أصول فقه الشيعة
الرافضة لهم في دينهم عقليات وشرعيات([1])
الرافضة لهم في دينهم عقليات وشرعيات فالعقليات متأخروهم فيها على مذهب المعتزلة، إلا من تفلسف منهم فيكون إما فيلسوفًا أو ممتزجًا من فلسفة واعتزال ويضم إلى ذلك الرفض.
وأما شرعياتهم فعمدتهم فيها على ما ينقل عن أهل البيت ...
لكن كثيرًا مما ينقل عن أهل البيت كذب، والرافضة لا خبرة لها بالأسانيد والتمييز بين الثقات وغيرهم([2]).
عمدتهم في التفسير
الرافضة لا تعتني بحفظ القرآن ومعرفة معانيه وتفسيره وطلب الأدلة الدالة على معانيه.
ومن صنف منهم في تفسير القرآن فمن تفاسير أهل السنة يأخذ كما فعل الطوسي والموسوي والمراد بأهل السنة في هذا الموضع من يقر بخلافه الثلاثة. فالمعتزلة داخلون في أهل السنة وهم إنما يستعينون في التفسير والمنقولات بكلام المعتزلة، وكذلك بحوثهم العقلية فما كان فيها من صواب فإنما أخذوه عن أهل السنة، والذي يمتازون به هو كلامهم في ثلب الصحابة والجمهور ودعوى النص ونحو ذلك مما هم به أخلق وهو بهم أشبه([3]).
عمدتهم في الحديث
وأما في الحديث فهم من أبعد الناس عن معرفته لا إسناده ولا متنه، ولا يعرفون الرسول وأحواله، ولهذا إذا نقلوا شيئًا من الحديث كانوا من أجهل الناس به، وأي كتاب وجدوا فيه ما يوافق هواهم نقلوه من غير معرفة بالحديث.
ولو أنهم ينقلون ما لهم وما عليهم من الكتب التي ينقلون منها مثل تفسير الثعلبي وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل وفضائل الصحابة لأبي نعيم وما في كتاب أحمد من زيادات القطيعي وزيادات ابن أحمد لانتصف الناس منهم، لكن لا يصدقون إلا بما يوافق قلوبهم([4]).
عمدتهم في الفقه
وأما الفقه فهم من أبعد الناس عن الفقه، وأصل دينهم في الشريعة هي مسائل ينقلونها عن بعض علماء أهل البيت كعلي بن الحسين وابنه أبي جعفر محمد وجعفر بن محمد وهؤلاء y من أئمة الدين وسادات المسلمين، لكن لا ينظرون في الإسناد إليهم هل ثبت النقل عنهم أم لا؛ فإنه لا معرفة لهم بصناعة الحديث والإسناد، ثم الواحد من هؤلاء إذا قال قولاً لا يطلبون دليله من الكتاب والسنة ولا ما يعارضه ولا يردون ما تنازع فيه المسلمون إلى الله ورسوله كما أمر الله به ورسوله، بل قد أصَّلوا لهم ثلاثة أصول:
1-أن كل واحد من هؤلاء إمام معصوم بمنزلة النبي لا يقول إلا حقًا، ولا يجوز لأحد أن يخالفه، ولا يرد ما ينازعه فيه غيره إلى الله والرسول فيقولون عنه ما كان هو وأهل بيته يتبرءون منه.
2-أن كل ما يقوله واحد من هؤلاء فإنه قد علم منه أنه قال أنا أنقل كل ما أقوله عن النبي r([5]) وياليتهم قنعوا بمراسيل التابعين كعلي بن الحسين؛ بل يأتون إلى من تأخر زمانه كالعسكريين فيقولون كل ما قاله واحد من أولئك فالنبي قد قاله.
وكل من له عقل يعلم أن العسكريين بمنزلة أمثالهما ممن كانوا في زمانهما من الهاشميين ليس عندهم من العلم ما يمتازون به عن غيرهم ... فيريدون أن يجعلوا ما قاله الواحد من هؤلاء هو قول الرسول r الذي بعثه الله إلى جميع العالمين بمنزلة القرآن والمتواتر من السنن، وهذا مما لا يبني عليه دينه إلا من كان من أبعد الناس عن طريقة أهل العلم والإيمان.
3-أن إجماع الرافضة هو إجماع العترة، وإجماع العترة معصوم. والعترة عندهم هم الاثنا عشر. ويدَّعون أن ما نقل عن أحدهم فقد أجمعوا كلهم عليه.
فصارت هذه الأقوال التي فيها صدق وكذب على أولئك بمنزلة القرآن لهم وبمنزلة السنة المسموعة من الرسول وبمنزلة إجماع الأمة وحدها([6]).
وكل عاقل يعرف دين الإسلام وتصور هذا فإنه يمجه أعظم مما يمج الملح الأجاج والعلقم، لا سيما من كان له خبرة بطرق أهل العلم، لا سيما مذاهب أهل الحديث وما عندهم من الروايات الصادقة التي لا ريب فيها عن المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى
والمدعون إجماع العترة يدعون ذلك في مسائل لا نص فيها، بل النص على خلافها، فصاروا لذلك لا ينظرون إلى دليل ولا تعليل؛ بل خرجوا عن الفقه في الدين، كخروج الشعرة من العجين.
ومن توابع ذلك أنهم إذا اختلفوا في مسألة على قولين وكان أحد القولين يعرف قائله والآخر لا يعرف قائله فالصواب عندهم القول الذي لا يعرف قائله. قالوا لأن قائله إذا لم يعرف كان من أقوال المعصوم فهل هذا إلا من أعظم الجهل؟!
وكذلك لا يعتمدون على القياس وإن كان جليًا([7]).
مصنفاتهم في الخلاف وأصول الفقه، والأحوال والزهد
والرقائق والعبادات والدعوات وغير ذلك
وإذا صنف واحد منهم كتابًا في الخلاف وأصول الفقه كالموسوي وغيره؛ فإن كانت المسألة فيها نزاع بين العلماء أخذوا حجة من يوافقهم واحتجوا بما احتج به أولئك، وأجابوا عما يعارضهم بما أجاب به أولئك، فيظن الجاهل أن هذا قد صنف كتابًا عظيمًا في الخلاف والفقه والأصول، ولا يدري الجاهل أن عامته استعارة من كلام علماء أهل السنة الذين يكفرهم ويعاديهم.
وما انفردوا به فلا يساوي مداده، فإن المداد ينفع ولا يضر، وهذا يضر ولا ينفع.
وإذا كانت المسألة مما انفردوا به اعتمدوا على تلك الأصول الثلاثة التي فيها من الجهل والضلال ما لا يخفى.
وكذلك كلامهم في الأحوال والزهد والرقائق والعبادات والدعوات وغير ذلك.
وكذلك إذا نظرت ما فيهم من العبادات والأخلاق المحمودة تجده جزءًا مما عليه الجمهور([8]).
الشيعة كل ما خالفو فيه أهل السنة كلَّهم فهم مخطئون فيه
الله تعالى قد ضمن العصمة للأمة فمن تمام العصمة أن يجعل عددًا من العلماء إذا أخطأ الواحد في شيء كان الآخر قد أصاب فيه حتى لا يضيع الحق؛ ولهذا لما كان في قول بعضهم من الخطأ مسائل كان الصواب في قول الآخر؛ فلم يتفق أهل السنة على ضلالة أصلاً.
وأما الشيعة فكل ما خالفوا فيه أهل السنة كلهم فهم مخطئون فيه، كما أخطأ اليهود والنصارى في كل ما خالفوا فيه المسلمين.
فالإمامية لا يرجعون في شيء عما ينفردون به عن الجمهور إلى حجة أصلاً لا عقليه ولا سمعية ولا نص ولا إجماع([9]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) وتقدم أن اعتقادهم لم يتلقوه عن أهل البيت وإنما يزعمون أنهم تلقوا عن الأئمة الاثني عشر الشرائع.
([2]) ج (3) ص (40) ج (1) ص (19).
([3]) ج (3) ص (246، 240) ج (1) ص (356، 275).
([4]) ج (3) ص (264).
([5]) وأما دعوى المدعي أن كل ما أفتى به الواحد من هؤلاء فهو منقول عنده عن النبي r فهذا كذب على القوم y فإنهم كانوا يميزون بين ما يروونه عن النبي r وبين ما يقولون وغير ذلك، وكان علي رضي الله عنه يقول إذا حدثتكم عن رسول الله r فوالله لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إليّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة. (ج 1 ص 307).
([6]) الضمير يعود إلى الأقوال.
([7]) ج (3) ص (264، 40، 41) ج (3) ص (204، 174، 265) ج (2) ص (309، 310) ج (1) ص (19، 305).
([8]) ج (3) ص (246).
([9]) ج (2) ص (112) ج (4) ص (233).