الخيار: أن يكون لكل من البائع والمشتري الحقُّ في إمضاء عقد البيع، أو
فسخه.
فالأصل في عقد البيع أن يكون لازماً، متى انعقد مستوفياً أركانه وشروطه،
ولا يحق لأي من المتعاقدين الرجوع عنه.
إلا أنَّ الدين الإسلامي دينُ السماحة
واليسر، يراعي المصالح والظروفَ لجميع أفراده. ومن ذلك أنَّ المسلم إذا اشترى سلعة
أو باعها لسبب ما، ثم ندم على ذلك، فقد أباح له الشرع الخيار حتى يفكر في أمره،
وينظر في مصلحته، فيقدم على البيع أو يتراجع عنه، على ما يراه مناسباً له.
أقسام
الخيار:
للخيار أقسام، أهمها:
أولاً: خيار المجلس: وهو المكان الذي يجري فيه
التبايع، فيكون لكل واحدٍ من العاقدين الخيار ما داما في مجلس العقد ولم يتفرقا
منه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- قال: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا) (1).
ثانياً: خيار الشرط: وهو أن يشترط
المتعاقدان، أو أحدهما الخيار إلى مدة معلومة، لإمضاء العقد أو فسخه، فإذا انتهت
المدة المحددة بينهما من بداية العقد، ولم يُفسخ صار لازماً.
مثاله: أن يشتري
رجل من آخر سيارة، ويقول المشتري: لي الخيار مدة شهر كامل، فإن تراجع عن الشراء
خلال الشهر فله ذلك، وإلا لزمه شراء السيارة بمجرد انتهاء الشهر.
ثالثاً: خيار
العيب، وهو الذي يَثْبُت للمشتري إذا وجد عيباً في السلعة، لم يخبره به البائع، أو
لم يَعْلم البائعُ به، وتنقص بسبب هذا العيب قيمة السلعة، ويُرجع في معرفة ذلك إلى
أهل الخبرة من التجار المعتبرين، فما عدّوه عيباً ثبت به الخيار، وإلا
فلا.
__________
(1) متفق عليه: رواه البخاري برقم (2110)، ومسلم برقم
(1532).
ويثبت
هذا الخيار للمشتري، فإن شاء أمضى البيع، وأخذ عِوض العيب، وهو الفرق بين قيمة
السلعة صحيحة وقيمتها وهي معيبة، وإن شاء ردَّ السلعة، واسترد الثمن الذي دفعه إلى
البائع.
رابعاً: خيار التدليس، وهو: أن يدلس البائع على المشتري ما يزيد به
الثمن، وهذا الفعل محرم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من غَشَّنا
فليس منَّا) (1).
مثاله: أن يكون عنده سيارة، فيها عيوبٌ كثيرة في داخلها، فيعمد
إلى إظهارها بلون جميل، ويجعل مظهرها الخارجي براقاً حتى يخدع المشتري بأنها سليمة
فيشتريها. ففي هذه الحالة يكون للمشتري الحق في رد السلعة على البائع واسترجاع
الثمن.