باب النكاح وما جاء فيه من النسخ
قال أبو عبيد : جاءت الآثار في السنة وفي تأويل الكتاب بنسخ أنواع من النكاح ، فمنها ما كان حلالا فنسخه التحريم ، ومنها ما كان حراما فنسخه التحليل ، ومنها ما اختلفت العلماء في نسخه ، وأما الذي كان حلالا ، فنسخ بالتحريم ، فإنه نكاح المتعة
101 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا بشر بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز ، عن عمه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن الربيع بن سبرة الجهني ، عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه في عمرته ، فشكونا إليه العزبة ، فقال : « استمتعوا من هذه النساء » قال : ثم أصبحت غاديا على رسول الله صلى الله عليه ، فإذا هو قائم بين الركن والمقام مسند ظهره إلى الكعبة يقول : « يا أيها الناس إني كنت أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء ، ألا وإن الله عز وجل قد حرم ذلك إلى يوم القيامة ، » فمن كان عنده منهن شيء ، فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا «
102 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثني يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني الربيع بن سبرة ، أن أباه ، قال : استمتعت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة من بني عامر ببردين (1) أحمرين ، « ثم نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها » قال : قال الليث ، ثم لقيت الربيع بن سبرة ، فحدثني بمثل حديث ابن شهاب
__________
(1) البْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ
103 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا منصور ، عن الحسن قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته تزين نساء أهل مكة ، فشكى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه إليه ، فقال : « تمتعوا منهن واجعلوا الأجل بينكم وبينهن ثلاثا فما أحسب رجلا منكم يستمكن من امرأة ثلاثا إلا ولاها الدبر » قال الحسن : فإنما كانت المتعة ثلاثة أيام لم تكن قبل ذلك ولا بعده
104 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن الزهري ، عن عبد الله ، والحسن ، ابني محمد بن علي ، عن أبيهما محمد بن علي ابن الحنفية ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه مر بابن عباس وهو يفتي بنكاح المتعة (1) : أنه لا بأس بها ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه « نهى عنها وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر » قال أبو عبيد : « فكان بعض الناس يطعن في هذا يقول : كيف ينهى عن المتعة يوم خيبر ، إنما كانت رخصتها في عمرته وهي بعد خيبر ؟ وإنما وجهه عندنا أن عليا رضي الله عنه أراد أن رسول الله صلى الله عليه نهى عن المتعة ، فهذا كلام مكتفيا بما فيه ، ثم قال : ونهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر قال أبو عبيد : ووجه قوله : يوم خيبر إنما هو على نهيه عن لحوم الحمر خاصة يوم خيبر ، فأما نهيه عن المتعة ، فكان بعد ذلك في عمرته التي أقام فيها ثلاثا بمكة بعد ذلك »
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
105 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن الحارث بن غزية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « متعة (1) النساء حرام ، متعة النساء حرام »
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
106 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا حجاج ، عن شعبة ، عن قتادة قال : سمعت أبا نضرة يقول : كان ابن عباس يأمر بالمتعة (1) ، وكان ابن الزبير ينهى عنها قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله ، فقال : على يدي دار الحديث ، تمتعنا (2) مع رسول الله صلى الله عليه ، فلما قدم عمر قال : إن الله عز وجل كان يحل لرسوله ما شاء ، بما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازله ، فأتموا الحج والعمرة كما أمر الله عز وجل ، « وأبتوا (3) نكاح هذه النساء ، فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة » قال شعبة : حدثني بهذا الحديث ثلاثة لم يذكر أحد منهم : رجمته بالحجارة ، غير قتادة
__________
(1) المتعة : اختلف في المراد بها في هذا الحديث لاختلاف رواياته، فقيل : متعة الحج، وقيل : متعة النساء
(2) استمتع بالعمرة وتَمَتَّعَ بها : انتفع بها في أشهر الحج وذلك بأن يضم عمرة إلى حجه ويفصل بينهما بإحلال
(3) أبتوا النكاح : اقطعوا الأمر فيه وأحْكمُوه بشرائطه. وهو تَعْريض بالنهي عن نكاح المتعة، لأنه نكاح غير مَبْتوت، مُقَدّرٌ بمدّة.
