حكمه وقوع النسخ:
1- يحتل
النسخ مكانة هامة في تاريخ الأديان،
حيث أن النسخ هو السبيل لنقل الإنسان إلى الحالة الأكمل عبر ما يعرف بالتدرج في
التشريع، وقد كان الخاتم لكل الشرائع السابقة والمتمم له ما جاء به سيدنا محمد صلى
الله عليه وسلم وبهذا التشريع بلغت الإنسانية الغاية في كمال
التشريع.
وتفصيل
هذا: أن النوع الإنساني تقلب كما يتقلب الطفل في أدوار مختلفة، ولكل دور من هذه
الأدوار حال تناسبه غير الحال التي تناسب دوراً غيره، فالبشر أول عهدهم بالوجود
كانوا كالوليد أول عهده بالوجود سذاجة، وبساطة، وضعفاً، وجهالة، ثم اخذوا يتحولون
من هذا العهد رويداً رويداً، ومروا في هذا التحول أو مرت عليهم أعراض متبانية، من
ضآلة العقل، وعماية الجهل، وطيش الشباب، وغشم القوة على التفاوت في هذا بينهم،
اقتضى وجود شرائع مختلفة لهم تبعاً لهذا التفاوت.
حتى
إذا بلغ العالم أوان نضجه واستوائه، وربطت مدنيته بين أقطاره وشعوبه، جاء هذا الدين
الحنيف ختاماً للأديان ومتمماً للشرائع، وجامعاً لعناصر الحيوية ومصالح الإنسانية و
مرونة القواعد، جمعاً وفَّقَ بين مطالب الروح والجسد، وآخى بين العلم والدين، ونظم
علاقة الإنسان بالله وبالعالم كله من أفراد، وأسر، وجماعات، وأمم، وشعوب، وحيوان،
ونبات، وجماد، مما جعله بحق ديناً عاماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
2- ومن
الحكم أيضاً التخفيف والتيسير: مثاله: إن الله تعالى أمر بثبات الواحد من الصَحابَة
للعشرة في قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا
مِائَتَيْنِ} [ الأنفال:65] ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى :{الآنَ خَفَّفَ
اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ
صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66] فهذا المثال يدل دلالة واضحة
على التخفيف والتسير ورفع المشقة، حتى يتذكر المسلم نعمة الله عليه.
3- مراعات
مصالح العباد.
4- ابتلاء
المكلف واختباره حسب تطور الدعوة وحال الناس