والأصل في ذلك والقاعدة: أن كل طعام طاهر لا مضرة فيه فإنه مباح، والأطعمة المباحة
على نوعين: حيوانات ونباتات؛ كالحبوب والثمار، والحيوانات على نوعين: برية
وبحرية.
أولاً: الحيوان البحري: وهو كل حيوان لا يعيش إلا في البحر؛ كالسمك
بأنواعه المختلفة وكذا غيره من حيوانات البحر، إلا ما فيه سُمٌّ فإنه يحرم للضرر،
وكذا يحرم من طعام البحر ما كان مستخبثاً مستقذرا كالضفدع، مع ما جاء من النهي عن
قتله، وكالتمساح؛ لكونه مستخبثاً، ولأن له ناباً يفترس به. لعموم قوله تعالى:
(وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف: 157] ويجوز أكل الحيوان البحري
سواء صاده مسلم أو غيره، وسواء كان له شبه، يجوز أكله في البر أم لم يكن. والحيوان
البحري لا يحتاج إلى تذكية؛ لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ
وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) [المائدة: 96]. قال ابن عباس رضي
الله عنهما: (ألا إن صيده: ما صيد، وطعامه: ما لفظ البحر) (2). ولحديث أبي هريرة -
رضي الله عنه - قال: سأل رجل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به
عطشنا. أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(هو الطَّهور ماؤهُ، الحلُّ ميتته) (3).
__________
(2) أخرجه الدارقطني (4/270). وانظر تفسير ابن كثير (3/189) عند
الآية المذكورة.
(3) أخرجه أبو داود (1/64)، والنسائي برقم (59)، وابن ماجه برقم
(386)، والترمذي برقم (69) وقال: حسن صحيح، ومالك في الموطأ (ص 20)، والحاكم في
المستدرك (1/140) وغيرهم، وصححه الألباني (صحيح سنن النسائي رقم
58).
ثانياً: الحيوان البري: والحلال من الحيوان البري المنصوص عليه يمكن تلخيصه
في الآتي:
أ) الأنعام: لقوله تعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا
دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) [النحل: 5]، وقوله سبحانه: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ
الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) [المائدة: 1]. والمقصود ببهيمة
الأنعام: الإبل والبقر والغنم.
ب) الخيل: لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
قال: (نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم خيبر عن لحوم الحمر،
ورخص في لحوم الخيل) (1).
ج) الضب: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أُكِلَ
الضب على مائدة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) (2). وقوله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كلوا فإنه حلال، ولكنه ليس من طعامي)
(3).
د) الحمار الوحشي: وهو غير المستأنس؛ لحديث أبي قتادة - رضي الله عنه -:
أنه رأى حماراً وحشياً فعقره، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(هل معكم من لحمه شيء؟) قال: معنا رجله، فأخذها، فأكلها. (4)
هـ) الأرنب: لما
رواه أنس - رضي الله عنه - أنه أخذ أرنباً، فذبحها أبو طلحة، وبعث بوركها إلى النبي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقبله. (5)
و) الضبع: لما روى جابر - رضي
الله عنه - قال: سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الضبع،
فقال: (هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده) (6)، أي: وهو محرم، قال
الحافظ
__________
(1) أخرجه البخاري (5520)، ومسلم برقم (1941).
(2) رواه
البخاري برقم (5217)، ومسلم برقم (1945).
(3) متفق عليه: رواه البخاري برقم
(7267)، ومسلم برقم (1944).
(4) متفق عليه: رواه البخاري (6/222)، ومسلم برقم
(1196).
(5) متفق عليه: رواه البخاري (6/231)، ومسلم برقم (1953).
(6) أخرجه
أبو داود برقم (3801)، والترمذي (4/222) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه برقم (3085)
والنسائي برقم (4334)، وصححه الألباني (صحيح سنن ابن ماجه رقم
2522).
ابن
حجر: "وقد ورد في حل الضبع أحاديث لا بأس بها" (1).
ز) الدجاج: لما روى أبو موسى
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: (رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأكل لحم دجاج) (2). ويلحق بالدجاج الأوز والبط؛ لأنهما من
الطيبات، فتدخل في قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) [المائدة: 4].
ح)
الجراد: لحديث عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: (غزونا مع النبي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبع غزوات أو ستاً، كنا نأكل معه الجراد)
(3).