107 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن عمر بن حمزة العمري ، عن عبد الرحمن بن سعد قال : كنت أطوف مع ابن عمر بالبيت إذ لقيه رجل ، فسأله عن متعة (1) النساء ، فقال ابن عمر : « اللهم لا نعلمها إلا السفاح ، اللهم لا نعلمها إلا السفاح ، إن عمر لو كان حيا لك ولأصحابك لشرد بهم أو قال بكم »
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
108 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن عقيل ، ويونس ، عن ابن شهاب ، عن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل ، عن ابن عمر ، أنه سئل عن المتعة (1) ، فقال : « ذلك السفاح »
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
109 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا ابن أبي مريم ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : « نكاح المتعة (1) بمنزلة الزنا »
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
110 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا ابن أبي مريم ، عن يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، أنها كانت إذا ذكر لها المتعة قالت : والله « ما نجد في كتاب الله عز وجل إلا النكاح والاستسرار ، ثم تتلو هذه الآية : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (1) »
__________
(1) سورة : المؤمنون آية رقم : 5
111 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني سالم بن عبد الله ، وهو يذاكرني المتعة ، فقال : ألا يقرأ هؤلاء الذين يفتون بالمتعة (1) ، « هل يجدون في كتاب الله عز وجل من نكاح إلا له طلاق وإلا له عدة وإلا له ميراث ؟ » قال : وقال للقاسم بن محمد : وهو يذاكرني ذلك كيف يجترئون على الفتيا بالمتعة وقد قال الله عز وجل في كتابه : والذين هم لفروجهم حافظون (2) إلى قوله : فأولئك هم العادون (3) أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا أبو الأسود ، عن ابن لهيعة ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، والقاسم مثل ذلك
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
(2) سورة : المؤمنون آية رقم : 5
(3) سورة : المؤمنون آية رقم : 7
112 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن حجاج ، عن الحكم ، عن أصحاب عبد الله ، عن عبد الله بن مسعود قال : « المتعة (1) منسوخة نسخها (2) الطلاق ، والصداق ، والعدة ، والميراث » قال أبو عبيد : « فالمسلمون اليوم مجمعون على هذا القول : أن متعة النساء قد نسخت بالتحريم ، ثم نسخها الكتاب والسنة على ما ذكرنا في هذه الأحاديث ولا نعلم أحدا من الصحابة كان يترخص فيها إلا ما كان من ابن عباس ، فإنه كان ذلك معروفا من رأيه ثم بلغنا أنه رجع عنه »
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
(2) النسخ : إزالة الحكم
113 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء قال : سمعت ابن عباس يقول : يرحم الله عمر « ما كانت المتعة إلا رحمة من الله عز وجل رحم بها أمة محمد صلى الله عليه ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي » قال : والله لكأني أسمع قوله الآن : إلا شقي - عطاء القائل - قال : قال عطاء : وهي التي في سورة النساء : فما استمتعتم به منهن فآتوهن (1) إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا قال : وليس بينهما وراثة ، فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم ، وإن تفرقا فنعم ، وليس بينهما نكاح قال : وأخبرني أنه سمع ابن عباس يراها حلالا
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 24
114 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : وحدثني ابن بكير ، عن الليث ، عن بكير بن الأشج ، عن عمار مولى الشريد قال : سألت ابن عباس عن المتعة (1) ، أسفاح هي أم نكاح ؟ ، فقال ابن عباس : « لا سفاح هي ولا نكاح ، قلت : ما هي ؟ قال : » هي المتعة كما قال الله ، قلت : هل لها من عدة ؟ قال : نعم عدتها حيضة ، قلت : هل يتوارثان ؟ قال : لا «
__________
(1) المتعة : نكاح المرأة للاستمتاع بها لمدة معلومة وبأجر معلوم
115 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، أن خالد بن المهاجر بن خالد سيف الله أخبره أنه بينما هو جالس عند ابن عباس جاءه رجل ، فاستفتاه في المتعة ، فأمره بها ، فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري : مهلا يا أبا عباس ، فقال : والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين ، فقال ابن أبي عمرة : يا أبا عباس إنما « كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ، ثم أحكم الله الدين ونهى عنها »
116 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب : أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أخبره : أن ابن عباس كان يفتي بها ، ويغمض بذلك أهل العلم وأبى أن يتنكل عن ذلك حتى طفق (1) بعض الشعراء يقول : يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك في ناعم خود مبتلة تكون مثواك حتى رجعة الناس قال : فازداد لها أهل العلم قذرا وبغضا حين قيل فيها الأشعار
__________
(1) طفق يفعل الشيء : أخذ في فعله واستمر فيه
117 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا يزيد ، عن حجاج ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن الناس قد أكثروا عليك في المتعة ، وقال الشاعر فيها ما قال ، فخرج ابن عباس ، فقال : « هي كالمضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير » قال أبو عبيد : « وأما قول أهل العلم اليوم جميعا من أهل العراق وأهل الحجاز وأهل الشام وأصحاب الأثر وأصحاب الرأي وغيرهم : أنه لا رخصة فيها لمضطر ، ولا لغيره وأنها منسوخة ، حرام على ما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع أنه قد روي عن ابن عباس شيء شبيه بالرجوع عن قوله الأول »
118 - أخبرنا علي قال : قال أبو عبيد : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، وعثمان بن عطاء ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس في قوله : « فما استمتعتم به منهن (1) قال : نسختها : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ، فطلقوهن لعدتهن (2) » قال أبو عبيد : فهذا ما في الحلال الذي نسخه الحرام ، وأما الحرام الذي نسخه الحلال ، فنكاح نساء أهل الكتاب
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 24
(2) سورة : الطلاق آية رقم : 1
119 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن (1) قال : « ثم استثنى أهل الكتاب ، فقال : » والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان (2) « قال : » عفائف غير زوان « قال أبو عبيد : هكذا هو في الحديث ، يعني : محصنات غير مسافحات ، وإنما هو : محصنين غير مسافحين ؟ فلا أدري هذه القراءة وهم من المحدث ، أم هي قراءة ابن عباس
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 221
(2) أخدان : أصدقاء
120 - ويروى عن الأوزاعي ، أنه قال : « حرم الله نكاح المشركات جميعا في قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن (1) ، ثم أحل نساء أهل الكتاب ، فقال : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم (2) » قال أبو عبيد : « فرأي ابن عباس والأوزاعي : أن الناسخ من الآيتين هي هذه التي في المائدة ، وكذلك قول سفيان ، ومالك ، وبه جاءت الأخبار عن الصحابة والتابعين وأهل العلم بعدهم أن نكاح الكتابيات حلال بهذه الآية إلا شيئا يروى عن ابن عمر ، فإنه أمسك عن ذلك وكرهه »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 221
(2) سورة : المائدة آية رقم : 5
121 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه « كان لا يرى بأسا بطعام أهل الكتاب وكره نكاح نسائهم »
122 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث قال : حدثني نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان إذا سئل عن نكاح اليهودية ، والنصرانية قال : « إن الله عز وجل حرم المشركات على المسلمين قال : ولا أعلم من الشرك شيئا أكبر أو قال : أعظم من أن ، تقول : إن ربها عيسى وهو عبد من عباد الله »
123 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثني علي بن معبد ، عن أبي المليح ، عن ميمون بن مهران قال : قلت لابن عمر : إنا بأرض يخالطنا فيها أهل الكتاب أفننكح نساءهم ونأكل طعامهم ؟ قال : فقرأ علي آية التحليل وآية التحريم قال : قلت : إني أقرأ ما تقرأ ؟ أفننكح نساءهم ، ونأكل طعامهم ؟ قال : « فأعاد علي آية التحليل وآية التحريم » قال أبو عبيد : وإنما نرى كراهة ابن عمر لذلك كانت وإمساكه عنه ، لأنه وجد الآيتين : إحداهما تحل والأخرى تحرم ، ورأى من سواه من العلماء أن الآية المحرمة هي المنسوخة ، وأن المحللة هي الناسخة فعملوا بها ، كذلك جاءت أخبارهم تترى
124 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثني ابن أبي مريم ، عن يحيى بن أيوب ، ونافع بن يزيد ، عن عمر مولى غفرة قال : سمعت عبد الله بن علي بن السائب بن عبد يزيد ، من بني المطلب بن عبد مناف يقول : إن عثمان بن عفان رضي الله عنه « تزوج نائلة ابنة القرافصة الكلبية ، وهي نصرانية » وزاد نافع في حديثه : أنه تزوجها على نسائه
125 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن الشعبي قال : « تزوج أحد الستة يهودية قال : فقلت للشعبي : أهو الزبير ، فقال : إن كان الزبير لكريم المناكح » قال أبو عبيد : يريد الشعبي بالستة أهل الشورى ، وأحسبه يعني بالمتزوج طلحة وذلك لأنه معروف عنه
126 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا ابن أبي مريم ، عن يحيى بن أيوب ، عن عمر مولى غفرة ، عن عبد الله بن علي بن السائب قال : « تزوج طلحة بن عبيد الله يهودية من أهل الشام من أهل أريحا » وبعضهم يقول : ريحاء
127 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، وشعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم ، عن علي : « أن طلحة تزوج يهودية »
128 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، وشعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير : « أن طلحة ، تزوج يهودية »
129 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا أبو النضر ، عن شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن شيخ جار لحذيفة : « أن حذيفة بن اليمان ، تزوج يهودية وعنده عربيتان »
130 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن ، وعبيدة ، عن إبراهيم ، ومطرف ، عن الشعبي ، أنهم « كانوا لا يرون بأسا بالنكاح في أهل الكتاب »
131 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا معاذ ، عن أشعث ، عن الحسن ، أنه كان « لا يرى بأسا أن يجمع الرجل أربعا من أهل الكتاب »
132 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن حماد قال : سألت سعيد بن جبير عن نكاح اليهودية ، والنصرانية ، فقال : « لا بأس به قال : قلت : فإن الله تبارك وتعالى يقول : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن (1) ، فقال : أهل الأوثان والمجوس » قال أبو عبيد : « فالمسلمون اليوم على هذه الأحاديث من الرخصة في نكاح أهل الكتاب ، ويرون أن التحليل هو الناسخ للتحريم ، ومع هذا أنه قد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يأمر باجتنابهن وذلك على التنزه عنهن غير محرم لهن »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 221
133 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : بلغنا أن عبد الله بن قارظ ، تزوج في ولاية عمر بن الخطاب امرأة من أهل الكتاب ، فولدت له خالد بن عبد الله ، ثم قال له عمر رضي الله عنه ، « تنزه عنها وانكح امرأة مسلمة قال : فطلقها وتزوج مسلمة »
134 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا محمد بن يزيد ، عن الصلت بن بهرام ، عن شقيق بن سلمة قال : تزوج حذيفة يهودية بالمدائن ، فكتب إليه عمر : أن خل (1) سبيلها ، فكتب إليه حذيفة : أحرام هي ؟ فكتب إليه عمر : « لا ولكن أخاف أن تواقعوا المومسات (2) منهن » قال أبو عبيد : يعني : العواهر ، فنرى أن عمر رضي الله عنه ، إنما ذهب إلى ما في الآية وهو قوله عز وجل : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب (3) ، فيقول : إن الله إنما اشترط العفائف منهن وهذه لا يؤمن أن تكون غير عفيفة ، ومثله الحديث الذي يروى مرفوعا إلا أنه مرسل
__________
(1) خلى : ترك وابتعد وأفسح
(2) المومسة : الزانية الفاجرة التي تتكسب بزناها
(3) سورة : المائدة آية رقم : 5
135 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا أبو اليمان ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن علي بن أبي طلحة قال : أراد كعب بن مالك أن ، يتزوج ، امرأة من أهل الكتاب ، فسأل رسول الله صلى الله عليه ، « فنهاه وقال : » إنها لا تحصنك « قال أبو عبيد : » وقد كان ناس من الناس يتأولونه في إحصان الرجم على الزاني ، وهذا من أوحش ما يتأول على النبي صلى الله عليه في أصحابه أن يظن بهم الزنا ، ليس هذا من مذاهب الأنبياء ولا كلامهم ، ولكنه أراد عندنا تنزيهه عنها للآية التي فيها شرط المحصنات أيضا ، فقوله : « إنها لا تحصنك » يقول : إذا كانت هذه المشركة لا تؤمن أن تكون غير عفيفة لم تضعك من جماعها بموضع الحصانة منها ، ولكنها تكون قد أوطأتك من نفسها غير عفاف ، وهذا هو الطريق الذي سلكه في كتابه إلى حذيفة بما كتب ، وكذلك حديث ابن عمر «
136 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا أبو مطيع الخراساني ، عن سفيان ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال : « لا يحصن أهل الشرك » قال أبو عبيد : « وقد كان بعضهم يوجه هذا الحديث أيضا على إحصان الرجم وكيف يفتي ابن عمر هذه الفتيا ، وهو يحدث عن النبي صلى الله عليه أنه رجم يهوديا ، ويهودية هذا لا يكون ، وإنما أراد عندنا ما أعلمتك من حديث النبي صلى الله عليه وحديث عمر رضي الله عنه ، ألا ترى أن ابن عمر كان يكره نكاحهن » قال أبو عبيد : « فهذا ما في نكاح الكتابيات من ذوات الذمة ، فأما نساء الحرب فلا يدخلن في هذه الرخصة ، وإن كن من أهل الكتاب »
137 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : « لا تحل نساء أهل الكتاب إذا كانوا حربا قال : وتلا هذه الآية : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله (1) إلى قوله : وهم صاغرون » قال : قال الحكم : فحدثت بذلك إبراهيم فأعجبه
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 29
138 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا حجاج ، عن المسعودي ، عن الحكم بن عتيبة قال : قلت لإبراهيم : هل تعلم شيئا من نساء أهل الكتاب يحرم ، فقال : لا . فقال الحكم : وقد كنت سمعت من أبي عياض « أن » نساء أهل الكتاب يحرم نكاحهن في بلادهن « قال : فذكرت ذلك لإبراهيم فصدق به وأعجبه قال أبو عبيد : » وهذا هو المعمول به عند العلماء ، لا أعلم بينهم في كراهته اختلافا « قال أبو عبيد : » قد ذكرنا ما في نكاح نساء أهل الكتاب ، فأما المجوسيات والوثنيات فنكاحهن محرم عند المسلمين جميعا لم ينسخ تحريمهن كتاب ولا سنة علمناها «
139 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن الحسن بن محمد قال : « قبل رسول الله صلى الله عليه الجزية من مجوس هجر في ألا تنكح لهم امرأة ولا تؤكل لهم ذبيحة » قال أبو عبيد : وكذلك سائر المشركات خلا أهل الكتاب هن مثل المجوسيات
140 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا منصور ، عن معاوية بن قرة قال : كان عبد الله بن مسعود « يكره أن يطأ الرجل أمته إذا فجرت ، أو يطأها وهي مشركة »
141 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا ابن مهدي ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن بكر بن ماعز ، عن الربيع بن خثيم ، أنه « كان يكره أن يطأ أمته مشركة »
142 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم قال : « إذا سبيت (1) المجوسية وعبدة الأوثان (2) فلا يوطأن حتى يسلمن ، فإن أبين أكرهن »
__________
(1) سبيت : أسرت
(2) الأوثان : جمع وَثَن وهو الصنم، وقيل : الوَثَن كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد وقد يُطْلَق الوَثَن على غير الصُّورة، والصَّنَم : الصُّورة بِلا جُثَّة
143 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة قال : سألت مرة الهمداني ، وسعيد بن جبير « عن المجوسية ، يتخذها الرجل سرية فكرهاه »
144 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا خالد بن عمرو ، عن شريك ، عن سماك بن حرب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : « إذا اشتريت مجوسية ، فلا تطأها (1) حتى تسلم »
__________
(1) الوطء : الجماع والنكاح والزواج
145 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، أنه سئل عن رجل ، كانت له جارية مجوسية ، فقال : « لا يحل له أن يطأها حتى تسلم »
146 - قال أبو عبيد : وكذلك قول الأوزاعي ، وسفيان ، ومالك ، حدثنيه عنه ابن أبي مريم ، وابن بكير أن « المجوسية ، لا تحل بنكاح ولا بملك يمين وكذلك قول أهل الرأي كلهم » قال أبو عبيد : « وإنما اتفقت العلماء على تحريمهن في الوجهين جميعا بالآية المحرمة في سورة البقرة وهي قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن (1) ، فعم بها الحرائر والإماء ، ثم نسخ منها أهل الكتاب بالآية التي في المائدة على ما فسره أهل العلم ، وقد أرخص بعضهم مع هذا في الولائد منهن خاصة دون الأزواج »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 221
147 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، وعمرو بن دينار ، « في وطء الأمة المجوسية قالا : لا بأس بذلك » قال أبو عبيد : « وأول من قال بهذا القول ذهب إلى قوله : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن (1) أنه في التزويج خاصة ، فحرموها زوجة وأحلوها بملك يمين ، وقد تأول ذلك قوم في سبايا العرب يوم أوطاس وقالوا : وقد وطئن بالملك وهن عوابد أوثان ، ليس بأهل كتاب ، وهذا عندنا خطأ في التأويل على رسول الله صلى الله عليه وأصحابه ، ولكن وجهه عندنا أنه عرض عليهن الإسلام بعد السبي فأسلمن قبل الوطء ، يفسر ذلك حديث يروى عن الحسن »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 221
148 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن قال : قال له رجل : يا أبا سعيد كيف كنتم تصنعون إذا سبيتموهن (1) قال : كنا « نوجهها إلى القبلة ونأمرها أن تسلم وتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه ثم نأمرها أن تغتسل ، فإذا أراد صاحبها أن يصيبها لم يصبها حتى يستبرئها (2) » قال أبو عبيد : « فهذا الحديث عندنا مفسر لوطء كل أمة مشركة من المجوسيات وعوابد الأوثان وجميع أصناف أهل الملل سوى أهل الكتاب ، وذلك أن الحسن وأهل بلاده إنما كانت مغازيهم في ناحية خراسان وسجستان وكابل ، وليس أولئك بأهل كتاب ، فالأمر المعمول به عندنا أن الكتابيات من أهل الذمة خاصة حل بالنكاح وملك اليمين جميعا ، وأن من سواهن من ملل أهل الشرك حرام بالنكاح وملك اليمين جميعا لما قصصنا من ناسخ نكاحهن ومنسوخه » قال أبو عبيد : « وقد روى بعضهم عن حذيفة حديثا شاذا أنه تزوج مجوسية ، وهذا لا أصل له فيما نرى ولا يصدق بمثله على أصحاب النبي صلى الله عليه ؛ لأنه خلاف التنزيل وما عليه أهل الإسلام ، وإنما المعروف عن حذيفة نكاحه اليهودية ، فلعل المحدث أرادها فأوهم . هذا ما في نكاح الحرام الذي نسخه الحلال ، فأما الذي اختلف الناس في نسخه فنكاح البغايا من المسلمات ، فإنما اختلفوا في ذلك لقوله تعالى : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ، وحرم ذلك على المؤمنين (3) ، فكانت الآية عند بعضهم منسوخة لا يعمل بها وعند آخرين محكمة معمولا بها »
__________
(1) سبى : أسر
(2) استبرأ المرأة : تَبَيَّن حالَها هل هي حامل أم لا وطَلَب بَراءَتها من الحَمْل ، أو لم يَطَأْها حتى تحِيضَ
(3) سورة : النور آية رقم : 3
149 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا يحيى بن سعيد ، ويزيد بن هارون كلاهما ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب في هذه الآية : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة (1) قال : « نسختها الآية التي بعدها ، قوله : وأنكحوا الأيامى منكم (2) ، وقال : كان يقال : هن من أيامى المسلمين »
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 3
(2) سورة : النور آية رقم : 32
150 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قوله : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة (1) قال : كان رجال يريدون الزنا بنساء زوان بغايا (2) معلنات ، كن كذلك في الجاهلية ، فقيل لهم : هذا حرام ، « فأرادوا نكاحهن ، فحرم عليهم نكاحهن ، أو قال : فحرم عليهن نكاحهم » قال أبو عبيد : « فمذهب سعيد ومجاهد في تأويلهما هو الرخصة في تزويج البغي ، إلا أن سعيدا أراد أن التحريم كان عاما ، ثم نسخته الرخصة ، وأراد مجاهد أن التحريم لم يكن إلا على أولئك خاصة دون الناس ، وقد جاءت أخبار فيها دلائل على هذا التأويل »
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 3
(2) البغايا : جمع بَغِيٍّ ، وهي الزانية التي تجاهر بالزنا وتتكسب منه
151 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن صفية ، وابن عمر : أن رجلا ، ضاف رجلا فافتض أخته ، فرفع إلى أبي بكر رضي الله عنه ، فسأله : فأقر ، فقال : « أبكر أم ثيب ؟ فقال : بكر ، » فجلده مائة وغربه (1) إلى فدك ، ثم إن الرجل تزوج المرأة بعد ذلك وقتل باليمامة «
__________
(1) التغريب : النفي والإبعاد إلى بلاد غريبة
152 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا يزيد ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أو صفية : أن أبا بكر رضي الله عنه أرسل إليهما أو سألهما فاعترفا « فجلدهما مائة ، مائة ، ثم زوج أحدهما من الآخر مكانه ونفاهما سنة »
153 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه ، أن غلاما فجر بجارية ، فسئلا ؟ فاعترفا ، « فجلدهما عمر بن الخطاب ثم حرص أن يجمع بينهما فأبى (1) الغلام »
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
154 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن شريك ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم النخعي ، عن همام بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود : في « الرجل يفجر (1) بالمرأة ثم يريد أن يتزوجها قال : لا بأس بذلك » ، أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : حدثني مساور الثقفي قال : كنت عند ابن عباس « فسئل عن ذلك ، فقال : لا بأس به » قال : وقال جابر بن عبد الله : « أوله حرام وآخره حلال » أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان لا يرى به بأسا ، ويقول : « إنما مثل ذلك مثل رجل أتى حائطا فسرق منه ثم أتى صاحبه ، فاشترى منه ، فما سرق حرام ، وما اشترى حلال »
__________
(1) يفجر : يزني
155 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا يزيد ، عن جرير بن حازم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وعن قيس بن سعد ، عن عطاء قالا في الرجل يرى امرأته تزني : « يمسكها إن شاء ، فإن ذلك لا يحرمها عليه » أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : « لو رأى معها عشرة لم تحرم عليه » أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن الحسن بن يحيى ، عن الضحاك بن مزاحم قال : « إذا فجرت لم يفرق بينهما كما أنه لو فجر لم يفرق بينهما » أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا جرير ، عن الشيباني ، عن الشعبي قال : « إذا فجرت لا تنتزع كما لو فجر لم ينتزع » قال أبو عبيد : « فهذا مذهب من رأى الآية منسوخة غير معمول بها ، فلهذا تراخصوا في تزوج البغايا وإمساكهن ، وهي عند آخرين من العلماء على غير ذلك ، يرونها محكمة قائمة ويفسدون النكاح بفجورها »
156 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا أبو النضر ، عن شعبة ، عن سماك بن حرب قال : سمعت حنش بن المعتمر ، يحدث : أن قوما اختصموا إلى علي في رجل تزوج امرأة فزنى ، أو قال : « فزنت قبل أن يدخل بها قال : ففرق بينهما » أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا هشيم ، عن داود بن أبي هند ، عن سماك بن حرب ، عمن حدثه ، وربما ، قال هشيم ، عن رجل من بني عجل ، عن علي مثل ذلك
157 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في رجل تزوج امرأة ففجرت قبل أن يدخل بها قال : « يفرق بينهما ولا صداق لها »
158 - قال أبو عبيد : وكذلك يحدث به عن الحسن ، أنه قال : « لا يتزوج إلا محدودة مثله » ، قال أبو عبيد : « وإنما نرى هؤلاء تأولوا هذه الآية : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة (1) ، ومما يزيد حجتهم قوة حكم رسول الله صلى الله عليه في التفريق بين المتلاعنين ، فيقولون : إذا كانت تحرم عليه بأن يرميها بالفجور أو بالانتفاء من ولدها حتى يجب عليه بذلك اللعان وتصير محرمة عليه ، فالتحريم له في اليقين ألزم وعليه أوكد ، وذهب الآخرون بالرخصة إلى أن اللعان هو المحرم لا القذف والنفي يقولون : ألا ترى أنهما على نكاحهما يتوارثان ما لم يلتعنا » قال أبو عبيد : وبهذا القول نقول : إن عيان الفجور منه لها ليس بطلاق ، ولا يفرق بينهما إلا التلاعن ، غير أنه يؤمر بطلاقها أمرا ويخاف عليه الإثم في إمساكها ؛ لأن الله تبارك وتعالى إنما اشترط على المؤمنين نكاح المحصنات ، فقال عز وجل : والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم (2) ، ومع هذا أنه لا يأمنها أن توطئ فراشه غيره ، فتلحق به نسبا ليس منه ، فيرث ماله ويطلع على حرمته ، فأي ذنب أعظم من هذا ؟ أن يكون لها معينا عليه بإمساكها ، ولا أحسب الذين ترخصوا في ذلك بعد الفجور إلا لتوبة تظهر منها ، كالذي يحدث به عن ابن عباس مفسرا وعن عمر «
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 3
(2) سورة : المائدة آية رقم : 5
159 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أنه بلغه عن ابن عباس ، أنه سئل عن ، رجل أراد أن ينكح ، امرأة قد زنى بها ، فقال : « ليردها على الزنا ، فإن فعلت فلا ينكحها ، وإن أبت فلينكحها »
