بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاتهأبو
عبيدة بن الجراح روي عن أنس
أن رسول الله
قال عن
أبي عبيدة بن الجراح
(
إنه أمين هذه الأمة)). الأمين
هنا هو الثقة والأمانة صفة لكل صحابة رسول الله
, وإن كان لكل صاحب من أصحاب
النبي
سمة
اختصه بها رسول الله
,
فقد وصف عثمان بن عفان
بالحياء وعلياً
بالقضاء وقال عن أبي بكر
(
لو كنت متخذاً خليلاً لكان أبا
بكر)). إنه أول من لقب بأمير الأمراء. يلتقي نسبه مع رسول الله
في فهر
"اسم
أحد جدوده" كان إسلام أبي عبيدة في بداية
الإسلام حين دعاه أبو بكر إلى دين الله ثم هاجر إلى الحبشة واشتاق إلى رسول الله
,فعاد
مسرعاً ليسعد بصحبته ثم هاجر إلى المدينة وآخى النبي
بينه وبين سعد بن معاذ .
غزوة بدركانت بطولة أبي عبيدة بن الجراح يوم بدر حتى إن
المشركين كانوا يبتعدون عنه في أرض المعركة إلا أن أحدهم وكان فارساً أصر على
التصدي له فهجم عليه أبو عبيدة فقتله وكان هذا الفارس الذي قتله أبو عبيدة هو أباه
.
القرآن يتلى فيهرضي الله تعالى عن أبي عبيدة فقد أنزل الله سبحانه
وتعالى فيه قرآناً يقول تعالى وهو أصدق القائلين
(
لا تجد
قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو
أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه
ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب
الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)) [ المجادلة : 22 ] .
موقعة أحديوم أحد لما عصى الرماة أمر رسول الله
, وهجم
المشركون على المسلمين فاستشهد من المسلمين مَن استشهد وكسرت رباعية النبي
, وشج في
وجهه وكان الدم يسيل على وجهه ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته الشريفة قام أبو
عبيدة ونزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجنة رسول الله
, نزعهما عن النبي
بفمه
فسقطت ثنتاه .
غزوة ذات السلاسلأرسله رسول الله
في مدد إلى عمرو بن العاص في
غزوة ذات السلاسل وقال لعمرو بن العاص
(
إن
رسول الله
قال لي"لا تختلفا"
والله إنك إن عصيتني يا عمرو فإني أطيعك حباً في رسول الله
))
فقال عمرو
(
أنا الأمير أنت مدد لي)) فقال أبو
عبيدة
(
لك ما شئت)) .
أمين هذه الأمةنزل وفد نجران المدينة فقابلهم أبو عبيدة ودعاهم إلى
الإسلام فأبوا ولكنهم سألوا عن عيسى عليه السلام فنزلت الآية الجليلة
(
إن
مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)) [ آل عمران :
59 ] . ولكنهم قالوا لرسول الله
(
إنا
نعطيك الجزية وابعث معنا رجلاً أميناً)) فقال رسول الله
(
قم
يا أبا عبيدة بن الجراح)) فلما قام قال رسول الله
(
هذا
أمين هذه الأمة))
"رواه
البخاري" .
جهادهاشترك في كل الغزوات مع رسول الله
حتى توفي
, أما في يوم السقيفة فقد جمع
شمل المسلمين على أبي بكر ولقد كان له موقف عظيم حين ولاه عمر بن الخطاب
لواء
المسلمين في حصار دمشق فكتم الخبر عن خالد بن الوليد الذي كان يقود جيش المسلمين
حتى انتهت المعركة فعلم خالد فجاءه متعجبًا منه وهو يقول له
(
يغفر
الله لك أتاك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلماذا لم تخبرني؟ وقد صليت خلفي وأنت
القائد والأمير؟))فقال له أبو عبيدة
(
لا عليك يا أخي
ما كنت لأكسر عليك حربك فو الله إني ما أريد سلطان الدنيا فكل ذلك سيصير إلى زوال
وإنما نحن إخوان بأمر الله عز وجل)) .
كان الفرسان من خيرة شباب المسلمين يفرحون ويسعون إلى
أن يكونوا تحت قيادته في الحروب, فقد روي أن خالد بن سعيد ذهب إلى أبي بكر الصديق
يطلب أن ينضم إلى جيش أبي عبيدة رافضاً أن يكون في جيش ابن عمه يزيد بن أبي سفيان .
أمير الشامكانت أكبر جيوش الإسلام الجيش الذي تولاه أبو عبيدة
بالشام عتاداً وعدداً وكان أهل الشام قد بهرتهم شخصيته وحلمه ورفقه وسعة صدره وحبه
للإسلام. وحين قيادته للجيوش قام فيها خطيباً وبعد ما أثنى على الله وحمده قال
لهم
(
إنني مسلم من قريش والله لو أن فيكم من أحد يفضلني
بتقوى إلا ووددت لو كنت في سلاخه"أي
في جلده")) ولقد كان لصفاته التي أحبها أهل
الشام أثر كبير في تسليم بعض مدن الشام له صلحاً بدون حرب .
فتحه اللاذقيةكانت اللاذقية بسوريا ببلاد الشام محصنة ولها باب عظيم
لا يستطيع أحد اقتحامه فأمر أبو عبيدة بحفر حفائر عظيمة يستطيع الفارس المسلم
المحارب أن يختفي داخلها وهو على فرسه وأظهر المسلمون أنهم عائدون إلى ديارهم وفي
ظلام الليل تسلل المسلمون واستروا في تلك الحفائر وفي الصباح خرج أهالي اللاذقية
وهم يظنون أن المسلمين قد انصرفوا عنهم, حين خرج أهالي اللاذقية فوجئوا بالمسلمين
يصيحون بهم ويخرجون عليهم وبهذا فتحت اللاذقية .
اليرموكقبل معركة اليرموك توجه أبو عبيدة ومعه يزيد بن أبي
سفيان وبعض المسلمين إلى القائد الرومي ودعوه إلى الإسلام ودعا أيضاً الرسول الرومي
الذي أرسله إليه وزير ملك الروم إلى الإسلام فأسلم .
فلسطينوجاء دور فلسطين ـ بيت المقدس ـ وكان الحصار العظيم
حتى طلب الأساقفة منه أن يصالحهم على أن يكتب الصلح أمير المؤمنين ويسلم إليه مفتاح
المدينة . وحضر عمر
,
كما عرفنا في تاريخ عمر من قبل .
عمر وأبو عبيدة ومعاذ والمالإنه كان من الفئة التي تحدث عنها القرآن فقال تعالى
(
ويؤثرون
على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) [ الحشر : 9 ] .
فقد ذهب عمر بن الخطاب يوماً إلى منزل أبي عبيدة فلم
ير عنده إلا لبدا وصفحة وقربة ماء وهو أمير. فتعجب عمر وسأله
(
أعندك
طعام؟)) فأحضر أبو عبيدة له بعض كسرات من الخبز فلما عاد عمر إلى داره أخذ
من بيت مال المسلمين أربعمائة دينار ووضعها في صرة وأرسلها مع غلامه إلى أبي عبيدة
وطلب منه أن ينظر ماذا يفعل بها ويأتيه بالخبز . فجاءه الغلام بعد وقت قصير يخبره
أنه قسَّم المبلغ وأرسله إلى عدد كبير من الناس المستحقين للمال .
ونفس هذا الموقف النبيل فعله أيضاً الصحابي الجليل
معاذ بن جبل حين أرسل إليه عمر بن الخطاب
أربعمائة دينار مع غلام. فقام
بإنفاقها جميعاً على من يستحقها من الناس . وقالت زوجت معاذ
له
(
إنك
تنفق المال الذي أرسله لك أمير المؤمنين على المساكين ونحن أهل بيتك أيضاً مساكين
فلم لم تعطينا بعضه؟)) فكان ما تبقى دينارين فأعطاهما لها.
هكذا كان الصحابة رضي الله عنهم وصلى الله على إمامهم
وقدوتهم وأسوتهم محمد عليه الصلاة والسلام .
***رضي الله عن أبو عبيدة بن
الجراح وعن
صحابة رسول الله
وعن
التابعين**