1- تعريف التعزير:
التعزير لغة: المنع والرد ويأتي بمعنى النصرة مع التعظيم، كما
في قوله تعالى: (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [الفتح: 9]، فإنه يمنع المعادي من
الإيذاء. كما يأتي بمعنى الإهانة، يقال: عزره بمعنى أدَّبه على ذنب وقع منه، فهو
بذلك من الأضداد. والأصل فيه المنع.
واصطلاحاً: التأديب في كل معصية لا حد فيها
ولا كفارة.
2- حكم التعزير:
التعزير واجب في كل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة
من الشارع، من فعل المحرمات وترك الواجبات إذا رآه الإمام؛ لحديث أبي بردة بن نيار
- رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا يجلد
فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله) (1)، ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - (حبس في تهمة) (2). وكان عمر - رضي الله عنه - يعزر ويؤدب بالنفي،
وحَلْق الرأس وغير ذلك. والتعزير راجع إلى الإمام أو نائبه، يفعله إذا رأى المصلحة
في فعله، ويتركه إذا اقتضت المصلحة تركه.
3- الحكمة من مشروعية التعزير:
شرع
التعزير؛ صيانة للمجتمع من الفوضى والفساد، ودفعاً للظلم، وردعاً وزجراً للعصاة
وتأديباً لهم.
أنواع المعاصي التي توجب التعزير:
المعاصي التي توجب التعزير نوعان:
1- ترك الواجبات مع القدرة على
أدائها؛ كقضاء الديون، وأداء الأمانات
__________
(1) متفق عليه: رواه
البخاري برقم (6848، 6849)، ومسلم برقم (1708).
(2) أخرجه الترمذي برقم (1450)،
وأبو داود برقم (3630) وحسنه الألباني (صحيح الترمذي رقم
1145).
وأموال اليتامى، فإن هذه الأمور ومثلها يعاقب عليها من ترك أداءها حتى
يؤديها، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قال: (مطل الغني ظلم) (1).
وفي رواية: (لَيُّ الواجد يحل عرضه
وعقوبته) (2).
2- فعل المحرمات؛ كأن يختلي رجل بامرأة أجنبية أو يباشرها في غير
الفرج، أو يُقَبِّلها أو يمازحها، وكإتيان المرأة المرأة، ففي هذا وأمثاله التعزير؛
إذ لم يرد فيه عقوبة محددة.
مقدار التعزير:
لم يقدر الشارع حدّاً معيناً في عقوبة التعزير، وإنما المرجع في ذلك
لاجتهاد الحاكم وتقديره لما يراه مناسباً للفعل، حتى إن بعض العلماء يرى أن التعزير
قد يصل إلى القتل إذا اقتضت المصلحة، كقتل الجاسوس المسلم، والمفرق لجماعة
المسلمين، وغيرهما ممن لا يندفع شرهم إلا بالقتل.
أنواع العقوبات التعزيرية:
يمكن أن تصنف العقوبات التعزيرية حسب متعلقاتها على النحو
التالي:
1- ما يتعلق بالأبدان، كالجلد والقتل.
2- ما يتعلق بالأموال؛
كالإتلاف والغرم، كإتلاف الأصنام وتكسيرها، وإتلاف آلات اللهو والطرب وأوعية
الخمر.
3- ما هو مركب منهما؛ كجلد السارق من غير حرز مع إضعاف الغرم عليه، فقد
قضى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على من سرق من الثمر المعلق قبل أن
يؤويه الجَرِينُ: بالحدِّ وغَرَّمَه مرتين. والجرين: موضع تجفيف التمر.
4- ما
يتعلق بتقييد الإرادة، كالحبس، والنفي.
5- ما يتعلق بالمعنويات؛ كإيلام النفوس
بالتوبيخ، والزجر.
__________
(1) رواه البخاري برقم (2400)، ومسلم برقم
(1564).
(2) أخرجه أبو داود برقم (3628)، والنسائي (7/316)، وابن ماجه برقم
(2427)، وصححه غير واحد، وحسنه الألباني. (انظر: صحيح سنن النسائي رقم 4372، 4373).
واللَّيُّ معناه: المطل.