160 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، أن رجلا خطبت إليه ابنة له وكانت قد أحدثت (1) ، فأتى عمر فذكر ذلك له ، فقال : ما رأيت منها إلا خيرا ، فقال : « زوجها ولا تخبر » قال عبد الرحمن : قوله : ما رأيت منها إلا خيرا يعني : بعد الحدث قال أبو عبيد : « وقد يسهل قوم في نكاحها ، وإن لم يظهر منها توبة واحتجوا بحديث يروى مرفوعا في الذي قال له : إن امرأته لا تمنع يد لامس ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم » بالاستمتاع منها « وتأولوه على البغاء ، وهذا عندنا خلاف الكتاب والسنة ؛ لأن الله تبارك وتعالى إنما أذن في نكاح المحصنات خاصة ، ثم أنزل في القاذف لامرأته آية اللعان ، وسن رسول الله صلى الله عليه التفريق بينهما ، فلا يجتمعان أبدا ، فكيف يأمره بالإقامة على عاهرة لا تمتنع ممن أرادها وفي حكمه أن يلاعن بينهما ولا يقره معها قاذفا على حاله ؟ هذا لا وجه له عندنا ؛ ومن الحجة في هذا أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم : » إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ، « ثم قال في الثالثة أو الرابعة : » فليبعها ولو بضفير « فكيف يكره أن توطأ الأمة الفاجرة ويرخص في الإقامة على الزوجة الحرة وهي فاجرة ؟ ، والذي أحمل عليه وجه الحديث أنه ليس يثبت عن النبي صلى الله عليه إنما يحدثه هارون بن رئاب ، عن عبد الله بن عتبة ، ويحدثه عبد الكريم الجزري ، عن أبي الزبير ، كلاهما يرسله ، فإن كان له أصل فإن معناه : أن الرجل وصف امرأته بالخرق وضعف الرأي ، وتضييع ماله ، فهي لا تمنعه من طالب ، ولا تحفظه من سارق ، هذا عندي مذهب الحديث ، وإن كان المعنى الآخر مقولا مستعملا عند الناس ، يريدون بيد اللامس الكناية عن الفرج ، والذي ذهبنا نحن إليه مستغن عن الكفاية ، إنما هو تضييع اليد نفسها ومع هذا أنه أشبه بالنبي صلى الله عليه وأحرى أن يظن بحديثه ، كالذي قال علي ، وعبد الله : إذا جاءكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فظنوا به الذي هو أهدى والذي هو أهنأ والذي هو أتقى ، وقد احتج قوم بقول الله عز وجل : أو لامستم النساء (2) ، فقالوا : ألا ترى أنه قد جعل الجماع لمسا ، فيقال لهم : إن الرجل لم يقل للنبي صلى الله عليه إنها لا تمنع لامسا ، فلو كان الكلام هكذا ما كانت لكم حجة ، ولكنه إنما قال : يد لامس ، ولم يقل : فرج لامس ، وقد قال الله عز وجل : ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم (3) ، فهل لهذا معنى غير اليد المعروفة ، فهذا هو الشاهد أن يد اللامس هي التي تأولنا ، والله أعلم ، وقد وجدنا مع هذا شاهدا في أشعار العرب قال جرير بن الخطفي يعاتب قوما : ألستم لئاما إذ ترومون جاركم ولولا هم لم تدفعوا كف لامس فهذا حجة في كلام العرب مع ما ذكرنا ؛ لأن الشاعر إنما أراد : أنكم لا تمنعون ظالما ولا أحدا يريد أموالكم » قال أبو عبيد : « قد ذكرنا ما في هذه الآية من ناسخها ومنسوخها ، وقد روي عن ابن عباس أنه كان يذهب من تأويلها إلى وجه ثالث »
__________
(1) أحدثت : ارتكبت فاحشة الزنا
(2) سورة : المائدة آية رقم : 6
(3) سورة : الأنعام آية رقم : 7
161 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة (1) الآية ، قال : « هو الجماع حين يجامعها » أخبرنا ع لي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا علي بن عاصم ، عن حصين ، عمن سمع سعيد بن جبير ، يحدث عن ابن عباس ، بذلك
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 3
162 - أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد ق ال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : سمعت عطاء يقول في هذه الآية : « كان بغايا متعالمات في الجاهلية ، بغي آل فلان وآل فلان ، فكن زواني مشركات ، فقال : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة (1) لهن ، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك لهم ، وحرم ذلك على المؤمنين قال : فأحكم الله عز وجل ذلك من أمر الجاهلية بهذا » قال : فقيل لعطاء : أبلغك هذا عن ابن عباس ؟ قال : نعم ، قال أبو عبيد : أيذهب ابن عباس إلى أن قوله : لا ينكح إنما هو الجماع ، ولا يذهب به إلى التزويج ، والكلمة محتملة للمعنيين جميعا في كلام العرب ؟ والله أعلم
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 3