إن للمياه دور فعال في
جميع نواحي الحياة بل وبدونها لا تكون هناك حياة على الإطلاق لقوله تعالى
"..... وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ...."
الأنبياء30 فماذا عن طبيعة المياه وكيفية تكوينها وأماكن تواجدها وكيفية البحث
عنها وأنواعها وغير ذلك من خصائصها.
دورة الماء في
الطبيعة:
تبدأ الدورة من تبخير المياه Evaporationلأسطح البحار والمحيطات
بفعل أشعة الشمس ثم تكثفها Condensationعلى هيئة سحب ثم سقوطها
على هيئة أمطار ولكن هناك عوامل أخرى تدخل في تكوين المياه أيضاً فمنها على سبيل
المثال وليس الحصر مثل الجبال، فالجبال لها دور في تكوين المياه فقمم الجبال
العاتية (الشامخات) تكون باردة فعند اصطدام السحب بها تتكون الشلالات لقوله تعالى
"وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً
فُرَاتًا"المرسلات27.
وأيضاً نجد للرياح دور فهي تعمل بمثابة لواقح للسحب فينتج عنها سقوط
الأمطار لقوله تعالى "وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ"
الحجر22.
وأيضاً تتكون نسبة كبيرة من المياه تصل إلى 70% من خلال البراكين
الصاعدة على ظهر الأرض أو تحت مياه البحار والمحيطات وصدق الله العظيم إذ يقول
"وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا
وَمَرْعَاهَا (31)". النازعات.
وإنه بعد سقوط الأمطار يحدث أن تتشبع الصخور المسامية بالماء وبعد تخزنه
داخل خزانات Aquifersوتعرضه لضغوط الطبقات التحت سطحية فإنه يمكن للماء أن يتسرب إلى سطح
الأرض خلال الصدوع والفوالق على هيئة ينابيع وصدق الله العظيم إذ يقول
"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ
يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ
ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ" الزمر21.
أو أن يخزن (يسكن) في الأرض على صور متعددة منها خزانات المياه الجوفية
وفى هذا يقول الله تعالى "
وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ
وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ"المؤمنون18.
الشكل التالي يبين دورة المياه في الطبيعة
والعجب كل العجب أن نجد بعض آبار المياه الجوفية تكون على أعماق
عميقة وهذا ينطبق مع قوله تعالى" قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ"
الملك30، فيجب علينا شكر الله تعالى وإلا تحول الماء العذب إلى ماء مالح لقوله
تعالى"لَوْ
نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ" الواقعة70 .
طرق تكوين
المياه في الطبيعة:
1- وهج الشمس
(حرارة الشمس) :
إن أشعة الشمس الساقطة على أسطح البحار والمحيطات والبحيرات والأنهار
تقوم بعملية تبخير المياه فيتصاعد إلى أعلى الغلاف الجوى فيتكسف على هيئة سحب
وعندما يقابل منطقة باردة فتسقط الأمطار. يقول عز وجل: (وَجَعَلْنَا
سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً) (سورة
النبأ)
2-
الرياح:
وللرياح دور فعال في عملية تلقيح السحب حيث إنها تكون محملة بالغبار
وذرات الملح الناعمة والتي تتكثف حولها قطرات الماء وبالتالي تتكون شحنات كهربية
موجبة وأخرى سالبة مما ينتج عنه برق ورعد ثم سقوط أمطار. يقول عز وجل:
(اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ
فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ
مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ
يَسْتَبْشِرُونَ) الروم.
وتأمل معي
المراحل التي حددتها الآية الكريمة:
ـ إرسالُ
الرياح:لترفع ذرات الماء من البحار إلى الجوّ.
ـ إثارة
السحاب:من خلال تلقيحه وتجميعه.
ـ بسطُ
السحاب:من خلال الحقول الكهربائية.
- جعلُه
كِسَفاً:أي قطعاً ضخمة وثقيلة.
- نزول
الودْق:وهو المطر.
3- الجبال:
عند اصطدام السحب بقمم الجبال الشاهقة الباردة تتولد السيول منهمرة إلى
أسفل الجبال مكونة الأنهار ومنها ما يتخلل الصخور ذات نفاذية ومسامية مكونة المياه
الجوفية. يقول تعالى:
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء
فُرَاتاً) [المرسلات:
4- البراكين:
البراكين الصاعدة على ظهر الأرض أو تحت قيعان البحار والمحيطات فإنها
تكون محملة بنسبة كبيرة تصل إلى حوالي 70% مياه والباقي عبارة عن مكونات صخرية.
يقول الله تعالى:(أخرج منها
ماءها ومرعاها) [النازعات: 31].
5- الينابيع
Springs
إن المياه المتخللة داخل الطبقات التحت سطحية والمتكونة على هيئة خزانات
جوفية تكون تحت ضغط تلك الطبقات من جميع الجهات، فعند حدوث فالق في تلك الطبقات
فإنها تندفع إلى أعلى السطح مكونة فيما يعرف بالينابيع Springs.
وصدق الله العظيم إذ يقول "أَلَمْ تَرَ
أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ
ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ
مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي
الْأَلْبَابِ" الزمر21
ويعبر عن المياه التي تسرى ذاتياً وباستمرار من الطبقات التحت سطحية إلى
الطبقات السطحية بالينابيع أو العيون.
وتنقسم
الينابيع إلى عدة أنواع أهمها :
أ- ينابيع
الانخفاضات Depression
Springs
وهذه تتكون عندما يتقاطع سطح الأرض في منخفض مع سطح الماء الأرضي
Water Tableولذلك فتسمى أيضاً ينابيع
مستوى الماء الأرضي وعادة ما يكون تصرف هذه الينابيع صغيرا ومحكوما بنفاذية التكوين
الحامل للماء .
ب- ينابيع
التلاقي Contact
Springs
وهذه تتكون عندما تتقابل الطبقة غير المنفذة والحاملة لطبقة الماء
الأرضي مع سطح الأرض. وتتكون هذه الينابيع عادة عند سفوح المرتفعات وهي قليلة
التصرف محدودة السريان.
ج – الينابيع
الارتوازية Artesian
Springs
وتتكون عندما يجد الماء المحصور بين طبقتين غير منفذتين والواقع
تحت ضغط ارتوازي منفذاً لهذا الضغط نتيجة لضعف في الطبقة غير المنفذة أو لوجود صدع
فيها. وتكون سرعة السريان في هذه الينابيع ومعدلات التصرف كبيرة
.
د- ينابع
الشقوق Fractured
Springs
وهذه نتيجة لصدع يمتد في القشرة الأرضية وتتميز بمياه معدنية بصورة
واضحة.
ج – الينابيع
الحارة Thermal
Springs
وهذه تحدث نتيجة للغازات وللحرارة تحت سطح الأرض والتي يتولد عنها
ضغوط كبيرة ومنها الينابيع الفوارة ( المراجل ) Geyserوالتي يتدفق منها الماء في
صورة نافورة إلى سطح الأرض على فترات .
6- المياه
الجوفية:
إن تصرف مياه الأمطار داخل الطبقات التحت السطحية تكون خزانات مياه
جوفية وبالتنقيب عليها بواسطة عمليات الاستكشاف والحفر فإنه يمكن استخدامها لأغراض
الشرب والري وغير ذلك من الاستخدامات حسب درجة العذوبة
والملوحة.
يقول الله تعالى "
وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ
وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ"المؤمنون18.
أنواع خزانات
المياه الجوفية
(1) الخزان
الجوفي الحر Unconfined
Aquifer
ويحد هذا الخزان طبقة صماء من أسفله أما أعلاه متصلاً اتصالاً مباشراً
بالضغط الجوى ويحده المستوى المائي الأرضي من أعلاه وتتصل هذه الطبقة اتصالا وثيقا
بسطح الأرض حيث تتأثر بمياه الري والأمطار.
(2) الخزان
الجوفي المحصور Confined
Aquifer
الشكل التالي يبين بعض الخزانات الجوفية
ويحد الطبقات الحاملة للمياه من أسفل ومن أعلى طبقات صماء غير منفذة للمياه وبهذا
تكون المياه داخل الخزان تحت ضغط كبير وتكون بهذا معزولة عن المياه السطحية ومصدر
هذه المياه عادة يكون بعيداً جداً. وإذا كان الضغط البيزومترى لهذه الطبقات أعلا من
سطح الأرض قيل عن الخزان بأنه خزان ارتوازي Artesian
Aquiferوالآبار الارتوازية تندفع منها المياه دون الحاجة لاستخدام مضخات ويوجد
مثل هذه الخزانات بالصحارى المصرية مثل الوادي الجديد.
(3) الخزان
شبه المحصور Semi Confined
Aquifer
وفيه إحدى الطبقات التي تحده من أعلى أو من أسفل ذات نفاذية ضئيلة ومنه
تتسرب المياه إلى الطبقات الخارجية أو اليها.
(4) الخزان
الجوفي المعزول Perched
Water
الخزان
الجوفي المعزول
وهو نتيجة للتراكيب الجيولوجية وتوجد ارتفاعات وانخفاضات في الطبقات غير
المنفذة فعند الانخفاضات تحتجز المياه الجوفية وفى هذه الحالة يكون الخزان الجوفي
محدود وغير متصل بأي خزانات أخرى ومصدرها عادة أما سطحي أو نتيجة للتسرب البطئ من
خزانات أخرى تحته.
(5) الخزان
الأثري Connate
Water
وهذه المياه الجوفية عادة تكون محتجزة لحظة تكوين الصخور أو منذ إنشائها
وهذه المياه عادة ليس لها أي اتصال أو مصادر خارجية.
(2) استكشاف
المياه الجوفية
إن لمسامية ونفاذية صخور القشرة الأرضية دور فعال في تكوين
المياه الجوفية فمن خلال تلك الخاصتين تجد المياه السطحية (مثل مياه الأمطار) مسلك
لتكوين خزانات مياه بداخل هذه الصخور ويمكن لهذه المياه الجوفية مرة أخرى تجد
مسلكاً آخر إلى السطح عبر الينابيع أو أن تشقق الأرض عنها عن طريق عمليتي البحث
والتنقيب ويقول الحق( تبارك وتعالي(.. وإن من
الحجارة لما يتفجر منه الأنهار, وإ ن منها لما يشقق فيخرج منه
الماء..)البقرة:74)
يتم استكشاف المياه الجوفية بعدة طرق جيوفيزيقية ومن أهمها الطرق
الكهربية Electric Methods