حال العبد في الفاتحة
فينبغي بالمصلي أن يقف عند كل آية من
الفاتحة وقفة يسيرة ، ينتظر جواب ربِّه له ، و كأنه يسمعه و هو يقول : "
حمدني عبدي " إذا قال : { الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ}.
فإذا قال : { الرَّحمن الرَّحيم }
وقفَ لحظة ينتظر قوله : " أثنى عليَّ عبدي ".
فإذا قال : {مالكِ يومِ الدِّينِ }
انتظر قوله : " مجَّدني عبدي ".
فإذا قال : { إيَّاك نَعبدُ و إيَّاك
نَستعين } انتظر قوله تعالى : " هذا بيني و بين عبدي ".
فإذا قال : {اهدِنا الصِّراط
المُستقيم } إلى آخرها انتظر قوله : " هذا لعبدي و لعبدي ما قال ".
و مَن ذاق طعم الصلاة عَلِمَ أنه لا
يقوم مقام التكبير و الفاتحة غيرهما مقامها ، كما لا يقوم غير القيام و الركوع و السجود
مقامها ، فلكلٍّ عبوديته من عبودية الصلاة سرٌّ و تأثيرٌ و عبودية لا تحصل في
غيرها ، ثمَّ لكل آية من آيات الفاتحة عبودية و ذوق و وجد يخُصُّها لا يوجد في
غيرها.
فعند قوله : { الحمد لله رب العالمين
} تجد تحت هذه الكلمة إثبات كللّ كمال للرب و وصفا و اسما ، و تنزيهه سُبحَانه
و بحمده عن كلِّ سوء ، فعلاً و وصفاً و اسماً ، و إنما هو محمود في أفعاله و
أوصافه و أسمائه ، مُنزَّه عن العيوب و النقائص في أفعاله و أوصافه و أسمائه.
فأفعاله كلّها حكمة و رحمة و مصلحة و
عدل و لا تخرج عن ذلك ، و أوصافه كلها أوصاف كمال ، و نعوت جلال ، و أسماؤه كلّها
حُسنى.