حديث
النملة
خرج سليمان يوما على صهوة جواد أشهب وعن يمينه
فرسان الانس على خيول حمر, وعن يساره فرسان الجن على خيول سود, وخلفه المشاة الذين
لا يحصى عددهم من الانس ومردة الجن, وانتشرت الطيور جماعات في السماء, تحجب أشعة
الشمس المحرقة عن هذا الجيش العظيم الذي لم ير الناس مثله.
تحرّك الجيش الى الجنوب وظل أيام يضرب في مجاهل
الصحراء حتى أشرف على وادي النمل فقالت نملة:
{
يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون}
النمل 18.
سمع سليمان عليه السلام قولها, وفهم حديثها,
فتبسّم ضاحكا من قولها وقال:
{
ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا
ترضاه}.
النمل
19.
أحسّ سليمان بالمعجزة التي أنعم الله بها عليه
وهي أنه يسمع قول نملة في باطن الأرض لا ترى بالعين المجرّدة ويفهم لغتها, ذلك أمر
لا يؤتى لأحد غير سليمان عليه السلام وبمشيئة الله وقدرته عز وجل.
أمر سليمان عليه السلام فضربت الخيام, واستراح
الجيش أمام وادي النمل يوما وليلة, ولمّا تهيأ الجيش بعد ذلك للرحيل, جمع فتات
الطعام, فاتخذ النمل طريقه اليه ينقله الى بيوته, وتحوّل جيش سليمان عليه السلام
الى طريق آخر في الصحراء, فظلوا سائرين فيها ليالي وأيّاما, ولم يصادفوا واحة
ينزلون بها, أو عينا يشربون منها حتى نفذ ما كان معهم من الماء, وأقبل السقاؤون على
سليمان يخبرونه حقيقة الأمر.