إذا وقع عقد النكاح صحيحاً ترتب عليه كثير من الحقوق بين الزوجين، وهي:
أولاً:
حقوق الزوجة:
للزوجة على زوجها حقوق مالية كالصداق والنفقة، وحقوق معنوية غير
مالية، كالعدل، وإحسان العشرة، وطيب المعاملة. وتفصيل ذلك على النحو التالي:
1-
المهر: وهو حق للزوجة على زوجها؛ لقوله تعالى: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ
نِحْلَةً) [النساء: 4]، وغير ذلك من الأدلة التي سبق ذكرها.
2- النفقة والكسوة
والسكنى: فيجب على الزوج تحصيلها للمرأة؛ لقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ
أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ
وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:
233]. ولقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ
بِمَا
__________
(1) أخرجه ابن حبان برقم (4095)، والحاكم (2/181)، وصححه
على شرط مسلم، وحسنه الألباني (انظر. الضعيفة 3/244).
(2) أخرجه أبو داود برقم
(2106)، وأحمد (1/40)، والترمذي برقم (1114)، وابن ماجه برقم (1887)، وقال
الألباني: حسن صحيح. (صحيح الترمذي برقم 1532). وعَلَقَ القربة: حبلها الذي تعلق
به، فالمراد: تحملت لأجلك كل شيء حتى علق القربة. ويروى بالراء (عَرَق).
(3)
رواه مسلم برقم (1426).
فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34].
ولحديث حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه - رضي الله
عنه - قال: قلت يا رسول الله ما حق الزوجة؟ فقال: (أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها
إذا اكتسيت) (1).
ولحديث جابر رضي الله عنه في خطبة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفيه: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (2).
3- إعفاف
الزوجة بالجماع؛ مراعاة لحقها ومصلحتها في النكاح، ودفعاً للفتنة عنها، لعموم قوله
تعالى: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه) [البقرة:
222].
وقوله تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى
شِئْتُمْ) [البقرة: 223] ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وفي بُضْع
أحدكم صدقة) (3) يعني: الجماع.
4- حسن مَعاشرتها، ومعاملتها بالمعروف؛ لقوله
تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: 19] فيكون حَسَنَ الخلق مع زوجته
رفيقاً بها، صابراً على ما يصدر منها، محسناً للظن بها. قال - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خيركم خيركم لأهله) (4).
5- العدل بين نسائه في المبيت
والنفقة، لمن كانت له أكثر من زوجة؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا
تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً…) [النساء: 3]. وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان للنبي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى
المرأة الأولى إلا في تسع...) (5).
ثانياً: حق الزوج:
وحق الزوج على زوجته
أعظم من حقها عليه؛ لقوله سبحانه (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) [البقرة:
228]، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لو كنت آمراً أحداً
أن
يسجد
لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله، حتى
تؤدي حق زوجها عليها كله) (1).
ومن حقوق الزوج على زوجته:
1- حفظ سره وعدم
إفشائه لأحد؛ لقوله تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ
بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء: 34].
2- وجوب طاعته في المعروف؛ لقوله تعالى:
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34].
3- تمكينه من نفسها
إذا دعاها إلى فراشه، ما لم يكن هناك مانع شرعي؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها،
لعنتها الملائكة حتى تصبح) (2).
4- المحافظة على بيته وماله وأولاده وحسن
تربيتهم، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن
رعيته... والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها) (3). وقوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولكم عليهن أن لا يُوْطئن فرشكم أحداً تكرهونه)
(4).
5- المعاشرة بالمعروف، وحسن الخلق، وكف الأذى عنه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور
العين: لا تؤذيه قَاتَلَكِ الله، فإنما هو دخيل يوشك أن يفارقك إلينا) (5).
والدخيل: الضيف والنزيل.
ثالثاً: الحقوق المشتركة بين الزوجين:
أغلب الحقوق
الماضي ذكرها حقوق مشتركة بين الزوجين، وبخاصة حق الاستمتاع، وما يتبعه من حقوق،
وكذا تحسين كل من الزوجين خلقه
__________
(1) أخرجه ابن ماجه برقم (1852)،
والبيهقي (7/292)، وصحح الألباني إسناده على شرط مسلم (الصحيحة 3/202).
(2)
أخرجه البخاري برقم (5193، 5194)، ومسلم برقم (1436) -122
(3) رواه البخاري برقم
(893)، مسلم برقم (1829).
(4) رواه مسلم برقم (1218).
(5) رواه أحمد (5/242)،
وابن ماجه رقم (2014)، وصححه الألباني (الصحيحة 173).
لصاحبه، وتحمل أذاه ومعاشرته بالمعروف، فلا يماطله بحقه ولا يَتَكَرَّهُ
لبذله، ولا يتبعه أذىً ومنةً؛ لقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
[النساء: 19]، وقوله سبحانه وتعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 228]، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(خيركم خيركم لأهله) (1).
كما يسن للزوج إمساك زوجته حتى مع كراهته لها؛ لقوله
تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء:
19].