكون الرجل
أباً لها من الرضاع.
ودليل تحريم هؤلاء النساء من السنة حديث عائشة رضي الله
عنها قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الرضاعة تحرم
ما تحرم الولادة) (1). وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بنت حمزة رضي الله عنهما: (إنها لا تحل لي، إنها
ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة مما يحرم من الرحم)
(2).
__________
(1) رواه البخاري برقم (5099)، ومسلم برقم (1444).
(2)
رواه البخاري برقم (5100)، ومسلم برقم (1447) واللفظ
لمسلم.
القسم
الثاني: المحرمات تأقيتاً:
يحرم تأقيتاً عدة نساء يمكن تقسيمهن إلى
نوعين:
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع.
النوع الثاني: ما كان تحريمه
لعارض.
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع:
1- الجمع بين الأختين، سواء كانتا
من النسب أو من الرضاع، وسواء عقد عليهما معاً أو متفرقاً. لقوله تعالى: (وَأَنْ
تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) [النساء: 23].
2- الجمع بين المرأة وعمتها
وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أختها، أو بنت أخيها، أو بنت ابنها، أو بنت
ابنتها.
والقاعدة هنا: أن الجمع يحرم بين كل امرأتين لو فرضت إحداهما ذكراً لما
جاز له أن يتزوج الأخرى. ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين
المرأة وخالتها) (1).
وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (أن رسول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت
أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على
الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى) (2). كما أجمع العلماء على هذا التحريم.
النوع
الثاني: ما كان تحريمه لعارض:
1- يحرم تزوج المعتدة من الغير؛ لقوله تعالى:
(وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه)
[البقرة: 235].
2- يحرم تزوج من طلقها ثلاثاً حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح؛
لقوله
__________
(1) رواه البخاري برقم (5109)، ومسلم برقم (1408).
(2)
رواه أبو داود برقم (2065)، والنسائي (6/96)، والترمذي برقم (1126)، وقال: "حسن
صحيح".
وصححه الشيخ الألباني (الإرواء 6/290).
تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ
زَوْجًا غَيْرَهُ) [البقرة: 230].
3- يحرم تزوج المحرمة حتى تحل من إحرامها؛
لحديث عثمان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال: (لا يَنْكِحُ المحرم، ولا يُنْكَحُ، ولا يخطب) (1).
4- يحرم تزوج الكافر
بالمرأة المسلمة؛ لقوله تعالى: (وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى
يُؤْمِنُوا) [البقرة: 221].
5- ويحرم على الرجل المسلم أن يتزوج الكافرة إلا
الكتابية، فيجوز له أن يتزوج بها، لقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ
حَتَّى يُؤْمِنَّ) [البقرة: 221]، وقوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة: 5]. يعني: فهن حل لكم.
6- يحرم
على الحر المسلم أن يتزوج الأمة المسلمة، إلا إذا خاف على نفسه الزنى، ولم يقدر على
مهر الحرة، أو ثمن الأمة، فيجوز حينئذ تزوج الأمة المسلمة؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ
فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) [النساء:
25] إلى قوله تعالى: (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) [النساء:
25].
7- يحرم على العبد المسلم أن يتزوج سيدته؛ لأن العلماء أجمعوا على ذلك،
وللمنافاة بين كونها سيدته وكونه زوجاً لها.
8- يحرم على السيد أن يتزوج
مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح.