عن أنس بن مالك
ـــ رضي الله عنه ـــ قال: أتين النساء النبي صلى الله عليه وسلّم وقلن: يا رسول
الله، ذهب الرجال بالفضل من الجهاد في سبيل الله، وما لنا عمل ندرك به عمل
المجاهدين في سبيل الله، قال: مهنة إحداكن في بيتها تدرك بها عمل المجاهدين في سبيل
الله.
وعن أسماء
بنت أبي بكر ـــ رضي الله عنهما ـــ قالت: «تزوجني الزبير، وما له في الأرض من مال
ولا مملوك، ولا شيء غير فرسه، قالت: فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤونته، وأسوسه، وأدق
النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقي الماء، وأخرز قربه، وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، فكانت
تخبز لي جارات من الأنصار، وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى في أرض الزبير ـــ التي
أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلّمـ على رأسي، وهي مني على ثلثي
فرسخ.
قالت: فجئت يوماً، والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله صلى الله عليه
وسلّم ومعه نفر من أصحابه، فدعاني، ثم قال: أنخ، ليحملني خلفه، قالت: فاستحييت أن
أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، قالت: وكان أغيَر الناس، فعرف رسول الله صلى
الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى.
فجئت الزبير، فقلت: لقيني رسول الله صلى
الله عليه وسلّم وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب معه، فاستحييت،
وعرفت غيرتك. فقال: والله لحملك النوى كان أشد عليّ من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل
إليّ أبو بكر بعد ذلك بخادم، فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني».